الصبر عبادة الصالحين

قال رجل لعنترة في يوم ما السر في شجاعتك وأنت تغلب الرجال؟ فقال عنترة ضع أصبعك في فمي وخذ إصبعي وضعه في فمك وعض كل واحد منهم الآخر، فصاح الرجل من الألم ولم يصبر، فأخرج له عنترة أصبعه، وقال بهذا تعلمت الصبر وغلبت الأبطال، أي بالصبر والاحتمال.

قال الله تعالى (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب ) الزمر.

فالصبر نعمة من الله أنعم بها علينا، بالصبر يتغلب المؤمن على مصائبه ويحتسب الأجر، والصابرون لهم أجر كبير عند الله يوم أن يجتمع الخصوم.

وقد حدث أن الإمام الشافعي عند موت ابنه قال اللهم إن كنت ابتليت فقد عافيت، وإن كنت أخذت فقد أبقيت وأخذت عضوا وبقيت أعضاء، وأخذت ابنا وأبقيت أبناء. فلنتعلم الصبر من الأئمة الذين نسير على خطاهم وننهج على نهجهم. قال شاعر سأصبر حتى يعجز الصبر عن صبري، وأصبر حتى يقول الصبر إن صبري على شيء أمرّ من الصبر.

ولا بد أن تتعلم عزيزي القارئ أن الله تعالى لم يأخذ منك شيئا إلا وسيعوضك عنه خيرا، إما برفع ذنب أو بقبول عمل، ولكن اصبر واحتسب وابتسم وقل حمدا لله.

اصبر على جارك، على مديرك، على أولادك، على زوجتك، على كل من له وليس له فضل عليك، فكل مجازى بما يفعل، واصبر على البلاء وعلى الطاعات، فقد قيل (صبرا آل ياسر فإن موعدكم الجنة)، نسمعها كثيرا كمثال، ولكنها ليست بمثال، ولكنها لو وزنت لتزن بماء الذهب، لأن الصبر جزاؤه الجنة والأجر الكبير من الله، عز وجل.

فإن تصبر على جارك فلتكن أنت سببا في هدايته بسبب صبرك عليه، ويأتي له الإحساس بظلمه لك، فيتحول من أفكار شيطانية إلى مربٍّ وموعظ.

فالصبر عبادة الأنبياء الصالحين، كصبر سيدنا أيوب عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام، وصبر سيدنا يوسف على البلاء، مما فعل به فرعون وزبانيته، وصبر سيدنا نوح في سفينته.

فتلكم قصص لها معان كبيرة وكثيرة لو أدركتاها لسطرت بالذهب، ولا تكن كالتي نقضت غزلها بعد قوة أنكاسا، وبعد عملها لجهد طويل لا تصبر على الأجر الكبير يوم القيامة، فلنحتسب ذلك لله تعالى لننال الجنة والأجر العظيم.