Al-Watan (Saudi)

المرأة السعودية وقيادة السيارة

-

بعد أن دخل قرار السماح للمرأة السعودية بقيادة السيارة حيز التنفيذ، تكون المرأة السعودية قد حطّت رحالها خلف مقود سيارتها، بعد رحلة طويلة من التطلع لنيل هذا الحق، والذي نالته بفضل القرار التاريخي الحكيم الذي صدر من قيادة المملكة، إذ تم تمكينها من هذا الحق ضمن رؤية سديدة، لها أهدافها الوطنية ذات البعد الاجتماعي والاقتصادي، والمتوافقة مع مبادئ الشريعة الإسلامية الغراء، وضوابطها وأحكامها.

ومع تفعيل هذا القرار، تنتهي النظرة السوداوية للمملكة من أنها تصادر حقوق المرأة، وبالتالي يخسأ كل الأعداء المتربصين بالمملكة، والذين لا يكفون عن استغلال مثل هذه الجوانب والخصوصيات لتشويه سمعة المملكة، ووصفها بالتشدد والتخلّف والانغلاق، والبعد عن مواكبة التطورات والتغيرات المتسارعة على كل الأصعدة الحاصلة في عالم اليوم.

ربما ما زال بعضنا غير مؤيد لهذا القرار، ويحاول النظر إليه من جوانب ضيقة وغير واقعية. وإذا تأملنا في هذا الأمر، وجدنا أن من يعارض قيادة المرأة للسيارة، فإن معارضته ليست إلا امتدادا لنظرته القاصرة للمرأة ككل، وخروجها ومشاركتها في العمل والبناء والتنمية، وكل الحقوق التي يمكن للمرأة نيلها، وإن كانت ضمن الضوابط الشرعية والاجتماعي­ة.

وحقيقة الأمر -وليس تعصبا للمرأة- إن قرار تمكينها من قيادة السيارة، يُعدّ قرارا تاريخيا حكيما في مختلف جوانبه، رغم أن بعضهم ينظر إلى هذا الأمر بامتعاض واستنكار، وكأننا لسنا جزءا من هذا العالم.

فها هي المرأة تقود سيارتها بكل حرية في كل بلدان العالم، منها البلدان العربية والإسلامية حولنا، ولا نجد هذا الأمر غريبا أو مستهجنا، ولم نسمع عن أي جوانب سلبية يمكن أن نبني عليها ريبتنا، واستنكار بعضنا للأمر.

كما لا يخفى على الجميع أن هذا القرار الحكيم جاء مواكبا للتغيرات الكبرى التي تشهدها المملكة ضمن رؤية 2030، وله جدواه الاقتصادية قبل كل شيء.

فحسب بعض الدراسات الاقتصادية، سيوفر هذا القرار على الأسر السعودية كثيرا من النفقات، فهي تنفق 25% من دخلها على السائقين، إذ يعمل في المملكة حوالي مليون و300 ألف سائق، يتقاضون حوالي 16 مليار ريال سنويا. فضلا عن جوانب أخرى مثل الانضباط الوظيفي، وسرعة إنجاز الأعمال، وغيرها.

كما أن لهذا القرار جوانب اجتماعية مهمة، لأن خروج المرأة وهي تقود سيارتها بنفسها أفضل من خروجها برفقة السائق الأجنبي مثلا.

على كلٍّ، أعتقد أننا إذا حكّمنا عقولنا ولم نتعصب لعواطفنا المستندة إلى معطيات واهية وظنية، ونظرنا إلى العالم من حولنا، وأخذنا الأمر من جميع جوانبه، سنجد أنه أمر طبيعي ولا بد منه، وأن هذا هو أنسب وقت لتمكين المرأة من قيادة السيارة، وسنجد مع مرور الوقت أن هذا الأمر سيغدو طبيعيا جدا وعاديا، وسننسى جميعا كل ما أثير حوله، وسنجد أننا نعطي بعض الأمور جدلا أكثر مما تستحق.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia