Al-Watan (Saudi)

طالبات الابتعاث نموذج مشرف

-

كلنا نعلم أن الظروف القاسية هي أمر طبيعي في حياة الإنسان.. ولذلك أي شخص، سواء رجل أو امرأة، عندما يفكر بتحقيق حلم ما من أول الأشياء التي تتبادر إلى الذهن هي تقدير حجم الصعوبات التي قد تواجهه، وقد تكون عائقا في تحقيق هذا الحلم وكيفية التغلب على هذه الصعوبات.

خلال ست سنوات قضيتها في فترة الابتعاث من البديهي والمسلم به بأن نواجه كمبتعثين ومبتعثات العديد من الصعوبات والمشكلات التي تمثل تحديات في تحقيق أهدافنا الخاصة، وكذلك المشتركة في تمثيل وطننا خير تمثيل، وخلال هذه الفترة عايشت العديد من الخبرات الجميلة والمؤلمة، وليس هناك أصعب من اغتيال شهيدة الوطن ناهد المانع -رحمها الله- على يد المجرم العنصري جيمس إتفيلد في مدينة كلوشستر عام 2015. الأشياء الجميلة كثيرة ورائعة تحكي وتوضح مدى ما وصل له شباب وشابات الوطن الغالي من تميز في كل شيء، فتجد التميز الأكاديمي، والمشاركات الإيجابية في المؤسسات الخيرية المجتمعية، وكذلك المساهمات المعنوية والمادية للأقليات المسلمة في تلك البلدان. ولكن ما اعتبره أكثر جمالا بالنسبة إليّ هو اكتشاف الطاقات والقدرات العالية لبنية الوطن، وكيف أنها استطاعت التغلب على مختلف الظروف لتحقق الإنجاز تلو الآخر.

عايشت الكثير من حالات أخواتي المبتعثات، سواء بجامعتي التي كنت أدرس بها أو الجامعات الأخرى، كيف كانت تقوم بمسؤولياته­ا كأم وزوجة، إضافة إلى مهمتها الرئيسية في بلد الابتعاث وهي الدراسة لدرجات عليا تتطلب الجهد والعمل الكبير الشاق لتحقيق هذه الدرجة العلمية، بل إن بعضهن وليست حالات قليلة تكون الجامعة التي تدرس بها تبعد من ساعتين إلى ثلاث ساعات عن المدينة التي تعيش فيها، وتضطر لاستخدام القطار للالتزام بحضور المحاضرات والاجتماعا­ت مع المشرف الأكاديمي. وقد يسأل البعض عن عدم دراستها بجامعة في المدينة التي تسكن بها، أقول ذلك يعود إلى اعتبارات معينة منها الارتباط بمدارس الأطفال، عقد إيجار المنزل، أو الظروف المادية وأمور إدارية تخص الملحقة الثقافية، كل هذه الأمور وغيرها تجبر الطالب والطالبة المبتعثين على الدراسة في جامعة خارج المدينة التي يسكنون بها.

أعود وأقول بأن الابتعاث كشف بشكل كبير إبداعات وتميز بنات وطني في مختلف الجوانب، والذي جعلني دائما أشعر بنشوة الفخر بما يقدمونه مقارنة بقريناتهن من مختلف الجنسيات، رغم ما ذكرت من الظروف والصعوبات التي يواجهنها، ولا أنسى تلك اللحظة حين تكريم المتميزين والمتفوقين من المبتعثين والمبتعثات بسفارة خادم الحرمين الشريفين بلندن في عام 2016 كان العدد الأكبر من المبتعثات وكانوا حاصلين على جوائز علمية عالية في تخصصات الطب والعلوم، وبعضهن كن ممثلات للجان علمية ببعض الجامعات البريطانية.

حقا يجب أن نفخر ونتفاخر ببنات الوطن المبدعات، وأن نتفاءل بمستقبل الوطن الذي سيكون مبهرا -بإذن الله- من خلال الإسهامات التطويرية التي سوف يقدمنها إلى جانب إخوانهن شباب الوطن.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia