Al-Watan (Saudi)

غيشاكوربي قامة سامقة وقيمة مثلى

-

بالأمس القريب، فجعت منطقة عسير بفقد واحد من أشهر أعلام مسيرة الإبداع والتنوير فيها على مدى عدة عقود، ولم تكن صفة »الأديب« التي لازمت فقيدنا الأديب محمد بن عبدالله الحميد قاصرة على امتهانه حرفة الأدب والمنتج الثقافي والفكري فحسب، بل كانت في الحقيقة صفة شمولية للشــخصية في قناعاتها وأخلاقها وتعاملاتها، التي أضفت عليه هذا القــدر من المحبــة والتقدير لدى الخاصة وفي العموم.

أعزي نفسي وإياكــم في رحيل هذه القامة الســامقة والقيمة المثلى، التي لا توفيها فصاحة الكلمات، ولا تحيط بها أبلغ العبارات، ولا غرو في ذلك، ففقيدنا العزيز ينتمــي إلى أسرة توارثت الأدب كابرا عن كابر جيــلا بعد جيل، حيث كان والده الشيخ عبدالله الحميد رئيس بلدية أبها آنذاك قــد نال جائزة الدولة التقديرية في الأدب، وها هو ابن الفقيد الدكتور عبداللــه يتخصص في الأدب ويبدع شــعرا، وها هي قصيدته البارة العصماء في رثاء والــده الفقيد، بقدر ما أشاعت في النفس من شجن بقدر ما اســتفزت قلمي ليدلي بما يدري، وأعلم أنه قليل من كثــير، وأقر بعجز جهدي المقل عن الإحاطة بهذه السيرة العطرة، ولكن كما تقول الحكمة ما لا يدرك كله لا يترك جله أو حتى ما تيسر منه.

ولن تنسى عســير عــبر أجيالها أن محمد عبدالله الحميد كان مثالا يحتذى به إن في مســار عمله الحكومي، أو في مسار رعايته للأدب والثقافة من خلال رئاســته لنادي أبها الأدبي، الذي أحرز في عهده المركــز الأول بين أندية المملكة مــرارا، كما كان للنــادي دور هام في الوقائع الثقافيــة لمهرجانات الصيف، وأصدر النادي العديد من كتب مشاهير الكتاب والأكاديمي­ين.

وفي المجمــل اكتســب النادي تحت رئاســته ســمعة طيبة على المستويين المحلي والعربي، وكم من كبار المشاهير لبى دعــوة النادي فحــضر وحاضر وناقش جمهور النادي.

ولقد كان هــذا الأديب شريكا فاعلا في اللجنة التحضيرية لتأسيس صحيفة »الوطن« في مرحلتيه، وهي الصحيفة التي ينتظر قراؤهــا مقاله فيها حيث يناقش قضايا الوطن والثقافة والأدب بعقل الخبير المستنير.

هذه بعض عــبرات متواضعة جاد بهــا القلم وعن القصــور اعتذر، هي قطرة في نهــر غزير بالعلم والعمل، كم ارتوى منه من عايش وعاصر واقترب

رحم الله فقيدنــا وأثابه خيرا عما أنجز في حياته من خير للوطن والمواطن.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia