Al-Watan (Saudi)

جذور اقتصادية لاضطرابات إيران

- جيمس س. روبينز*

يثير اندلاع الاحتجاجات في شوارع طهران في الأيام الأخيرة تساؤلات حول ما إذا كان هذا سيكون مجرد اضطرابات مؤقتة أو علامة على تغييرات أكثر أهمية في المستقبل. يوم الإثنين الماضي، هاجمت الشرطة في طهران المتظاهرين أمام البرلمان الإيراني، ووردت أنباء عن وقوع اشتباكات في مدن أخرى. ويقال إن هذه أكبر احتجاجات في شوارع طهران منذ تلك التي وقعت بين عامي 2009 و2012، وتبعتها اضطرابات مماثلة في أواخر ديسمبر وأوائل يناير. والسبب المباشر لتلك الاحتجاجات هو الانهيار التدريجي للعملة الإيرانية والتضخم السريع، حيث فقد الريال الإيراني نصف قيمته مقابل الدولار في العام الماضي، ومعظم الخسائر التي حدثت في الشهرين السابقين. ويرجع هذا جزئيا إلى قرار الرئيس الأميركي ترمب بالانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015، وتجديد العقوبات ضد إيران. وتجري إعادة فرض الجزاءات على مرحلتين تنتهيا في أغسطس ونوفمبر على التوالي. ويعني ذلك تشديد الخناق. في الثلاثاء الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنها تتوقع من الشركات التي تشتري النفط الإيراني إيقاف جميع المشتريات من إيران بحلول الموعد النهائي في نوفمبر. ولقد ولّد هذا الإعلان الطلب على الدولارات داخل إيران، حيث يسعى الناس إلى التحوُّط ضد الاقتصاد المنهار. حاول النظام في طهران تفادي التراجع في أبريل بفرض قيود على العملة، لكن هذا جعل الوضع أسوأ ودفع المزيد من التجارة إلى السوق السوداء. وفي الوقت نفسه تقريبا، حظرت إيران تطبيق الرسائل المشفرة Telegram الشهير كوسيلة لتشديد الرقابة على الاتصالات الخاصة. تستخدم Telegram من قبل حوالي نصف السكان وتلعب دورا اقتصاديا مهما كأداة رئيسية للخدمات المصرفية والتجارة والمعاملات الخاصة. ومع ذلك، فإن قمع محركات النمو هذه في الاقتصادات الرسمية وغير الرسمية للبلد لا يؤدي إلا إلى جعل الحياة اليومية أكثر سوءا، بينما يحاول الإيرانيون التعامل مع الأعباء التي تفرضها الجزاءات الدولية الجديدة. كما أشار المتظاهرون الحكومة إلى مغامراتها الخارجية في سورية وأماكن أخرى. إن دعم النظام المستمر للمنظمات الإرهابية الأجنبية وحكومة الأسد في دمشق يحولان الأموال والموارد التي يقول منتقدون إنه من الأفضل إنفاقها في الوطن. أثارت الاحتجاجات الدورية الواسعة النطاق في شوارع إيران منذ عام 2009 أملا في التغيير، لكن في كل مرة تمكّن النظام من قمع تلك الاضطرابات والعودة إلى العمل كالمعتاد. ما إذا كانت هذه الجولة من الاحتجاجات مختلفة لتبقى مرئية، لكن بينما يوسِّع الملالي من الوصول إلى مزيد من الصراعات الأجنبية، حيث تصبح طهران أكثر عزلة على الصعيد الدولي، ومع استمرار الاقتصاد الإيراني في الانحدار، فإن الإيرانيين سوف يتساءلون أكثر عما يحدث لهم. وعندما تأتي الإجابة عن أن »لا شيء،« إيجابيا سيحدث، لا بد أن يأتي التغيير.

* كبير زملاء شؤون الأمن القومي في مجلس السياسة الخارجية الأميركية في واشنطن – مجلة (ناشونال إنترست) الأميركية

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia