Al-Watan (Saudi)

وهل جريمة التخطيط لتمزيق المملكة لا تستحق التغطية

- أحمد الرضيمان

لا أقلل من شأن قتل خاشقجي، فهو محل اهتمام قيادتنا، حتى وإن أخطأ واعتدى على بلده، فالخطأ لا يُعالَج بخطأ، ولذلك أعلن ولي أمرنا أن من تجاوز وقَتَل سينال جزاءه

كنت كتبت مقالين عن جمال خاشقجي، رحمه الله، الأول: دعوتُه فيه -بالحكمة والموعظة الحسنة وبالحجج العقلية والنقلية- إلى تعظيم النصوص الشرعية التي تدعو إلى السمع والطاعة بالمعروف لولاة أمرنا، وعدم منازعتهم، والافتيات عليهم، وعدم الارتماء في معسكر أعداء المملكة، فأجاب عن ذلك بعد أن نشر مقالي في حسابه، أجاب: بتغريدة أظهر فيها الحيرة والتردد، ربما ذلك بسبب جلساء السوء الذين لا يريدون به، ولا ببلاده خيرا.

ثم عندما أعُلن عن اختفائه كتبت مقالا تضمن أننا لا نقفوا ما ليس لنا به علم، وننتظر ما يصدر من ولي الأمر عملا بقوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسئولا)، وقوله تعالى: (وَإِذَا جَاءَهُمْ أمَْرٌ مِّنَ الْأمَْنِ أوَِ الْخَوْفِ أذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أوُلِي الْأمَْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلا)، وفعلا بعد النظر والتحقيق أعلن ولي الأمر -وفقه الله- ما جرى بكل وضوح، وأخبر أن من أخطأ سيحاسَب كائنا من كان، والصدق والبيان هو ما تأمر به الشريعة، التي هي دستور هذه البلاد، وهو ما سار ويسير عليه ولاة الأمر.

ولا ريب أن قضية وفاة خاشقجي، أحزنتنا، كما أحزنت قيادتنا، الذين أبدوا أسفهم، وقاموا بتعزية أبنائه، صحيح أن خاشقجي انضم مع الخصوم مع أنه ادّعى أنه غير معارض، ولكن هذه الدعوى لا قيمة لها، فالعبرة بالأفعال لا بالأقوال، وقد استمعنا إليه وهو يعلن أنه اتفق مع نظام قطر في وضع قناة رديفة لقناة الفتنة قناة الجزيرة، بالإضافة إلى تجييش للخصوم والمعارضين، ومصدر حزننا في قضية مقتل خاشقجي الافتيات الذي حصل على ولي الأمر، وما كان لأحد كائنا من كان أن يتجاوز صلاحياته، ويقتل أحدا من المواطنين أو غيرهم، وإنما مرد ذلك لولي الأمر الذي يحيل المخطئين والخاطئين إلى المحاكم الشرعية في المملكة، كما هو معروف من سياسة المملكة، وتوخيها العدالة، والتي تتضمن أن القتل لا يجوز إلا بحكم شرعي من القضاة في المحاكم الشرعية.

وكنت قلتُ في مقالي السابق إن قناة الجزيرة وأخواتها، أجلبت على المملكة بخيلها ورجلها -كالشيطان تماما- واتهمت قيادة المملكة، زورا وبهتانا، فظهر كذبها وتجنيها.

يتباكون -كذبا- على خاشقجي، ويدفعون الملايين المملينة للقنوات والأشخاص ليثيروا العالم على المملكة، متخذين من خاشقجي وسيلة لذلك، وكأنهم أهل عدل وورع، والواقع أنهم أهل ظلم وعداوة، ودليل ذلك أنهم لم ينبسوا ببنت شفة عن التسجيلات التي أظهرت نظام قطر يتآمر على المملكة، ويخطط لتمزيقها، أيهما أعظم جناية الاعتداء على دولة كاملة، أم على شخص واحد؟

لماذا سكتت القنوات الإعلامية العالمية عن جريمة التخطيط لتمزيق المملكة، ولم تُطالب بتقديمهم إلى المحاكمة؟

لماذا سكتت القنوات الإعلامية العالمية عن جريمة التخطيط لاغتيال الملك عبدالله، رحمه الله؟

أين الضمير العالمي عن قتل آلاف المسلمين في أبو غريب والتنكيل بجثثهم، أين الضمير العالمي عن قتل الفلسطينيي­ن، وهدم منازلهم على رؤوسهم؟

أنا هنا لا أقلل من شأن قتل خاشقجي، فهو محل اهتمام قيادتنا، حتى وإن أخطأ واعتدى على بلده، فالخطأ لا يُعالَج بخطأ، ولذلك أعلن ولي أمرنا -وفقه الله- أن من تجاوز وقَتَل سينال جزاءه، ولكني أتساءل: عن تلك المعايير المزدوجة عند دعاة الفتن وقنوات الضِرار، يرون القذاة في عين غيرهم، ولا يرون الجذع في أعينهم، ماذا ينقمون على المملكة العربية السعودية؟ ألم تخدم المملكة العربية السعودية الحرمين الشريفين خدمة ما عرف التاريخ لها مثيلا؟ وهذا أمر يشاهده المسلمون عيانا بيانا.

ألم تنصر المملكة العربية السعودية دين الله، وتعلي كلمته، وتدعو إلى تحقيق التوحيد؟

ألم تنصر قضايا المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها، وتغيث الملهوفين، وتساعد المحتاجين؟

ألم يعم فضلها وإحسانها غير المسلمين، وما أوامر علاج السياميين من سائر دول العالَم عنّا ببعيد؟

ألم تشجع المملكة العربية السعودية العلم والعلماء في الطب والتقنية وغيرهما من العلوم، بغض النظر عن جنسياتهم ودياناتهم، وما الجوائز التي تقدمها مؤسسة الملك فيصل إلا أحد الشواهد؟

ألم تستقبل المملكة العربية السعودية الدارسين من سائر العالَم ليدرسوا في جامعاتها، وتدفع لهم المكافآت والإسكان، وهذا ما لا يحدث في دول أوروبا وأميركا وغيرهما.

أليس المملكة العربية السعودية هي مهبط الوحي، ومنبع الإسلام، وفيها الحرمان الشريفان، والمشاعر المعظّمة، ومشى على ترابها، ودُفن فيها خير البشر على الإطلاق، نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم؟

لماذا كل هذا العداء للملكة العربية السعودية؟

عندما رجعت إلى النصوص الشرعية عرفتُ الجواب، وهو ما ذكره البخاري عن ورقة بن نوفل أنه قال للنبي، عليه الصلاة والسلام: (ما جاء أحدٌ بمثل ما جئت به إلا عُودِي وأوُذي)، والمملكة العربية السعودية دعت إلى ما دعا إليه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وتمسكت به، في دستورها، وتطبيقاتها، ولذلك أوُذيت، ولكنها منصورة كما قال تعالى: (ولينصرن الله من ينصره)، ومهما أوُذيت المملكة فستظل -بحمد الله- متمسكة بدينها، وكما قال الأمير خالد الفيصل، وفقه الله: (لو تخلى العالم كله عن الإسلام فلن تتخلى عنه المملكة العربية السعودية).

وقبل ذلك قال الملك عبدالعزيز، رحمه الله: (كلمة التوحيد لا إله إلا الله محمد رسول الله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، إني والله وبالله وتالله أقدم دمي ودم أولادي وكل آل سعود فداء لهذه الكلمة لا أضن به).

أسأل الله أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير، وأن يكفيهم الأشرار، وأن يصلح لهم البطانة، ويعينهم على الأمانة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia