Al-Watan (Saudi)

الكتابة والفعل الثقافي المؤثر

-

أذكر أني سئلت من أحد الصحفيين عن كيفية تحويل الكتابة إلى عادة يومية أو أسبوعية، وماذا يمكن أن يفعل الالتزام بالكاتب؟!

وكان أن أجبته إجابة لا تبتعد كثيرا عن دبلوماسية السؤال وحساسيته.

حين يلتزم الكاتب بالكتابة بشكل يومي أو أسبوعي، تصبح الكلمات لديه مستهلكة ومكررة، خاصة إذا أحس هذا الكاتب بأنه موظف لمهمة الكتابة، وملزم بها. عندها تفقد الكلمات أهميتها لافتقارها إلى الروح أو الحس الذي يحركها ويصنع الدور الذي تقوم به كأداة من أدوات التوعية والتنوير!.

إن التعبير لا يكون صادقا وحارا بغير الإحساس الذي يتولد عند الكاتب بالمعايشة والمعاناة.

إن الكاتب لا يبلغ ذروته في أدائه الفني وعطائه الفكري، ما لم يستشف ما يكتب من معاناة حقيقية، وتجارب شخصية، فمن المعاناة يتولد الإبداع.

الكاتب الذي يكتب دون أن يكون لديه هذا التفاعل، ودون أن يكون لعطائه أي قدر من الإحساس، يصبح إبداعه مفقود النبض والروح والهوية أيضا.

كيف يمكن للكاتب أن يكتب وهو يملك دوافع كثيرة لا نجد بينها دافع الإثراء والإضافة والتثقيف، أو دون أن يكون هناك هدف نبيل وراء الكتابة، حتى يمكن أن يصنع بفعل الكتابة فكرا له مميزاته وخصوصياته.

إن الأسلوب الذي يتميز به »الكتاب« يعد من أبرز سماتهم وخصائصهم الفنية، فالأسلوب إنما هو ميزة تخص الكاتب، ونجدها كما لو كانت خصلة من خصال تفكيره، لذلك فهو -أي الأسلوب- يأتي ليعبر عن شخصية الكاتب وأخلاقياته، وهو أيضا يأتي انعكاسا لما تأثرت به حياة الكاتب من أزمات وصراعات.

غالب كُتاب القصة والرواية في الأدب الغربي والعربي والأدب الإنساني كله، ترجموا أزماتهم النفسية وصراعاتهم العاطفية والفكرية إلى أعمال قصصية وروائية ناجحة، ونجد أن من أهم الأسباب التي حققت النجاح لهذه الأعمال أنها كانت تواصلا مع الحياة وتفاعلا معها.

الكتابة -كما يقول الدكتور حسام الخطيب- ليست تنفيسا ولا تعويضا، ولا بد أن يخضع الكاتب لظروف ومراحل يمر بها، ويحاول باستمرار أن يرى، ويستكشف، ثم يقدم رؤيته للآخرين كنوع من التواصل والتفاعل مع المجتمع، وجوهر الكتابة يتمثل في تكوُّن رؤى فنية مختلفة وآراء تشكل فعلا ثقافيا مؤثرا.

(حوار الأسئلة الشائكة - 1996(

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia