هندسة الأمل وجغرافيا النجاح
لا شك أن اليأس من أحبط المحبطات التي تغرق الإنسان في أعماق بعيدة من آبار الفشل وهوات التدني والسقوط. وللأخذ بالأحوط واستشراف المآلات قبل أخذ القرارات، لا بد من التنبه إلى جغرافيا طرق النجاح وخرائط الفوز التي يخطط لها مهندسو قناطر الفلاح والتوفيق والنجاح على أنهار وخلجان الرسوب والفشل والإخفاق.
يذهب نورمان كازنس، وهو كاتب ومحام وصحفي أميركي غني عن التعريف، إلى نفس هذا المعنى في حكمة رائعة قائلا »أجمل وأروع هندسة في العالم، أن تبني جسرا من الأمل على نهر من اليأس«. ولا غرو أن المتأمل في مقولات هذا الصحفي الناجح يستخلص من مقولاته وكتاباته أنه من مهندسي النجاح بلا منازع، كيف لا وهو من خبر جغرافيا الأمل حتى نال الاعتراف من العديد من المؤسسات الدولية بخبرته في صنع السلام، فمن أقواله في نفس المضمار:»لماذا الخوف؟ والشمس لا تظلم في ناحية إلا وتضيء في ناحية أخرى«. معلما إيانا أن أبواب الفرج متعددة كما علمنا إياها الإرث الديني والتركة الحضارية الحِكَمية.
لا غرو أن مقياس الآمال يختلف باختلاف الإرادات والهمم القوية أو الضعيفة، ودرجات الاختلاف بينها كثيرة ومتعددة، لذلك فالخبراء في جغرافيا النجاح يتحدثون عن أهمية التعلق بالآمال الكبيرة، فهذا توماس أديسون ينبهنا إلى أن »الآمال العظيمة تصنع الأشخاص العظماء«، كما أن الفرص المتاحة أمامك والعقبات التي تعترضك كلها ينبغي أن تتحول إلى مطية لتحقيق الآمال الكبيرة، فهذا روبيرت شولر عالم التنمية البشرية الأميركي من أصل هولندي يسوق هذا المعنى قائلا »ليس المهم ما يحدث لك، بل المهم ما الذي ستفعله بما يحدث لك« وإلى نفس المغزى يشير بونابارت نابوليون حين قيل له يوما إن جبال الألب شاهقة وإنها قد تمنع تقدمه وجيوشه، أجاب جوابا عميقا بقوله: يجب أن تزول هاته الجبال من الأرض، في إشارة إلى أن الإرادات القوية لا يعترضها شيء، وهذا ما نراه يتحقق فعلا عندما نتجول بالديار الغربية، يحار العقل في كيفية شق الممرات السريعة في أضخم الجبال وحفر أكبر الأنفاق تحت الأرض مهما كانت الأحجار قوية، وبناء أكبر عدد من الطبقات تحت أرضية مجهزة بجميع المرافق من محلات تجارية وسكك حديدية ودرج اصطناعية لتسهيل المرور السريع الأشخاص والقطارات.
وإذا تأمل الباحث في طرق التوفيق وسبل الفلاح لاح له يقينا أن روح الشباب ينبغي أن تصحب الإنسان في قراراته فلا تجد الأعذار إليه سبيلا، وهو نفس المرمى الذي أومأ إليه جون ناريمور حين كتب معبرا »يصبح الإنسان عجوزا حين تحل الأعذار محل الأمل.«