Al-Watan (Saudi)

ا حملحةميد رحلت جسدا وبقيت علما

Http://www.alwatan.com.sa/info/neqashat.htm

-

قبل ما ينيــف عن ثلاثة عقود، كان مجلس والدي -رحمــه الله- وتحديدا بعد صــلاة المغرب، في معظــم أيام الأسبوع، يســتقبل ويضم بين جنباته نخبة من أعيــان ومثقفي أبها، وكانت تلك الاستضافة تُحدث شيئا من الإزعاج لإخوتي، إذ إنها تلزمنا بخدمة الضيوف مــن تقديم القهوة والشــاي وتجهيز وجبة العشــاء أحيانا، وهذا يتعارض مع برامج التلفزيون واللعب والمذاكرة، ولكننــي كنت أنا بالــذات أنتظر تلك الأمسيات بشوق ولهفة، فما كان يدور في فضاءاتها من نقــاش وحوار، وفي كل المجالات الأدبية والإنســان­ية، تعتبر -ليافع مثلي- مدرســةً نموذجيه ذات طابع خاص، مدرســة لا تتقيد بمنهج واحد أو فكر وأيديولوجي­ة جامدة، بل كانت كمثل نهر غزير متدفق يزيد ولا ينضب، تتجــدد أوردته وشرايينه كل يوم، كنت في قمة الاســتمتا­ع والإثارة وأحيانا الدهشــة، كنت أعَدّ نفسي من أســعد الناس وأوفرهم حظا، في نيل تلك الفرصــة التي لا تتكــرر كثيرا، صحيح أنني كنت أعاني بدنيا من فترة الوقوف طويلا وأنا أسكب القهوة لهم، خصوصا إذا علمنا أن مجرد الجلوس لثوان للراحة يعدّ -في عرف ذاك الزمنسقطة وعيبا لا تستطيع تحمل عقابه، فكنت أنسى مــا أنا فيه مــن معاناة البدن بمــا كان عليه عقلي وفكري، من حالة تجلّ وتلقّ ونهم شــديد لما أسمع وأرى، من إثراء تسهم في إيجاده قامات وشــخصيات تعدّ -آنــذاك- الصفوة الفكرية والمحــرك الحقيقي للحركة الثقافية في المنطقة.

كل تلك الذكريــات عاودتني عندما تلقيت نبأ وفاة الأديب الرائد الشــيخ محمد عبدالله حميد، رحمه الله.

كان هذا الرجل أحد فرســان تلك الأمســيات الخالدة، كمــا كان لاحقا الفارس الأول والأنبــل للأدب، وقائدا لكتيبــة النهضة والطفــرة الأدبية في منطقة عسير، وتجلى ذلك عندما أسهم مع والده -رحمهما الله- في تأســيس نــادي أبها الأدبي نهاية التســعينا­ت الهجرية من القرن الماضي.

ومنــذُ تلك اللحظــة حدثت توأمة خالــدة بــين الرائد والمولــود الأدبي الحديث، توأمة ارتبطــت برباط أزلي مقدس، لــم ينفك حتى اليوم، وغدا إلى ما شاء الله.

ولن أبالــغ إن قلت إن الكيانات هي من تصنع الإنســان وتؤسس لمجده، ولكن الأمــر اختلف مــع ابن حميد والنادي، فالراحل هو الأب الروحي لهذا الكيان منذُ أولاه عنايته واهتمامه، ولم يبخل عليه بإبداعاته منذُ ولادته، حتى أصبــح يافعا وكيانا قويا يشــار إليه بالبنان، بل أصبــح لاحقا أهم وأنجح الأندية الأدبية في المملكة.

هو ببســاطة من صنع هوية هذا الكيان، وحــدد اتجاهاتــه، وجعله عملا مؤسســاتيا متكاملا، وأوجد له إستراتيجية واضحة وشفافة، وبنى له سورا عاليا من الصعب تعاليه والعبث بمقدراته.

وخلال تلك الفــترة الذهبية، بلغت أنشــطة النادي وإصداراتــ­ه الأدبية المتنوعة، رقما قياسا يصعب تجاوزه، جعله مرنــا وأبعده بمهــارة عن كل عوامل الجمــود والتكــرار والروتين والتقليد.

كانت تلك التوأمة -وخلال ما يقارب ثلاثة عقود- غنيــة وزاخرة بالألأحداث بالأحداث والتحديات، فمن سى ينسىفترة الثمانينات الميلاديــ­ة، من ن القرنالمــ­اضي، والتي شهدت ذروة بما ســمى يســمىبالص­حوة، وكيف كان ســدا منيعا نيعا وجبلا وجبلالاشام­خا تحطمت عند سفحه كثيريركثير من المؤامرات والاتهامــ­ات، ودســائســ­ائسالتشــك­يكالتشــكي­ك وتزييف الحقائق، وكان نبربراس نبراس الملمجلةال­مجلة وما أحدثته نافذة ضيئة مضيئةوشلال­الالاوشلال­ا هادرا جرفت أمامها كثيرا من العقبات، إحدى أسلحته الحضارية في ذلك الوقت.

وهنــا، لــن لم أتكلمعن ابــن حميد الكاتب المميز، اراته فإصداراتهو­إرثه الأدبي والصحفي ســتلقى من يشبعها نقدا ودراســة، ولكنني سأسلط الضوء على ابن حميد الإنسان، فهذا الرجل ينتمي إلى أسرة كريمــة، منحهــا الله كثيرا من الصفات الحميــدة، فهم يتمتعون بقدر غير عــادي من دماثــة الخلق وحســن التعامل والتواضع الشديد، كما أن حب العلــم والتعلم يجري في دمائهــم، والحصول على الشــهادات العليا والدرجات العلمية البارزة، ديدن ومتلازمة في هذه الأسرة. هم ببســاطة أسرة علم وأدب أكثر من أي شيء آخر، كما أجزم أن صفحاتهــم الاجتماعية تخلو من أي سطر لمشاحنة اجتماعية أو تكديــرصفو تكديــرصفو­لأي كائــن من كان. ولأن صفاته الحميــدة كثر، فلن أذهب إلالالالال­الا إلا لذكر ثلالاثثلاث منها، لالالا يختلف عليها اثنان ممــن عرفوه حــق الملمعرفة،المعرفة، فقد كان -رحمــه الله- يتصف با لحكمــة و ا لحلــم والأنــاة، وهذه وربي صفات يحبها الله ورسوله، كما اشتهر عنه -كباقي أفراد أسرتهحســن المعشر ودماثة الخلق، فمن منا ينسى طلعته الباســمة ومبادرته أي شخص يقابله بقوله »هلا بالحبيب،« ولا يجب أن نســقط جزئيــة التفاؤل والتمســك بالأمل، ولعل هذا تجلى في الفترة الأخيرة، فقد صُدم -رحمه اللهبفقــد­ان رفيقة دربــه، وابنه الحبيب -رحمهم الله- خــلال فترة وجيزة في الوقت الــذي كان يعاني فيه من حالة صحية حرجة، فلنا أن نتخيل أن نجد إنســانا لديه كل ذلــك، ويتمتع بتلك الروح الملململمض­يئة المضيئة بأنوار الألأملالأ­مل وإشعاعات التفــاؤل فيفيفيفيفي أيامــه الألأخــير­يرة،الأخــيرة، إذ ظل متمســكا بتلابيب الحيــاة بكل قوة، ولكن المــوت كان أقوى ليفارقنا تاركا لنا العبرة في قوة الإيمــان والجَلَد على المصائب، ولأن الفقيد كان ذا كاريزما خاصة من الصعب تكرارها، ولأن تلك الشــخصية غارقة في إخلاصها وحبها لدينها ووطنها، فقــد تعددت أدواره ليكون رجل دولة من طراز نادر، ولعل أبرزهــا أن يكون من الطليعة الأولى في مجلسَي المنطقة والشورى، كما كان في شــخصيته المتجردة والمتفردة نبراسا من الصعب النأي به ليكون مستشارا غيريرغير معلن لولاة الألأمرالأ­مر في كل المجالات.

وأخيرا، لست متشــائما أو مبالغا إن قلــت إن مثل ذلــك العََعلم العَلم يصعب تعويضه، لألأنــهلأ­نــه باختصار أمة اختزلت فيفيفيفي رجل، ونهضة أدبية وفكرية شاملة دارت فيفيفيفيفي فلك جهبــذ، ولكن العزاء أن إرثــه الضخم وتأثيراتــ­ه الممتدة والخالدة، سترترترترس­مسترسم طريقا وتعمر منهجا لململمــنل­مــن أراد أن ينهل من معينٍٍينينينمعينٍ لالالا ينضب، وحتى وإن رحل جســدا. رحمــك الله يا

أبا عبدالله.

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia