Al-Watan (Saudi)

ارتقاء بين علو وخوف الانحناء

-

ما يساعد بوضع رأي ورؤية صادقة وغير مزركشة ولا وهمية، لأي مبادرة مجتمعية تساعد في حل مشكلة أياً كان صاحبها، هو ما يوضع لها من أساسات ودعائم قوية كأهداف واضحة ومدروسة وخطة جيدة، وفق ما يتلاءم مع تحقيق الآمال المبنية على تنفيذها، والمتابعة المستمرة وتحليل النتائج وقياس الأثر.

وعامة.. الإنسان لا يطيق الاعتراف بأن لديه مشكلة حتى وإن كانت صغيرة، يستهونها! ويخفيها خوفًا من النقد والخجل الاجتماعي، وينسى أن معظم النار من مستصغر الشرر، وما يثلج الصدر بالوطن الغالي أننا في بداية مراحل الاعتراف الحقيقي بوجود المشاكل، وكذلك ببداية العمل الحقيقي لتلافي تلك المنغصات التي قد تؤدي بنا جميعًا إلى الانحسار وعدم التقدم بركب الأمم.

وما قامت به وزارة التعليم بالآونة الأخيرة بالعمل الجاد والسير الحثيث لمعالجة النقص ومساعدة المدارس والأسر والمجتمع المحلي، بأن يكون لدى هذه الأطراف تساندٌ وتعاضدٌ في حال الركود وفي حال التطور، باعتبار أن المجتمع كلٌ مترابط وما يؤثر على الأسرة تتأثر به المدرسة والمجتمع والعكس صحيح، وهذه نقطة تحسب بقوة لوزارة التعليم في إطلاق مشروع ارتقاء بمشاركة الأطراف أعلاه مشاركة فعلية بقوانين وضوابط تحسب ويحاسب بها الجميع، وليست حبرا على ورق، حيث بدأت بدورات تثقيفية لمديري ومشرفي ارتقاء، ولقادة المدارس ولرواد الشراكة ونشرها عبرهم إلى الطلاب والأسر والمجتمعات المحلية، وكخطوة أقوى تم التعاون مع أكاديميات تدريبية نوعية عبر شركة تطوير، بنشر محاور قوية لأولياء الأمور بدقة تدريبية، ولأنها نوعية فيعتقد بها ألا تضع إلا النخبوية من المدربين المتأهلين الفاعلين لإيصال جميع المواد التدريبية بخفة وسهولة وقوة مهارية لأولياء الأمور.

وما علمنا به أن العمل قائم، وأن هناك مراحل أقوى لتعزيز دور الشراكة بين المدرسة والأسرة والمجتمع تعكف عليها تطوير.. ولا مشاحة في أن المادة العلمية موضوعة بدراسة ترتيبية ومتناسقة ومتناغمة من حيث السرد والإتقان والتسلسل، والغاية الآن استمرارية التثقيف والقبول بالأيام القادمة، وهنا يجب أن نضع بالاعتبار أن التعامل مع كل مناطق الوطن يعني أنه لا بد من مراعاة أن هناك اختلافا في الثقافات والأعراف والممارسات ودرجات التمدن والجهل، والمعطيات والبنى، والفرق بين المدن الكبيرة والصغيرة والقرى، جميعها اعتبارات ستؤثر بالنتائج التي ستظهر، ووضع بالاعتبار أيضًا أنه ليس بكل المناطق والمحافظات مدربون معتمدون ومؤهلون لعملية التدريب، نضع بالاعتبار أيضًا أن المدرب الذي بدأ وحقق نتائج مرضية قد لا يجد الفرصة بالتدريب للمراحل القادمة، بحجة أنها لجميع الأعضاء المشاركين بوحدة الشراكة، ولا بد أن يكون توزيعا عادلا حتى وإن لم يكن للمشاركين نفس درجة كفاءة الأول.

وبشكل مرحلي فإن ثقافة الشراكة ستنشر بقوة عبر المجتمع كاملا، حيث سينشر الأهالي هذه المفردات على الآخرين، وسيتم تثبيت المادة العلمية بتكرار المفردات، وهذا ما سيرسخ الهوية الوطنية والقيم الإيجابية، بل سيصبح لدى كل أسرة أوعية قيمية للأبناء ولأبناء الأبناء مستقبلًا، وهذا سيحسب للقائمين على هذا المشروع.

والرأي أن توضع آلية رسمية لحافز الحصول على شهادات معتمدة ولها أهيمتها للأسرة كاملة، وبهذا سيحرص الأهالي على الحضور والتفاعل كون الأمر جديا وليس حبرا على ورق، وستكون المؤسسات المجتمعية متعاونة عبر الشراكات بتنفيذ الحلقات، مثل قاعات الفنادق، المستشفيات، قصور الأفراح، الأسواق، المهرجانات..الخ. وبهذا ستحل مشكلة صغر المدارس لاستيعاب الأعداد الكبيرة في التدريب، ولا ننسى دور الإعلام القوي والمركز، وهو ما سيحث أولياء الأمور على الحضور لهذه الشراكات المجتمعية، بالتعاون مع قنوات التواصل وكذلك القنوات التلفزيوني­ة خاصة الأولى والإخبارية، في نشر ثقافة الشراكة، وكذلك الإعلان عن انطلاق الأنشطة في المحافظات والمدن ونشر أوقاتها.

وحتى يستمر مشروع ارتقاء بعلو وعدم انحناء، وباعتبار أن الصعود إلى القمة مضنٍ، فما بالك إذا كان هذا الصعود مرتبطا بفئة الطلاب وأسرهم، فهم عماد المجتمع وهم شريانه وأمله الذي يعمل المخلصون من أجله، فيجب أن يضع القائمون عليه في الاعتبار أنهم سيواجهون آراء وأفكارا واعتراضات من بعض أفراد المجتمع، وقد ينتهز بعض ضعاف النفوس ممن يقومون على نشر ثقافته بتضليل وتحوير بعض القيم والمحاور الخاصة به، وقد يستخدمون الشراكة لمصالحهم الشخصية، فكم نتمنى على الله ألا يصبح مصير ارتقاء الانحناء والانزواء أو الإنهاء، وما نرجوه أن يتم تعاهده برقابة عالية والاستمرار­ية الدؤوبة من المسؤولين في المتابعة، وانتقاء المخلصين وأصحاب التسامي في العلاقات الإنسانية بممارسة العمل به، فكلما كانت المتابعة قوية برقابة عالية المستوى أتت النتائج سليمة وقوية وفاعلة، وأملنا كبير بمن يعمل خلف الكواليس بوزارتنا الغراء لإنجاح هذا المشروع الرائد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia