Al-Watan (Saudi)

تكاتف المجتمع ومؤسساته أمام التحرش

- سليمان العيدي

العيسى أكد أن الوزارة عازمة على إطلاق برنامج ضخم لمكافحة التحرش والخطف، ومعالجة القضايا والمشكلات التي طرأت على العملية التربوية

وقفت ذات يوم جوار إحدى المدارس في قائظة شديدة الحرارة أيام الاختبارات، ولاحظت مشهد طالب يقف إلى جواره أستاذ، تأكدت فيما بعد أنه أحد مدرسي هذه المدرسة، فشكرته لموقفه النبيل مع هذا الطالب الصغير، فحكى لي قصة اكتشفت بعدها أن وزارة التعليم حريصة على موضوع غفلنا عنه سنوات طويلة، بحجة العيب والستر على أولاد الناس. هذا الموضوع هو ما أقلق الدوائر الاجتماعية والمؤسسات التعليمية، وعٌقدت من أجله ورش العمل، ألا وهو خطف الأطفال والتحرش، الذي يقع أحيانا مع نهاية أعمال اليوم الدراسي، وسرعة خروج الطلاب والطالبات، وضعف الرقابة الوالدية من الأسرة وأبنائها الذين تهاونوا في هذا الموضوع الخطر، ألا وهو موضوع كيف نحمي أبناءنا من التحرش أو الخطف الذي بدت له ملامح وحضور في وسائل الإعلام الجديد، وإن كان -ولله الحمد- لم يصل إلى حد الظاهرة، لكن مؤشرات علماء النفس والاجتماع، ونتائج العيادات النفسية تؤكد أن هذا الأمر لا يجب السكوت عنه، ولهذا دُعيت ذات يوم إلى ورشة عمل عقدتها وزارة التعليم، حضرها لفيف من الزملاء الإعلاميين، وعلماء الطب النفسي، ورجال التربية بحضور وزيرها الحبيب الدكتور أحمد العيسى، الذي أكد خلال لقائه بالجميع أن الوزارة عازمة على إطلاق برنامج ضخم لمكافحة التحرش والخطف، ومعالجة القضايا والمشكلات التي طرأت على العملية التربوية، وبجهود رجال التربية والإعلام معا.

وأكد أن وسائل الإعلام اليوم لها دور كبير في التوعية تجاه الأسُر التي بالتأكيد لها دور فاعل في المحافظة على أبنائها بعد مغادرة المدرسة، ولهذا كان في الورشة إشارة من أحد المتحدثين وهو الأستاذ عبدالله العتيبي الذي أكد أن المشكلة تحدث خارج المدرسة، لأن المدرسة تُعدّ مسؤولة عن الطالب حتى يُغادر، وبعدها تأتي مسؤولية الأسرة والمجتمع معا، ولهذا ينشط تجار المخدرات وعمالة الخطف والشباب الضائع الذي يربك الهدوء المدرسي، فتظهر مشكلة ما خارج أسوار المدرسة، كما حكى ذلك لي أحد مشرفي المدرسة الواقفين على بوابات المدارس، ولهذا أقترح هنا التأكيد على ضرورة وجود الحراسات الطلابية والأمن والسلامة جوار مدارسنا أسوة بحراسة الأموال.

فالأنفس والطلاب والطالبات أهم وأغلى من المال، ولا يكلف ذلك شيئا، وقد عملت بعض المدارس الخاصة سيارات متنقلة حول المدارس حتى يغادر جميع الطلاب ويصلوا إلى منازلهم، ولفت انتباهي أيضا في هذه الورشة، حرص وزارة العمل والتنمية الاجتماعية على ضرورة الرفع من مستوى التكامل المجتمعي، للمحافظة على أبنائنا من شرور الطريق، وشُذّاذ المجتمع بكل أسف الذين يتربصون بأبنائنا وقت خروجهم من المدارس، وذلك بحجة إيصالهم إلى أهلهم، أو مساعدتهم على النزهة أو تناول وجبة غداء، ثم يقع هؤلاء فَريسة لهم، ولهذا تطالب التنمية الاجتماعية المدارس ودور التعليم بالإسهام في التعاون معها في علاج هذه المشكلة التي ينعكسُ أثرها على الطالب أو الطالبة والأسرة معا، بعد وقوع الخطف أو التحرش، لا قدَّر الله.

كما أن مسؤولية الإعلام كبيرة، وذات بُعد مهم في كشف ألاعيب هؤلاء الشُّذاذ وفسقة الطريق، وإيقاع أشد العقوبات من دوائر المجتمع الأمنية، كإمارات المناطق والشُّرط، وبيان حقيقة ذلك عبر وسائل الإعلام والتواصل، لا على سبيل الإثارة وإنما بالتوعية وتنبيه الأسرة إلى دورها في المحافظة على أبنائها من كيد هؤلاء، والإبلاغ عن المشكلة لو وقعت، ومعالجتها قبل أن تستفحل.

وقى الله أبناءنا وبناتنا من كل شرور المتربصين بهم، وشكرا لوزارة التعليم هذه اللفتة ومتابعة قضايا التربية بين فترة وأخرى، والله الهادي إلى طريق الرشاد.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia