Al-Watan (Saudi)

كان المهندس سعد إبراهيم الفƩياض أخا كريما وزميلا عزيزا، ترافقنا سنين طويلة تجاوزت علاقتنا فيها حدود العمل إلى مودة أخوية، كان حسنا خلُقُه، وطƩيبا فعاله لم يُخلƨف موعدا أبدا

-

مقارنة ببقية المعرض.

وأكدنا له أننا سنكون جاهزين، وأن طبيعة المعرض وتركيزه على إبداعية المقتنيات تتطلب نمطا مختلفا من العمل. لاحظنا بعض الشك على وجهه -حفظه الله- داراه بتوجيهنا بالحرص على إكمال العمل. وقبيل الافتتاح كانت له زيارة أخرى رأى فيها اكتمال العمل، ورأى ببراعة أن هذا الجناح هو التقديم الأفضل للمملكة، والتفت إلى الأمير بندر بن سلطان السفير السعودي هناك قائلا »سنبدأ الجولة من هنا.«

وكان ذلك يعني إعادة ترتيب بأشد مما لقيه من ترحاب حين توليه منصبه. ولعل ذلك كان طبعه في كل مواقع عمله، إذ استطاع بمثابرته وحرصه على الاختلاف الإيجابي أن يحقق نجاحات مختلفة. إلا أن قدرته على تلقّف القلوب كانت خاصة، فهو لا يتصنع المجاملة ويفرط في الصراحة، ويتقن الحسنى ويحبّ بصدق، ويكره دون انتقام. وكانت لديه القدرة على الإمساك بمسار الحديث وتطويعه حين يخرج عن إطاره. وكان يخرج عن تقليدية التفكير في كثير من الأحيان لنجد -وأحيانا بعد سنوات- أنه كان على حق.

ظللنا نلتقي بعد خروجه من العمل الحكومي، وإن بمعدل أقل مما نعلم أن قلوبنا تشتاقه، ولكنه عبث الانشغال بالحياة. وفي عيد الفطر الماضي كتبتُ له رسالة تهنئة فردّ بأجمل منها، فاتصلت به مُعلِما أن الرسائل كانت مجرد خطوة لا تُغني عما هو أهم منها.

وتحدثنا وحين لات انتهاءٌ، اتفقنا على أنه حان الوقت للقاء، والموعد بعد العودة إلى الرياض. ودون سابق تفكير حلَّ عليَّ طيفه بشدة عصر الثلاثاء الماضي وعزمت على الاتصال به فور وصولي إلى المكتب. وغاب ذلك الوعد مع كثير مما ضاع من وعود للنفس. وصباح الخميس صادفت رسالة أنذرَت بما أخشى لأفزع بآمالي لا إلى الكذب، ولكن إلى الصدق الذي لا يمكن تكذيبه.

نعم.. نعم، هو من رحل، صباح الأربعاء 12 ذو القعدة 1439 إلى رضوان الله في اطمئنان واعتداد، كما كان يتمنى دوما أن يموت. وأسِفتُ بحرقة أني لم أدرك شرف الصلاة عليه، ومرافقته إلى حيث مثواه المُنتظِر.

كان المهندس سعد إبراهيم الفيّاض أخا كريما وزميلا عزيزا، ترافقنا سنين طويلة تجاوزت علاقتنا فيها حدود العمل إلى مودة أخوية، كان حسنا خلُقُه، وطيّبا فعاله، ووضوحا نفسُه مثار استمرارها. لم يُخلِف موعدا أبدا. فكيف ولماذا هذه المرة رحل قبل أن نلتقي كما وعد!.

أطرقتُ وأنا أبتلع دمعة تلو دمعة: ما هكذا يا سعد!.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia