حادثة سوق عكاظ
لم أستغرب ذلك الهجوم الذي شنّه البعض على سوق عكاظ، وعلى حفلاته الغنائية، بعد حادثة حفلة الفنان ماجد المهندس، والتي تعدّ حادثة فردية تمثل من قامت بها.
عدد الحاضرات في مسرح سوق عكاظ كان بالمئات، والحاضرات كن في غاية الالتزام والذوق واحترام المكان، ولكن كل ذلك لم يمنع البعض من تعميم فعل تلك الفتاة صاحبة الحادثة على كل السعوديات، وكأن ذلك السلوك الذي قامت به تلك الفتاة هو سلوك يمثل جميع السعوديات!
هؤلاء يعيشون حالة مدهشة من التناقض في التعامل مع أحداث مجتمعنا، فقد قالوا عن النساء اللاتي قدن السيارات -بعد تطبيق قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة- بأنهن قلة ولا يمثلن السعوديات، إذ أصبح التعميم عندهم أمرا مزاجيا!
حادثة سوق عكاظ حالة فردية، قامت بها فتاة لا نعلم عن ظروفها، ولا عن دوافع ما قامت به، ولكن هذا لا يعطي الحق لأحد في الإساءة إليها، وقد تابعنا -وللأسف- عددا من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، والذين أطلقوا على تلك الفتاة أوصافا غير لائقة، لا يقبلها دين ولا عقل ولا ذوق.
أما عن تصنيف الحادثة بأنها حالة تحرش، أو أنها غير ذلك، فهذا من اختصاص الجهات المعنية، المخولة بالتحقيق مع أطراف الحادثة، ولا يحق لأي أحد أن ينصّب نفسه قاضيا ليحكم على تلك الفتاة من مجرد مقطع أو صورة. كما أنه من الظلم اختزال سوق عكاظ بفعالياته وجهود منظميه في تلك الحادثة الفردية.
يجب ألا نحمّل الأمور أكثر مما تحتمل، وعلينا الحذر من أصحاب نظرية »التعميم«، والذين منهم من أصبحت وظيفته في هذه الحياة التقاط السلبيات وتضخيمها إلى مستوى تختفي عنده كل الإيجابيات. ولا عزاء هنا لمن يركبون كل موجة، ويسيرون بكل اتجاه، ويفكرون بعقول غيرهم، فقد كشفتهم لنا مواقع التواصل الاجتماعي، إذ أصبحنا نرى لأحدهم رسالتين متناقضتين؛ الأولى يهاجم فيها تلك الفتاة ويكيل لها التهم، ثم يتبعها برسالة ثانية يدعو فيها إلى عدم التعرض للناس أو قذفهم!.