Al-Watan (Saudi)

الثقافة العربية وأزمة الاتجاهات

-

لا يمكن أن يكون لنا أي أمل في أن نستيقظ فجأة، أو ذات يوم لنجد أن الأزمة الثقافية قد حُلت، أو وجدوا رأيا يوافق جميع الآراء التي تشابكت واختلفت حول نسيج هذه الثقافة!!، إلا أن الحقيقة التي أجمعت حولها كل الآراء وتألفت من أجلها، أن هذه الثقافة في أزمة ومحنة! حتى وإن بدا لنا أنها قد نهضت ذلك النهوض الذي يؤلف بين قلوب مثقفينا ويجمع شتات آرائهم.

إن هناك »نهضة« ثقافية، ولكنها ليست نهضة بالمعنى الصحيح للكلمة، إذ كما يقول الناقد المغربي الرائع محمد برادة: »النهضة دائما تبدأ من الصفر لتولد ثقافة جديدة ومتميزة داخل مجال الثقافة العالمية«، والمعنى الأدق -في نظره- أن الثقافة العربية ككل، من مشرقها إلى مغربها، تشكل نسيجا له درجاته المتفاوتة، وفي مراحل مختلفة، ومن حين لآخر تبرز بعض الومضات داخل هذه الثقافة، في مجال الإبداع، ومضات في الشعر أحيانا، وأحيانا أخرى في القصة أو الرواية أو النقد.

إذاً، كيف نسمي نهضتنا الثقافية امتحانا، أو ما سبب تأزمها طالما أن هناك ومضات إبداعية مشرقة تؤكد أن فكرنا/ ثقافتنا في نهوض؟!.

ولن نقف مشدوهين طويلا أمام سؤال مرير كهذا، فالأزمة موجودة، ويؤكد وجودها كل المثقفين، منتجين ومتلقين ومقيمين، وتتمثل الأزمة كما يقول أحدهم في أن »الجديد« لم يعرف طريقه للنور بعد، ولم يتبلور وفق الشكل الذي يلائم الزمن الذي نعاصره، والذي هو محكوم بأسباب تاريخية من مكننة وزمكنة.

إن الثقافة العربية في هذا القرن عرفت لحظات من التجديد والحداثة و»الازدهار«، غير أنها مع ذلك تظل في نظر كثيرين ثقافة محافظة وبعيدة عن متطلبات العصر، وتغفل -متعمدة- الاستجابة لاستيعاب أسئلته الأساسية التي من شأنها أن تضع قواعد وأسس الفكر العربي المعاصر، بعيدا عن تسييسه وتخريب اتجاهاته.

لقد طرح الدكتور محمد برادة، أحد أبرز مثقفينا المنتجين والمنظرين، رأيا أرى أنه من الجرأة والصدق إلى الحد الذي نعجز عن ترجمة انطباعاتنا بشأنه سلبا أو إيجابا، فهو يقول في حديث نشرته له الصحافة العربية مؤخرا: »إن الثقافة العربية فاقدة للبوصلة في وقتنا الراهن، صحيح أن هناك »فورة« ثقافية، وأن هناك توجهات جريئة وصريحة لتحديد مسارات هذه النهضة، إلا أن هناك خللا شديدا في الثبات على رؤية موحدة، ورأي واحد يجمع المثقفين العرب.«

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia