Al-Watan (Saudi)

هدوء نسبي ضمير متصل

الرأي قبل شجاعة الشجعان

- عزة السبيعي

الفراعنة أول من عرف أهمية قيادة الرأي العام، فجعلوا من الفرعون إلها له قدسيته، ثم جاء بعدهم الإغريق والرومان واهتموا بقائدي الرأي وفلاسفته، ثم أخبر جوستاف لوبون عن الجماهير والتكتلات وقدرتها على التأثير على السياسة، ثم استطاع العمال قلب الطاولة والحصول على لقمتهم من أفواه السياسيين، ببناء جمعياتهم وأحزابهم، وفي سنوات الربيع العربي الهالك اكتشف قواده أهمية التواصل الاجتماعي، وبدؤوا خلق قوة رأي مزيفة لقيادة الشعوب نحو مصير مجهول أهلك الحرث والنسل، عبر حسابات مزيفة وقصص إنسانية غالبها لا أصل لها، ثم اكتشف فريق آخر السر واستطاع امتلاك الوسائط الاجتماعية، فردوا بامتلاك جيوش إلكترونية يسميها علماء الاجتماع والمهتمون بالإحصاء في العالم الغربي الذباب الإلكتروني، ثم حاول فريق آخر الرد بإنشاء جيش إلكتروني سموه النحل الإلكتروني. وآخر بحث منشور عن هذا الذباب في الشرق الأوسط يدفعك إلى الضحك، فهاشتاق مثل »قطر ليست وحدها« معظم التغريدات المساندة كانت فيه من الذباب الإلكتروني. ما يستوقف، هو كيف لصانع القرار في الشرق الأوسط أو المفكر والواعي أن يقبل هذا الزيف، سواء من ذباب أو نحل، ويجعله مؤشرا يحدد اتجاه قراره أو يبعث في داخله الطمأنينة تجاه ما يفكر فيه الناس، رغم أن ذلك كفيل وحده في توسيع الفجوة بينه وبين الآخر، ويقطع أهم سبيل لإيصال الحقيقة إليه. على كل حال، في السعودية خبر جيد بل ممتاز جدا، يقول: إن مركز الحوار الوطني دشّن -قبل أيام- اللقاء التعريفي الأول للمركز الوطني لاستطلاعات الرأي العام، المسمى »رأي«. السعودية كلها بحاجة إلى معرفة رأي الشعب واتجاهات رأيه، ورغبات المجتمع بطريقة نزيهة وموثوق في نتائجها، وذلك لا يتحقق إلا بمثل هذه المراكز. إنه خبر سار جدا، يدعونا إلى المباركة على وجود قناة صادقة نرجو أن يتم تفعيلها وجعلها المصدر الأول لآراء السعوديين واتجاهاتهم حول القضايا، لكن لن تكون هناك فائدة منها إذا لم يكن هناك قياس دوري، وإعلان دوري للنتائج أيضا، لنعرف أين نحن وسط هدر الزيف حولنا.

azza@alwatan.com.sa

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia