Al-Watan (Saudi)

المطلقة في المجتمعين العربي والأميركي

- أصيل الجعيد

ينظر المجتمع والقانون الأميركي للزوجة والزوج في عقد الزواج على أنهما وحدة واحدة، ويشتركان في كل شيء من خلال هذا الرباط المقدس - المسمى الزواج- حتى في الذمة المالية، بالمقابل فإننا في المجتمع والقانون السعودي ننظر على أنهما أيضا وحدة واحدة، ولكن ليس في كل شيء وخصوصا الذمة المالية - الحقوق والالتزاما­ت المالية للزوجة- لذا فإن توزيع الأملاك بين المطلقين بشكل عادل أمر لا مفر منه ويؤثر في الاستقرار المجتمعي.

عندما تُطلق المرأة في أميركا فإنها حسب ولايتها تخضع لأحد هذه المبادئ القضائية مبدأ الملكية الاجتماعية أو مبدأ التوزيع العادل، ففي المبدأ الاجتماعي يكون توزيع الأملاك فيه بالتساوي بين الطرفين، حيث ينظر لعقد الزواج هنا على أنه شراكة بين طرفين، وتظل الأملاك قبل الزواج خارج الحسبة، كذلك الهدايا والميراث، بل يمتد الأمر لأن إذا امتلكت المطلقة سيارة باسمها فللزوج نصف أسهم قيمة السيارة! أما في مبدأ التوزيع العادل فإن القاضي ناظر النزاع يوزع الأملاك بشكل عادل قدر الإمكان وبناء على عوامل منها دخل الزوجين سواء أكان ناتجا عن عمل أو تجارة، مدة الزواج، عمر الزوجين وصحتهما، مستوى المعيشة، مدى مساهمة الزوجين لدفع تكاليف معيشة الأسرة، كذلك فإن الخيانة التي ثبت بالدليل القاطع أثناء الزواج قد تكون أحد العوامل المساعدة للتحديد، وكأنها تعتبر إخلالا بهذا العقد المقدس، كما أن السلطة التقديرية للقاضي تلعب دورا مهما، كذلك فإنه إذا اتفق الزوجان سواء قبل الزواج أو أثنائه على تقسيم الملكية بينهما بطريقة معينة، فإن هذا يعد عقد نافذا ما دام تم التوقيع عليه، ومثل كلا من الزوجين محام خاص به لئلا يكون محامي الزوج منحازا له على حساب الزوجة، ولا ننسى أن المطلقين يتشاركان أيضا في الديون!

نأتي لعالمنا العربي، حيث إن الذمة المالية منفصلة، وأعني هنا أن المطلقة مثلا بعد تعايش دام عشرين سنة فإنها تترك هذه العلاقة بدون أخذ أي أملاك من الزوج وهذه غاية الظلم والإجحاف، الحقيقة المرة التي لا يقولها أحد إنه لا يوجد دليل شرعي أصلي الدلالة من كتاب وسنة على موضوع انفصال الذمة المالية للزوجين إلا فتاوى واجتهادات بشرية، قد تتغير بتغير الزمان والمكان، هذا يعني أن الموضوع مطروح للمشرع لتنظيمه من خلال قانون، ومع عدم وجود قانون للأحوال الشخصية، وكذلك أرقام الطلاق الكبيرة فإن التقنين هنا ضرورة لا بد منها، فالدولة تتحمل فاتورة كبيرة جدا جراء دعم المطلقات من الضمان الاجتماعي وهي مشكورة، ولكن لماذا لا تأخذ نصف أملاك الرجل؟

أليس من الأجدى أن يتحمل الطرفان الحمل المادي نفسه؟ وإذا كان الرجل ليس بقدر الحمل -الزواج- إذا لا يتزوج ويضيع بنات الناس! بل إن الأمر يعطي للرجل الزوج كذلك حقه، فإذا كانت زوجته غنية وتزوجته لاستغلال أو نحوه فالقانون ينطبق عليها، أو يدير الزوج أموال زوجتها بثقة كاملة منها ويسلبها عند الطلاق حقها، خصوصا أن الإثبات في هذه الأمور صعب ومحرج، ورغم ذلك فإنني أدعو من هذا المنبر الموثوق أن يوثق كل زوجين حقوقهما المالية توثيقا كاملا فلا أحد يعلم فالأيام حبلى بالتغيير بالمشاعر وغيرها!

كلنا نعلم أننا مجتمعات ذكورية يكون فيه الرجل العائل الوحيد في الأغلب، ولذا ففي حالة مثالية فإن الزوج يطلق زوجته ويتركها في رعاية أهلها أو رعاية الضمان الاجتماعي، لذا فإنه ليس من العدل جعل الذمة المالية للزوجين منفصلة، وهذا قد يسهم في التساهل بالعلاقة الزوجية، نظرا لأن الطلاق لا يترتب عليه حقوق مالية وتوزيع أملاك للزوج والزوجة، وهذا قد يكون أحد أسباب ما نشاهده في معدلات الطلاق الكبيرة في المحاكم.

من الأفضل أن تكون ذمة الزوجين المالية متصلة، فالمرأة تسهم في غنى زوجها وتعتني بالأطفال وتوفر له الاستقرار الذي من خلاله يجني المال. في نهاية الأمر فإن القانون دائما يتطور وفقا للاعتبارات الإنسانية الحاضرة، والتي تحتم علينا إقرار قانون يحمي الزوجين ويقر ذمة مالية متصلة للزوجين ويعيد الاعتبار لهذه العلاقة المقدسة على الأقل من الناحية المادية، ومنها أيضا يخفف طوابير المطلقات على إعانة الضمان الاجتماعي التي لا تفي بشيء، هل من العدل أن تساهم الزوجة في غنى زوجها وتتحمل مشاق الأعباء المنزلية وعند الطلاق لا تأخذ من أمواله أي شيء!

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia