Al-Watan (Saudi)

موسم الحصاد

- ميسون الدخيل

هذه أيام الاختبارات النصفية بالنسبة للتعليم العام، واختبارات الترم بالنسبة للتعليم العالي. عزيزتي الطالبة، عزيزي الطالب، إنه وقت تحصد فيه جميع ما بذلته من جهد وعمل وتركيز خلال الترم المنصرم، ومن قام بتنظيم وقته ومتابعة الدراسة والمراجعة والتلخيص منذ البداية فلن يكون عليه جهد كمن ترك كل شيء لليلة الاختبار!

بالنسبة للتعليم العام نضع اللوم على معلم الفصل حين لا يتابع سير التلاميذ ليتعرف على مستواهم، وأين هي نقاط ضعفهم، ويلام حين لا يضع خططا علاجية بعد التشخيص والمتابعة حتى يتم تقدم التلميذ، ويلام أيضا ولي الأمر حين يترك كل شيء للمدرسة، ولا يعلم مستوى ابنه الدراسي، ولا يدرك حجم مشاكله الدراسية إن وجدت!

أما بالنسبة للتعليم العالي فيلام الأستاذ الجامعي إن لم ينبه الطلبة إلى مخاطر عدم التخطيط والتلخيص والمراجعة أوّلاً فأوّل، أي أنه يلام حين لا يدرب الطلبة على إستراتيجيا­ت التعلم، فمثلا يلام حين لا يعطي الطلبة أعمالا تساعدهم على البحث عن المعلومة، أو عمل خارطة ذهنية، أو استخدم إستراتيجية «KWL» حتى يتم تخزينها في الذاكرة إلى أبعد مدى، ولكن يلام الطالب أيضا حين يحضر إلى الجامعة وكأنه ذاهب في رحلة مدرسية، لا دفتر محاضرات ولا كتابا ولا ورقة أو حتى قلم، فقط لا ينسى جهازه النقال »الجوال«، فهو عنده كل ما يحتاجه من أجل تزجية الوقت خلال المحاضرات بـ»التشات« ووسائل التواصل الاجتماعي! يحضر محاضرة ويغيب عن أربع، وعندما يشعر بخطر الحرمان تبدأ الأعذار والقصص والحكايات بالظهور! أين كنت من قبل؟ لماذا لم تقرر سحب المادة إن كنت على علم مسبق بظروفك؟! وهنالك من يغيب ويطلب ألا يحسب غيابه لأنه بعذر! نعم هو بعذر، لكن لم يتم الحضور، ولم تتم المشاركة! فكيف يعتبر كبقية الطلبة بأنه أتم حضور النسبة المطلوبة حتى تحسب له المادة؟! كيف تعتبر شخصا أنه وصل إلى مدينة أخرى وهو أصلا لم يصعد إلى الطائرة؟ نعم نطلبه في المدينة الأخرى لأنه كان مقررا أن يذهب فقابلته ظروف منعته من الالتحاق بالرحلة! منطق عجيب! لنضف إلى ذلك من لا يشتري الكتاب المقرر ليس لأنه غير قادر، بل لأنه غير راغب في ذلك! ولا ننسى من لا يعرف ما هو المطلوب، وفجأة يتذكر أن عليه اختبارا، ويبدأ بالسؤال المعهود »ما هو المطلوب منّا في الاختبار«!؟ عزيزي، إن المطلوب شيء من الخسّ والخيار والطماطم وقليل من الزيت والليمون من أجل السلطة، بما أن المطلب المعهود هو »راعينا« وكأننا في سوق خضار! الأستاذ الجامعي ليس ملاكا يمشي على الأرض فله أخطاؤه، ولكن بعض الطلبة يخرجونه عن طوره حتى يؤذن بالعبرية!

هنالك الكثير من الطلبة الذين يفرحون القلب فعلا! إنهم طلبة جلّ همهم التعلم والمتابعة، وإن نسيتَ أو أخطأت ذكروك وصححوا لك، فتشعر بأنك إن لم تحضر لتعطي أفضل ما عندك فسوف تخجل من نفسك أمامهم! يعملون على التحضير أوّلاً فأوّلَ، وعند أي تساؤل لا يؤجلون ذلك، بل يلجؤون إلى أستاذ المادة ولا يعتمدون على قالوا لي وأخبرني الزملاء، يأخذون المعلومة من فم الأسد! يطاردون الأستاذ حتى يرى أعمالهم قبل تسليمها للتأكد من صحتها وأنهم على المسار الصحيح، يجدولون المذاكرة بحيث لا يصبح لديهم ضغط، والأهم أنهم يذاكرون لأنهم راغبون في ذلك، وليس كأنه همٌّ يجثم فوق صدورهم، وهذا الأمر يعدهم نفسيا لمواجهة الاختبارات بارتياح، يأخذون فترات راحة وفترات مذاكرة دون أن يطغى الأول على الثاني، ويجهزون أسئلة للمادة بعد مسح دقيق لها، فلا يتركون شيئا إلا وقد تم تسجيله وتدوينه في سؤال، وبعد المذاكرة يتم المرور عليها كمراجعة، فإن حصل أن صعب عليهم سؤال عادوا إلى المادة للتأكد وإعادة المراجعة، يخرجون بمذكرة كاملة واضحة سهلة المتابعة للمراجعة، مستخدمين الخرائط الذهنية وخرائط المفاهيم والتلخيصات، وفي الاختبار يتبعون التعليمات بحذافيرها، ويراجعون الورقة ليس للتأكد من الإجابات فقط، بل للتأكد من أنهم لم ينسوا أي سؤال بدون إجابة، هؤلاء هم من يعلم كل أستاذ أنهم براعم واعدة للدراسات العليا، وبراعم واعدة في بناء مستقبل الوطن.

نستطيع أن نشتكي ونستطيع أن نخطط، طالما أن موعد الاختبار لم يأت بعد، إذًا لدينا الوقت لإعادة برمجة أوقاتنا والدخول في دائرة التجهيزات معتمدين على أنفسنا، فإن لم نُعِن أنفسنا فلن يعيننا أحد، حتى وإن استخدمنا تلخيصات الزملاء أو أسئلتهم، لأنهم هم من مسح المادة وتم له التعلم، أما نحن فنأخذ القشور وندخل الاختبار ونحن وحظّنا مع نوعية الأسئلة التي تعتمد على الفهم والتطبيق أو على الحفظ، قد ننجح ولكن بلا ذاكرة، لأن كل ما وضعناه على ورقة الاختبار يخرج منا ويبقى عليها ولا يعود إلينا!

أبنائي الطلبة، فترة الحصاد ليست سهلة، ولم يقل أحد إنها سهلة، ولكن من لديه الرغبة والإرادة فسوف تمر عليه بسلام، ومن يختلق الأعذار ويلوم كل ما يقع في طريقه من أستاذ المادة إلى الكتاب إلى كمية المعلومات إلى عدم تعاون الزملاء في المشاركة بمذكراتهم الدراسية، فسوف يضيع وقته، ويشتت ذهنه ولن يفهم أي شيء يمر عليه، لأنه في الأساس رافض ويستنكر متموضعا في خانة المظلومية!

نتمنى للجميع النجاح، ونتمنى لكل من خرج عن المسار الصحيح إعادة دراسة حالته، والتعرف على نقاط القوة ونقاط الضعف لديه، وأن يبدأ بالتدرب على إستراتيجيا­ت التعلم فورا حتى يستفيد من خبرته مستقبلا، والمستقبل للجميع.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia