Al-Watan (Saudi)

ضغطة زر في أبشر تنهي مستقبل المرأة

- أصيل الجعيد

»سعاد« مبتعثةٌ إلى أميركا مع زوجها، وحصلت بينهما مشكلة عويصة، وهي أن زوجها »سعد« معنّف في حقها، ويفرض عليها أشياء لم يأت بها الله من سلطان، في هذه الحالة تلجأ سعاد إلى الملحقية الثقافية السعودية في واشنطن العاصمة، وتحديدا إدارة الشؤون الاجتماعية. هذه الإدارة بالمناسبة لو رأينا مؤهلات العاملين فيها لذهلنا، من أنهم لا يمتون إلى علم الاجتماع بصلة، وأساليبهم تقليدية مثل أساليب الجارات المصلحات، وهذا أسلوب قديم لم يعد ينفع في ظل رؤية المملكة 2030، وما نشاهده من تقدم وإصلاح اجتماعي متواتر، إذًا ماذا تفعل سعاد مع ملحقيةٍ الأجانبُ فيها أكثر من السعوديين؟ تلجأ إلى السفارة، وما يسمى مكاتب الدعوة والإرشاد! نعم أيها السادة، هناك مكاتب دعوة وإرشاد في بعض السفارات السعودية، ولا أعلم ما طبيعة عملها؟ على كل حال، هؤلاء أيضا لن يفيدوا سعاد في شيء، وربما وقفوا إلى جانب زوجها المعنف، من باب أن طاعة الزوج سبب في دخول الجنة! قبل أن أتحدث عن الشخصية الخيالية لسعاد، وواقعية وجود قصص حزينة كسعاد، فإنني أقول بكل صراحة: نحن فاشلون بامتياز في مسألة حل المشكلات الاجتماعية، فطريقة حلّنا للمشكلات الاجتماعية بدائية، ونلجأ دائما إلى دعاة الدين رغم أننا كلنا دعاة هذا الدين، فدعاة الدين هم المصلحون الاجتماعيو­ن رغم وجود المتخصصين، وهم المحامون رغم وجود القانونيين، وهم الأطباء رغم وجود طبيب قضى سنين طويلة ليتفوق عليه شخص اتخذ من الرقية الشرعية تجارة وربحا، في بدعة أوضح من شروق الشمس، ووصل الأمر إلى جلد المرضى بالخيزران حتى يخرج الجن، وهم كذلك الأطباء النفسيون، فالطبيب النفسي للمجانين، وهم كذلك القضاة رغم وجود القانوني مجددا...إلخ. الأسوأ من هذا، أن حل كل المشكلات الاجتماعية هو رفع الوازع الديني، فهل هناك أحد يستطيع قياس الوازع الديني؟ هل يمكن استخدام الوازع الديني معيارا في الدراسات العلمية والاجتماعي­ة؟ بالطبع لا. أتوقف هنا، وأرجع إلى سعاد، وهي التي لا تستطيع الرجوع إلى المملكة، بسبب أن زوجها قد ينتقم -وبضغطة زر في أبشر- يمنعها من السفر، ويقطعها عن دراستها، كما أن سعاد في حال رفعت على زوجها قضية، فهذا سيضر بدراستها والتزاماته­ا حال عودتها إلى المملكة، الحل يكمن في منع الزوج أو الأب »ولي الأمر« من إمكان التحكم في سفر ابنته عن طريق نظام أبشر، فمن لا تمنعها الأخلاق فلن تمنعها ضغطة زر من الانفلات، لماذا نتعامل مع النساء وكأنهن خطايا؟ نحن دولة قانون، ومع المطالبات بإقرار قانون للأسرة ينظم جميع الشؤون الأسرية ويخضعها لسيادة القانون، فهل نحن بحاجة إلى إذن ولي الأمر للسفر؟ أي آنسة أو سيدة ترتكب خطأ فالقانون يعاقبها، لا ولي أمرها في الغابة. الجانب الآخر، لماذا لا يكون هناك قاض في السفارات السعودية يحل مشكلات المبتعثين والمقيمين بشكل دائم من السعوديين في تلك الدول والعاملين هناك؟ السفارة السعودية -حسب الأعراف الدولية- تعدّ أرضا سعودية يستطيع منها القاضي القضاء بين طرفين، بل لماذا نحتاج وجود القاضي بشخصه في السفارة، باستخدام التقنية يكون قاضيا عن بعد! على كل حال، المرأة السعودية متعلمة وواعية ومستقلة، وليست في حاجة إلى ولي أمر، هي في حاجة إلى سيادة القانون، فهي عضوة شورى، ونائبة وزير، ومستقبلا وزيرة، وسفيرة. تخيّلوا معي، سفيرة سعودية يمنعها ولي أمرها من السفر، هذا لو حصل فسيسبب أزمة علاقات عامة عالمية للمملكة، وينسف كل جهود وزارة الإعلام والخارجية في تحسين صورة المملكة ضد المرتزقة الذين يقتاتون على تشويه سمعة المملكة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia