Al-Watan (Saudi)

وللعلم سياسته 2

-

.. ومن سياسة العلم -بعد الأخذ بمبدأي تقديم الأولويات، وأن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل- أن يقدم طالب العلم عمله للطبع بعد الاجتهاد والتقصي، ولا يرهنه بزيادة وسوسة تعطله.

وهؤلاء إذا أنجزوا أعمالهم أعادوها في طبعات أخرى، فكانت الطبعة الثانية كأنها تأليف جديد.

على هذا النمط أكثر تحقيقات شيخي عبدالفتاح أبوغدة، ومنه استفدت ذلك، ومن المحليين الدكتور عبدالله العثيمين، يكاد كتابه عن نشأة إمارة آل رشيد يكون تأليفا آخر في طبعته الثانية.

وبعكس هؤلاء شيخنا عبدالله بن خميس في كتابه عن الأدب الشعبي وراشد الخلاوي فإنه إعادة نسخ أو تصوير أو إعادة طبع الحرف بشكل آخر، وليس إعادة طبع بالمعنى الاصطلاحي الذي تكون فيه الطبعة الثانية مزيدة ومنقحة.

ومن سياسة العلم -ولها علاقة بالوسوسة العلميةما استفدته من شيخي عبدالرزاق عفيفي، متعه الله بالصحة والعافية، عندما كان يدرسنا التفسير أول ما فتح المعهد العالي للقضاء، فقد كان يوصي ذا التخصص بأن يشبع مسألته من تخصصه، فإذا اعترضت له مسألة جانبية قلد أهل التخصص.

وقرر أن الفقيه يقلد اللغوي والمحدث والأصولي إذا لم يكن متخصصا في كل هذه الفنون.

والبلاغي يقلد النحوي، والنحوي يقلد العروضي... إلخ.

قال أبوعبدالرح­من: ولقد كاد يغلبني شيء من الهوس العلمي، فإذا بحثت مثلا مسألة في الفقه وأردت أن أجتهد اجتهاد الفقهاء ثم عرضت لي مسألة أصولية نسفت مسألة الفقه وأردت أن أجتهد اجتهاد أهل الأصول.

وهكذا إن عرضت مسألة لغوية أو نحوية فأدركني الملل ولم أنجز كثيرا من تلك المسائل.

وبعضها طال عليه الأمد ونسيت مداخلي فيه ونواياي حوله فمزقته، وإن إهدار العلم أعظم سفها من تبذير المال.

ولكنني امتثلت وصية شيخي عبدالرزاق فأخذت الأمر على السماح.

ملاعبة الصيد - 1993

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia