Al-Watan (Saudi)

قيادة المرأة للسيارة بين الحاجة والاستغلال

-

مساعد آل بخّات

اسـتبشر معظـم أفـراد المجتمع السـعودي نسـاء ورجـالا -الذيـن يعانون مشـكلة احتياجهم لسـائق خـاص أو لسـائق سـيارة أجـرة لتلبيـة احتياجـات النسـاء- بقرار خـادم الحرمـين الشريفـين الملـك سـلمان بـن عبدالعزيـز، حفظـه اللـه، والـذي يقتـضي السـماح للمرأة بقيادة السـيارة، مما يسـهم ذلـك الأمـر في تخفيف العـبء على معظـم الأسُر بشـكل عـام وعـلى المـرأة بشـكل خـاص.

حيث جـاء إصدار قرار السـماح للمـرأة بقيـادة السـيارة في تاريخ ‪1439 1/ 7/‬ والـذي ينـص عـلى مـا يـلي: »اعتمـدوا تطبيـق أحكام نظـام المـرور ولائحتـه التنفيذية، بمـا فيهـا إصـدار رخـص القيادة عـلى الذكـور والإنـاث عـلى حـدٍ سـواء، وأن تشـكل لجنـة عـلى مسـتوى عـال مـن وزارة الداخلية ووزارة الماليـة ووزارة العمـل والتنميـة الاجتماعيـ­ة لدراسـة الترتيبـات اللازمـة لإنفـاذ ذلـك، وعـلى اللجنة رفـع توصياتها خلال ثلاثـين يوما مـن تاريخـه، ويكون بدء تنفيـذ قيادة المرأة للسـيارة في تاريـخ 10/ ‪.«1439 /10‬

وعندمـا نتمعـن قليـلا في جملـة »عـلى حـد سـواء« ونبحـث عـن معناهـا في القامـوس العربـي نجد أن (معجـم المعانـي الجامـع) قـد فسرهـا كما يـلي: »على حد سـواء، أي: عـلى نفـس الطريقـة.«

لـذا فإن الأصل في مفهـوم القرار مسـاواة المـرأة بالرجـل في أنظمـة وضوابـط قيـادة السـيارة، بمـا في ذلـك مـن رسـوم مالية، وتناسـب عـدد مـدارس القيـادة مـع عـدد المتقدمـات لطلـب إصـدار رخصة قيـادة السـيارة... إلخ.

ولكـن الواقـع يُشـير إلى عكـس ذ لك .

فهـل يُعقـل بعـد هـذه المـدة الطويلـة مـن تاريخ القـرار والتي أوشـكت عـلى أن تقارب السـنة ألا نـرى سـوى عـشرات مـن النسـاء اللاتـي يقُـدن السـيارة بعـد امتلاكهـن رخصة قيادة السـيارة، في حـين أن هنالـك عـشرات الآلاف مـن النسـاء، إن لـم يكـن أكثر من ذلـك، واللاتـي ينتظـرن دورهـن لعمـل اختبـار رخصـة قيـادة السـيارة.

وهـل يُعقـل ألا نـرى مـن التجهيـزات لمثل هذه القرار سـوى قرابـة أربع مـدارس لتعليـم المرأة قيـادة السـيارة، والتـي تنحصر في أربـع مـدن فقـط!!

وهـل يعقـل أن يتم ربـط قيادة المرأة بالسـيارة ببعـض الجامعات المحـدودة التي تعاونت مـع الإدارة العـام للمـرور لإنشـاء مـدارس لتعليـم المـرأة قيـادة السـيارة، مثـل جامعـة الأمـيرة نـورة بنـت عبدالرحمـن، وجامعـة الملـك عبدالعزيـز في جـدة، وجامعة تبوك في مدينـة تبـوك، وجامعـة الإمـام عبدالرحمـن الفيصـل في مدينـة الدمـام.

في حـين يتـم تجاهـل مركـز دلـة لتعليـم القيـادة، والـذي يُعدّ مُعترفـا به مـن قبـل الإدارة العامة للمرور بـوزارة الداخليـة لعشرات مـن السـنين، اسـتطاع خلالهـا أن يكسـب ثقـة النـاس، وأن يـرضي حاجاتهـم بكثـرة انتشـار فروعـه بـين محافظـات ومـدن المملكـة العربيـة السـعودية، لتسـهيل خدمـة الرجـال في إصـدار رخص قيـادة السـيارة.

مـع العلـم أن نسـبة كبـيرة من الرجـال، إن لـم يكـن جميعهـم، ممـن يبلغون مـن العمر 18 سـنة فمـا فـوق يمتلكون رخصـة قيادة السـيارة، في حين أن نسـبة النسـاء اللاتـي يقُدن السـيارة قبـل تاريخ ‪1439 10/ 10/‬ تُعـدّ صفـراً.

لـذا فإنـه كان مـن الأولى عـلى الإدارة العـام للمـرور أن تـولي الاهتمـام الأكـبر لشريحـة النسـاء عـن شريحـة الرجـال في مسـألة قيـادة السـيارة، من حيث تسـهيل إجـراءات إصـدار رخصـة قيـادة السـيارة لهـن، بالإكثـار مـن عدد مـدارس القيـادة وبسـعر معقول.

وهـل يُعقـل أن يتـم اسـتغلال حاجة النسـاء لقيادة السـيارة من خـلال رفع رسـوم إصـدار رخص قيـادة المـرأة للسـيارة إلى قرابـة 2520 ريـالا، في حـين أن رسـوم مركـز دلـة لتعليم القيـادة للرجال الذين لا يجيـدون القيادة، أي أنهم بحاجـة للتدريـب، لا يتجاوز 500 ريال تقريبـا، أي أن تكلفة رسـوم رخصـة قيـادة المـرأة للسـيارة تعـادل 4 أضعـاف تكلفـة رسـوم رخصـة قيـادة الرجل للسـيارة.

في حـين إذا أرادت المـرأة أن تجتـاز كل العقبـات والتأخـير في إصـدار الرخصـة فمـا عليهـا سـوى الالتحاق بالبرنامـج الذهبي الـذي أطلقته المدرسـة السـعودية للقيـادة في جامعـة الأمـيرة نـورة بنـت عبدالرحمـن بمبلـغ يتجـاوز الــ10 آلاف ريـال تقريبـا، والذي يوفـر لهـن مميـزات فئـة الطبقة المخمليـة مـن عـدم وجـود انتظار بـدلا من الانتظـار لأشـهر، وقيادة سـيارة فاخـرة (لكزس) بـدلا من قيـادة سـيارة كـورولا، وتدريـب في الصالـة الذهبيـة بـدلا مـن فناء الجامعـة... إلـخ.

وأتعجـب هنا مـن جامعة الأميرة نورة بنـت عبدالرحمـن بحكم أنها هـي الجامعة النسـائية الوحيدة في المملكـة العربيـة السـعودية التـي تناسـت دورهـا في دعم ومسـاندة المرأة السـعودية بتسـهيل إجراءات قيـادة المـرأة للسـيارة، وأصبـح هدفهـا ماديـا بشـكل بحت. وبعد هذا كله. أتوقـع أن الوضـع أصبح محبطا لبعض النسـاء اللاتي قد تحمسـن كثـيرا لقيـادة السـيارة، لعـدة أسـباب وهي:

أولا: قلـة عـدد مـدارس تعليـم المـرأة لقيـادة السـيارة.

ثانيـا: طول فـترة الانتظار لموعد اختبـار رخصـة قيـادة السـيارة والتـي قـد تصل لأشـهر.

ثالثـا: المبالغة في الرسـوم المالية لإصـدار المـرأة لرخصـة قيـادة السـيارة. وأخيرا.. أقـترح عـلى الإدارة العامـة للمرور أنْ تُسـنِد تدريـب واختبار النسـاء لقيـادة السـيارة إلى مراكز دلـة لتعليـم القيـادة، نظـرا لكثرة انتشـارهم في مـدن مختلفـة في المملكـة العربيـة السـعودية، ولتناسـب أسـعارهم مـع جميـع شرائـح المجتمـع المختلفـة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia