Al-Watan (Saudi)

الإنصاف في حقيقة التاريخ

-

لعل الجانب الأسوأ في سجل التاريخ هو ما يتعلق بالحروب ومآسيها، خاصة الحروب التي حصدت الكثير من البشر بالمواجهة أو التدمير، والتي يمكن أن تجعلنا نتفق مع رأي المؤرخ الإنجليزي إدوارد جيبون بأن (حقيقة التاريخ أنه أكثر من سجل للجرائم ومصائب البشرية)، ولعل المثال البارز على مقولته هو ما خلفته الحرب العالمية الأولى والثانية، فلقد بلغ ضحاياها 55 مليونا من البشر، والتي تعد بحق أكبر كارثة كانت من صنع الإنسان وعقليته المستبدة التي كان تطمح إلى السيطرة والاستغلال الاستعماري، وذلك عن طريق القوة، فكانت الحصيلة مأساوية، وأننا لو عقدنا مقارنة بين تاريخ الحضارة الإسلامية ومدى اتساع رقعتها وبين الاستعمار الغربي فإننا سوف ندرك التفاوت الكبير في حقيقة الأمر على وجه الأراضي المستعمرة، ولعل أقرب مثال هو حضارة المسلمين في الأندلس هي الشاهد الواضح على ما قدم للبشرية من نهضة تاريخية في كافة العلوم والمعارف والبناء والتي ما زالت آثارها باقية حتى عصرنا الحاضر والتي تثبت أن المسلمين والعرب ليسوا شعوبا همجية وبربرية وغزاة كما صورهم بعض المستشرقين الذين كان هدفهم هو التشويه المتعمد، الذين يغضون أبصارهم وأفكارهم على نحو مقصود عن الخزي والعار في تاريخهم، فالمحاربون الفايكنغ الوثنيون المتوحشون على سبيل المثال استطاعوا في بضع مئات من السنين السيطرة واستعمار سواحل أوروبا وأنهارها وجزرها، حيث أحرقوا وقتلوا ونهبوا مستحقين بذلك اسمهم (الفايكنغ، الذي يعني القرصان في اللغات الإسكندناف­ية القديمة)، ومثال آخر فخلال الغزو الإسباني لأميركا الجنوبية نشر الجنود الإسبان أمراض الزهري والسفلس على نحو مريع، والمثال الأخير هو الجريمة البشعة التي تعد بحق من أكبر جرائم التاريخ، وهي القنبلة النووية التي ألقيت على هيروشيما وناجازاكي، وبعد هذا نسأل هؤلاء المستشرقين عن الإنصاف في حقيقة التاريخ؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia