هدوء نسبي ضمير متصل

تطبيع البذاءة

في صيف 1972 قام مجموعة من الفدائيين الفلسطينيين المنتمين لمنظمة أيلول الأسود بعملية عرفت باسم عملية ميونخ قام فيها باحتجاز رياضيين إسرائيليين أثناء أولمبياد للألعاب الصيفية، وانتهت العملية بمقتل 11 رياضيا إسرائيليا. المحتوى العربي حول هذه العملية يشير إلى أنها كانت سببا في لفت أنظار العالم للقضية الفلسطينية، وبالطبع سيل من المدائح لمنفذيها وتبرير للعملية يتضمن القول إن الفريق الإسرائيلي ليس سوى جنود في الجيش الإسرائيلي، بينما المحتوى الغربي يعتبر هذه العملية عملية إرهابية غيرت الكثير من التوجهات الغربية تجاه الشعب الفلسطيني، وكشفت كيف أنهم في محفل رياضي يدعو للسلام أظهروا أسلحتهم في وجه رياضيين لم يكونوا مستعدين لمواجهتهم بالأسلحة هذه العملية تبعتها سلسلة من الأخطاء أجاد الفلسطينيون ارتكابها لإبعاد العالم عن الصورة الحقيقية للقضية الفلسطينية وعدالتها، وفي الواقع لم يكونوا فقط محامين فاشلين كما ادعى عليهم تشومسكي، بل كانوا ماهرين جداً في نصب الفخاخ لأنفسهم أمام حتى بني جلدتهم وشركائهم في الدين والعروبة كدول الخليج العربي. انظر لما تفعله حماس ومظاهراتها ضد الدول الخليجية، وكيف يتم إحراق الأعلام الخليجية في شوارع غزة بصورة تجعل أي خليجي يحاول الدفاع عنهم يتم إسكاته بعرض ما لا يمكن تسميته سوى ببذاءة حقيقية ضد دول دعمها حقيقة لفلسطين، وما يحرك الجموع ضدها مجرد أكاذيب، لكنها طبعت البذاءة وأرسلتها عبر قنوات التواصل الاجتماعي. يقول صاحب حساب تويتري اسمه تائق »لست أخشى من التطبيع مع إسرائيل ولكن أخشى من التطبيع مع البذاءة.« العنف اللفظي وتجاوز الأدب في التعامل مع الآخرين ليس دفاعا عن قضيتك، بل شق كبير في سفينتك تدفعك شيئا فشيئا نحو هاوية الغرق، وتشعل الكراهية حولك وتدمر خطوط التواصل مع الآخرين. الله سبحانه قال لنبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- رغم قوة حجته وعدالة قضيته »لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك«، وتحتاج أن يكون حولك أحد وأنت تحتاج للناس للشركاء للأنصار. وإذا تخيلت أنك لا تحتاج للناس فأنت تظلم نفسك، فالرسل أنفسهم احتاجوا للأنصار، وحده الإله لا يحتاج لأحد، وأنت لا يمكن أن تكون إلهاً.

azza@alwatan.com.sa