Al-Watan (Saudi)

صحة عسير بين عهدين إلى أين

نطمح إلى أن نرى الملف التقليدي أصبح إلكترونيا، وسيكون الإنجاز كبيرا عندما نسترجع المعلومات إلكترونيا

- سعود الشهري

عاشت صحة عسير في سنينها الماضية ظروفا متأرجحة بين التقهقر واللاتقدم، تتسم إداراتها بالبيروقرا­طية المقيتة والصبغة الكلاسيكية التي لا تقدم شيئا، وفي الحقيقة أنها كانت لا تلوي على شيء..

كانت هذه المنشأة المهمة جدا تتسم بدماء »عجوزة« أورثت نمطا مكررا وبيئة عمل مملة، يتخللها التعنيف على الموظفين بشكل دوري مقابل الاحتفاء بكل من يملك »بطاقة عبور« »مسدلة«...

كان الموظفون بشكل عام يحرمون من كثير من المزايا المشروعة لهم بنص أنظمة وقرارات، بينما يستأثر بها رواد المكاتب الفخمة والذين لم تكن حقا لهم.. وكانت الانتدابات والدورات التطويرية تدار »بكتمان« حتى لا يعلم عنها إلا من قد استأثر بها؛ ويختمون سيرتهم تلك -علاوة على ما حازوه واستأثروا به - يختمون كل ذلك ويقابلونه بأن عملهم »الواجب« عليهم كان »زكاة« وهم يرجون من الله أن يتقبلها! وهو سبحانه »أعلم« بمن اتقى..

كان المستفيد من الخدمة الصحية يعاني من نقص حاد في الكثير من الأدوية الحيوية، وكانت تعاني العيادات وغرف العمليات من نواقص مختلفة، ولعل من أبرزها وأقلها تكلفة عيادات الأسنان التي لم تكن تحتوي على »بنج« مخدر ليتمكن طبيب الأسنان من مباشرة مريضه؛ فضلا عن الحشوات والتركيبات وأفلام تحميض الأشعة، وما إلى ذلك من أمور تضطر المريض -ميسور الحال فقط- للجوء للقطاع الخاص »المرهق جدا ماديا!«

أثبت قسم الطوارئ لهذه المنشأة فشله الذريع في جوانب عدة منها تجهيز سيارات الإسعاف التي تدعم المراكز الحدودية؛ فاستأثر هذا القسم »البرجوازي« بسيارات الدفع الرباعي المرسلة من الوزارة للدعم ليقوم فيها بجولاته الميدانية المرفهة، وأرسل »جموس« قديمة »تصر« فراملها في منحدرات »الغايل« وتهامة قحطان ذاهبة لمناطق الدعم كما يصر »مزمار« الرجل التهامي بين تلك السفوح..

عانت الكثير من المنشآت الصحية من سوء التنفيذ تارة وعانت الأخرى من الاكتفاء بالإنشاء العمراني دون تأثيث تارة أخرى؛ كما عانت الأخرى من عيوب »شرعية« هندسية معيقة للعمل بعد استلامها وشغلها بالموظفين والمرضى.. فلا غرابة أن تتحول المنشأة الصحية إلى »مسبح« أولمبي بمجرد أن تبكي علينا السماء..

كل هذا في كفة والمدينة الطبية »اليتيمة« التي لم تحظ بزيارة وزير ولا مدير في كفة أخرى!

كثير هي الأحزان الصحية وبمثلها يطول المقال ويستطيل؛ لكنني قبل الختام أتساءل؛ هل سترى المعلوماتي­ة الصحية تحديدا HEALTH INFORMATIC­S النور وتصبح حقيقة على أرض الواقع، تلك التي قد تحدثت عنها أكثر من مرة في مقالات سابقة.. فكم نطمح إلى أن نرى الملف التقليدي أصبح إلكترونيا، وكم سيكون الإنجاز كبيرا عندما نسترجع المعلومات إلكترونيا وتعالج أنظمة التصوير الإشعاعي ونظم متابعة المريض ورعايته أيضا إلكترونيا، بل وعندما يكون التعليم والتوعية الطبية إلكترونيا..

أما ختاما؛ فإن مقالي هذا مليء بالأحلام المشرقة لا شك؛ ولا شك أن أحلامي هذه -بل أحلامنا- قدر لها ربها أن يضعها أمام رؤية ستحققها، ولا شك عندي في ذلك، وسترون »الصحة« قد نزعت ثوبها القديم وازدانت بحلة إلكترونية باهية جديدة.. أراهنكم!

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia