أفكار مدمرة تنبت في الضلال

»كما أن هناك أفكارا رائعة تلمع في حياة البشر وتظهر لهم الحقيقة، هناك أيضا أفكار مدمرة تنبت في العفن وترتوي بالخديعة والكذب، ولا تنمو إلا في الظلام!

فأنت تستطيع أن تضلل بعض الناس كل الوقت، وكل الناس بعض الوقت، ولكنك لا تستطيع أن تضلل الناس كل الوقت«.

تذكرت هذه الكلمات لأحمد حمروش، بعد أن أحدثت فيها من التغيير ما يقتضيه الموقف، فقد قرأت ما ينطوي تحت هذا المعنى، كونه خلاصة أفكار مدمرة حقا، لا تنبت إلا إذا حل الظلام وعم الجهل. جين ديكسون هي ليست نجمة من نجوم الأضواء في هوليوود، وإن كانت تفوقهم شهرة، لأنهم جميعا يكونون مادة سهلة ورئيسية لأفكارها المدمرة.

نجوم هوليود ينتظرون بخوف وقلق ما تردده من أكاذيب على رأس كل سنة ميلادية جديدة، وهم من السذاجة والغباء إلى الحد الذي يجعلهم يؤمنون بأفكارها، ويسلّمون بصدق أقوالها وقلوبهم واجفة!

إن »جين« هذه »بصارة« من الذين يمارسون الكذب حتى في صدقهم، وهي -كغيرها من المنجمين- ترسل تنبؤاتها كل عام، لتثير المخاوف في نفوس الذين يصدقون أفكارها، فيقعون فريسة سهلة للاكتئاب والتشاؤم.

لا يخامرني أدنى شك في أن لهذه التنبؤات الكاذبة التي تظهر كل عام -ومعظمها يأخذ طابع التكرار والسذاجةسماتها السياسية، فهي لا تخلو من حلول متوقعة لمشكلات العالم الاقتصادية والسياسية، من أبرز هذه التنبؤات موت فيدل كاسترو الزعيم الكوبي، ومرض الرئيس الأميركي، وبعض التكهنات الواهية التي تتناسب مع أطماع وطموحات السياسة الأميركية، فيما يتعلق بالوضع في الشرق الأوسط، وحوار الشرق والغرب، والعلاقات المأزومة والمتوترة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي.

لذلك، فإني لا أرى ما يدعو إلى الغرابة في أن يصدق وقع هذه التنبؤات، إذ إن في مقدور الإنسان العادي أن يتكهن بتصاعد التنافس بين القوتين العظميين، وتفاقم الخلافات العربية، واستمرار حالة الحرب في الشرق الأوسط، وبقاء إسرائيل في فلسطين.

لفت نظري في تنبؤات جيم ديكسون، والتي نشرتها إحدى المجلات الأميركية في مطلع عام 1987، أنها تنبأت بنجاح الأبحاث الخاصة بمرض العصر الغامض »الإيدز« بشكل يدعو إلى التفاؤل، إضافة إلى نجاحات بارزة في اكتشافات متطورة في مجال البحث العلمي، من بين هذه الاكتشافات التي شهدها عام 1987 ظهور هرمونات تقلل من أخطار الأزمات القلبية، واكتشاف نوع جديد من البلاستيك يحدث انقلابا في الصناعة الحديثة والحياة العلمية، من خصائص هذا النوع من البلاستيك أنه يحمل خصائص المعادن الموصلة نفسها، ويكون مصدرا للضوء ومقاوما للرصاص.

تنبؤ وحيد جاء ضمن هذه التنبؤات العجيبة، استاءت له المرأة الغربية، إذ إن جميع الفلكيين تنبؤوا بعودة المرأة إلى بيتها لرعاية زوجها وأطفالها، وهذا يتيح للرجل فرص عمل كثيرة تقضي على مشكلات البطالة، وعودة الاستقرار إلى الحياة الأسرية.

ولكن مع هذا، لا بد أن نتذكر أن المنجمين كاذبون وإن صدقوا.

حوار الأسئلة الشائكة - 1996