العدل وحقوق المرأة

تحدثت في مقال سابق بأن »إسقاط الولاية مخالفة للشرع والفطرة«، وذكرت في آخر المقال أن من يستغل الولاية بظلم أو جورٍ، فإننا في بلد يحكم بالشرع والعدل، ولله الحمد. وأن القضاء كفيل بمعاقبة كل مخطئ وظالم، ونزع الولاية منه إذا لزم الأمر.

الحقيقة التي لا بد أن ندركها -وكي نكون أكثر إنصافا- هي أن بعضا ممن يطالبون بإسقاط الولاية من الفتيات المظلومات أو المعنفات، لا يقصدون إسقاطها جملة وتفصيلا، ولكنهم يطالبون بأبسط حقوقهم في التعليم وإكمال الدراسة، وعدم العضل في الزواج وإجبار الفتاة على من لا ترغبه ومنعها من الكفء، وكذلك حقها في الميراث والوظيفة، والبعض الآخر يطالب بتعديل سنّ الرشد بالنسبة لسفر المرأة وتنقلاتها، وتمكينها من العلاج واستخراج الوثائق بنفسها.

ويتساءل آخرون عن الإجراء المناسب في حال رفض ذوي الفتاة استلامها من دور رعاية الفتيات عند انتهاء محكوميتها، هل تخرج بنفسها أم لا؟، والحال كذلك في رفض خروجها من المستشفى.

وزارة العدل مشكورة لها جهود جبارة تشكر عليها في كثير من المجالات، خصوصا تلك القرارات العدلية العشرين التي أقرتها مؤخرا، والتي تصب في مصلحة المرأة، وتعزز حقوقها في النفقة والحضانة والزواج، وتجريم العضل ونزع الولاية ممن لا يستحق، وغيرها من الحقوق، وننتظر منها مزيدا.

من هذا المنبر، أوجّه نداء للمسؤولين بالنظر إلى ما يلحق الضرر بالمرأة في نظام الولاية القائم، ومراجعته من لجنة مكوّنة من مختصين في الشريعة والقانون وعلم الاجتماع، تقوم على دراسته وتقويمه دراسة شاملة وعميقة من كل الجوانب، وتعديل ما يمكن تعديله أو إلغاء ما يمكن إلغاؤه من فقرات وُضِعت من باب الاجتهاد والاحتراز والعادات الاجتماعية، بشرط عدم مصادمتها نصوص الشرع الثابتة في الكتاب والسنّة، والتي بلا شك نتبعها ونتمثل لها ولا يمكن أن نتجاوزها، بل ونطالب بتثبيتها، وكذلك بشرط عدم إخلالها بمنظومة الأسرة والمجتمع والقيم الحميدة.

وكلنا أمل في المسؤولين، ومن بيده الأمر، لسن أنظمة صارمة ورادعة وواضحة، تجعل كل وليٍّ تسول له نفسه التسلط والاستبداد، الكفَّ والتراجع قبل أن يُقدِم على أي خطوة، ولتكفل حصول المرأة على حقوقها التي كفلها الشرع، بعيدا عن القهر والظلم، وبعيدا عن عادات وتقاليد ما أنزل الله بها من سلطان، ولقطع الطريق على كل من يستغل هذا الموضوع للإساءة إلى الدين أو إلى بلادنا، حفظها الله.