إﺗﻘﺎن اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻻ ﻳﻘﻞ أﻫﻤﻴﺔ ﻋﻦ إﺗﻘﺎن اﻻﺑﺘﻜﺎر

اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ أﻣﺮ ﻣﻜﺮوه، أﻣﺎ اﻻﺑﺘﻜﺎر ﻓ ُﻤﻤ ّﺠﺪ. ﻳﺘﺠﲆ ﻫﺬا واﺿﺤﺎ ﰲ ﻛﻼم رﺟﺎل اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ وﰲ ﻋﺪد ﻻ ﻳﺤﴡ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻔﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻤﱢﺠﺪ اﻻﺑﺘﻜﺎر ودوره ﰲ ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻻﻗﺘﺼﺎد. اﻟﴩﻛﺎت ﻣﻄﺎﻟﺒﺔ ﺑﺄن ﺗﺒﺘﻜﺮ أو ﺗﻨﺘﻈﺮ اﻟﻔﻨﺎء. ﺣﺘﻰ ﰲ اﻷﻓﻼم ﻳُﺼ ّﻮر املﻘ ّﻠﺪون ﻋﲆ أﻧﻬﻢ أﴍار. ﻫﺬا ﰲ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت واﻷﻓﻼم، أﻣﺎ ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻓﺎﻟﴩﻛﺎت ﺗﻘﻠﺪ وﺗﻨﺠﺢ. اﻵﻳﺒﻮد ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أول ﻣﺸﻐﻞ ﻟﻠﻤﻮﺳﻴﻘﻰ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ، وﻛﺬﻟﻚ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ اﻵﻳﻔﻮن أول ﻫﺎﺗﻒ ذﻛﻲ، وﻻ ﻛﺎن اﻵﻳﺒﺎد أول ﺟﻬﺎز ﻟﻮﺣﻲ. ﻣﺎ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﻪ أﺑﻞ ﻫﻮ ﺗﻘﻠﻴﺪ ﻣﻨﺘﺠﺎت اﻵﺧﺮﻳﻦ ﺛﻢ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﻛﺜﺮ ﺟﺎذﺑﻴﺔ. أي أن اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺑﺸﻜﻠﻪ املﴩوع أﺻﺒﺢ راﺋﺠﺎ ﺟﺪا ﰲ اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧرية، ﻳﺘﻮﺻﻞ إﱃ ﻫﺬه اﻟﺨﻼﺻﺔ اﻟﻜﺎﺗﺐ أودﻳﺪ ﺷﻨﻜﺮ اﻟﱪوﻓﻴﺴﻮر ﰲ اﻹدارة ﰲ ﺟﺎﻣﻌﺔ أوﻫﺎﻳﻮ اﻟﺤﻜﻮﻣﻴﺔ ﰲ ﻛﺘﺎﺑﻪ املﺜري »املﻘﻠﺪون: ﻛﻴﻒ ﺗﺴﺘﺨﺪم اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺬﻛﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻟﻠﺘﻘﺪم إﺳﱰاﺗﻴﺠﻴﺎ ﻟﻸﻣﺎم«. ﺑني ﴍﻛﺎت أﻟﻌﺎب اﻹﻧﱰﻧﺖ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻨﺘﴩ اﻟﻨﺴﺦ واﻻﺗﻬﺎﻣﺎت ﺑﻪ ﺑﺸﻜﻞ واﺳﻊ، وﻳﺤﻜﻰ أن أﺣﺪ املﺪﻳﺮﻳﻦ ﻗﺎل ﻳﻮﻣﺎ ملﻮﻇﻒ ﻟﺪﻳﻪ »ﻻ أرﻳﺪك أن ﺗﺒﺘﻜﺮ، ﻓﻘﻂ ﻗﻠﺪ ﻣﺎ ﻳﻔﻌﻠﻮﻧﻪ واﺳﺘﻤﺮ ﰲ ذﻟﻚ ﺣﺘﻰ ﺗﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﺤﺼﻠﻮن ﻋﻠﻴﻪ ﻣﻦ أرﺑﺎح«. ﺑﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﺣﻘﻖ اﻹﺧﻮة أﻟﻜﺴﺎﻧﺪر، وأوﻟﻴﻔﺮ، وﻣﺎرك ﺳﺎﻣﻮﻳﺮ ﻣﻦ أملﺎﻧﻴﺎ ﺛﺮوة ﻫﺎﺋﻠﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻘﻠﻴﺪ اﺑﺘﻜﺎرات ﴍﻛﺎت اﻹﻧﱰﻧﺖ اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﺛﻢ ﺗﻘﺪﻳﻤﻬﺎ ﰲ أﺳﻮاق أﺧﺮى، ﻣﺜريﻳﻦ ﺑﺬﻟﻚ ﻏﻀﺐ أﻗﻄﺎب ﻫﺬه اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻄﺎملﺎ اﻓﺘﺨﺮت ﺑﺎﺑﺘﻜﺎراﺗﻬﺎ. ﻛﺎن آﺧﺮ ﻣﺎ ﻗﺪﻣﻪ اﻹﺧﻮة ﻫﻮ ﻣﻮﻗﻊ ﺑﻴﻨﺰﺑﺎﻳﺮ، وﻫﻮ ﺷﺒﻜﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﺗﻤﺎﺛﻞ ﰲ اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ واﻷﻟﻮان واﻟﺨﺼﺎﺋﺺ ﻣﻮﻗﻊ ﺑﻴﻨﱰﺳﺖ اﻟﺸﻬري آﺧﺮ اﻟﴫاﻋﺎت ﰲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﺸﺒﻜﺎت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ. ﻳﺒﺪو أن اﻟﺘﺎرﻳﺦ أﻳﻀﺎ ﻳﻘﻒ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﻘ ّﻠﺪﻳﻦ وﻳﻌ ّﻠﻤﻨﺎ أﻧﻬﻢ ﰲ ﻛﺜري ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻫﻢ ﻣﻦ ﻳﻔﻮزون ﰲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ. ﻣﻦ ﻳﺘﺬﻛﺮ اﻵن ﺗﺸﻜﺲ أول ﻣﻦ أﻧﺘﺞ ﻓﻮﻃﺎ ﻟﻸﻃﻔﺎل ﺗﺴﺘﻌﻤﻞ ملﺮة واﺣﺪة، واﻟﺘﻲ ﻗﺎﻣﺖ ﺑﺎﻣﱪز ﺑﺨﻄﻒ ﺑﺮﻳﻘﻬﺎ؟ ﻫﺬه ﻣﺜﺎل ﻋﺮﺿﻪ ﺗﻴﺪ ﻟﻴﻔﺖ، وﻫﻮ ﻣﻦ أواﺋﻞ ﻋﻠﻤﺎء اﻹدارة اﻟﺬﻳﻦ اﻋﱰﻓﻮا ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ، وﻛﺎن ﻗﺪ ﻛﺘﺐ ﰲ اﻟﺴﺘﻴﻨﻴﺎت أن اﻟﻨﺴﺦ ﻟﻴﺲ ﻓﻘﻂ أﻛﺜﺮ اﻧﺘﺸﺎرا وﺷﻴﻮﻋﺎ ﻣﻦ اﻻﺑﺘﻜﺎر، ﻟﻜﻨﻪ أﻳﻀﺎ ﻃﺮﻳﻖ ﻣﻮﺛﻮق ﻟﻠﻨﻤﻮ وﺗﺤﻘﻴﻖ اﻟﺮﺑﺢ. ﻓﺎﻟﺪراﺳﺎت ﺗﻈﻬﺮ أﻧﻪ ﰲ أﺳﻮأ اﻟﺤﺎﻻت ﻳﺤّﻘﻖ املﻨﺘَﺞ اﻟﺠﺪﻳﺪ ﻟﻠﴩﻛﺔ املﻘﻠﺪة ﻣﺜﻞ ﻣﺎ ﻳﺤﻘﻘﻪ ﻟﻠﴩﻛﺔ املﺒﺘﻜﺮة، وﰲ ﺑﻌﺾ اﻟﺤﺎﻻت أﻓﻀﻞ ﻣﻤﺎ ﻳﺤﻘﻘﻪ ﻟﻠﴩﻛﺔ املﺒﺘ ِﻜﺮة، وﻫﺬا ﺳﺒﺒﻪ أن املﻘ ّﻠﺪﻳﻦ ﻻ ﻳﺘﺤﻤﻠﻮن ﻋﺐء ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻟﺒﺤﻮث واﻟﺘﻄﻮﻳﺮ، وﻻ ﻳﻮاﺟﻬﻮن ﺧﻄﺮ اﻟﻔﺸﻞ، ﻓﻬﻢ ﻳﺘﻌﺎﻣﻠﻮن ﻣﻊ ﺳﻮق ﻣﺠﺮﺑﺔ ﺗﻢ اﺧﺘﺒﺎر املﻨﺘﺞ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ اﻟﴩﻛﺔ املﺒﺘﻜﺮة. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ واﻧﺘﺸﺎره إﻻ أﻧﻨﺎ ﻧﺎدرا ﻣﺎ ﻧﺮى اﻟﴩﻛﺎت ﺗﻌﱰف ﺑﺄﻧﻬﺎ »ﻣﻘﻠﺪة«، وﻟﻬﺬا أﺳﺒﺎب ﻋﺪة. ﻣﻨﻬﺎ أوﻻ: أن املﺪﻳﺮ ﻳﻨﻈﺮ إﱃ وﺻﻔﻪ »ﺑﺎملﻘ ّﻠﺪ« اﻧﺘﻘﺎﺻﺎ ﻟﺬاﺗﻪ. وﺛﺎﻧﻴﺎ: ﻗﺪ ﻳﺸ ّﻜﻞ اﻻﻋﱰاف ﺑﺎﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﺧﻄﺮا ﻋﲆ اﻟﴩﻛﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻘﺎﻧﻮﻧﻴﺔ. ﻟﻜﻦ ﺣﺘﻰ ﺑﻮﺟﻮد ﻫﺬه املﺨﺎﻃﺮ، ﻻ ﻳﺰال ﻫﻨﺎك ﻣﺠﺎل ﻻ ﺑﺄس ﺑﻪ ﻟﻠﺘﻘﻠﻴﺪ ﺑﺄﻣﺎن، ﻛﻤﺎ ﻓﻌﻞ ﺟﺎن ﺑﻮل ﺟﻴﻼرد اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي اﻟﺴﺎﺑﻖ املﺴﺆول ﻋﻦ ﻣﺎرﻛﺔ ﻧﺴﱪﺳﻮ، وﻫﻮ ﻧﻈﺎم ﺗﺤﻀري اﻟﻘﻬﻮة اﻟﺬي اﺑﺘﻜﺮﺗﻪ ﴍﻛﺔ ﻧﺴﺘﻠﺔ اﻟﺴﻮﻳﴪﻳﺔ اﻟﻌﻤﻼﻗﺔ وﺣﻘﻖ ﻟﻬﺎ املﻠﻴﺎرات ﻣﻦ اﻷرﺑﺎح. ﻓﻘﺪ ﻗﺮر ﺟﻴﻼرد اﻟﻌﻮدة إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻤﴩوع ﺟﺪﻳﺪ ﻳﻘﻮم ﻋﲆ ﺻﻨﻊ ﻛﺒﺴﻮﻻت ملﺎﻛﻴﻨﺎت اﻟﻨﺴﱪﺳﻮ، ﻟﻴﻨﺎﻓﺲ ﺑﺬﻟﻚ ﺑﺬور اﻟﻨﺴﱪﺳﻮ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﺠﻬﺎ ﴍﻛﺘﻪ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ ﻧﺴﺘﻠﺔ، وﻣﴣ ﺟﺎن ﺑﻮل ﰲ ﻣﴩوﻋﻪ دون أن ﺗﺴﺘﻄﻴﻊ ﻧﺴﺘﻠﺔ ﻋﻤﻞ ﳾء ﻹﻳﻘﺎﻓﻪ. ﻓﺎﻟﻨﺴﺦ ﻳﻜﻮن أﻛﺜﺮ أﻣﺎﻧﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻮم املﻘﻠﺪ ﺑﺎﺳﺘﻬﺪاف زﺑﺎﺋﻦ املﺒﺘﻜﺮ. ﻣﺜﻼ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺑﺪأت ﴍﻛﺔ اﻟﻄريان رﻳﺎن آﻳﺮ ﻋﻤﻠﻴﺎﺗﻬﺎ ﻣﻘﻠﺪة ﻧﻤﻮذج ﻋﻤﻞ ﴍﻛﺔ ﺳﺎوث وﻳﺴﺖ اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﻟﻠﻄريان املﻨﺨﻔﺾ اﻟﺘﻜﻠﻔﺔ، ﻟﻢ ﺗﺒﺪ اﻷﺧرية أي اﻋﱰاض ﻋﲆ ﻫﺬا. ﻗﻠﺔ ﻫﻢ أﺻﺤﺎب اﻟﴩﻛﺎت اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺘﺠﺮؤون ﻋﲆ اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻦ اﻟﺘﻘﻴﻴﺪات املﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻻﺑﺘﻜﺎر، وﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻘﻠﺔ ﻛﻴﻔﻦ روﻟﻴﻨﺰ اﻟﺮﺋﻴﺲ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬي اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﴩﻛﺔ دﻳﻞ ﻟﺼﻨﺎﻋﺔ اﻟﺤﻮاﺳﻴﺐ اﻟﺬي ﻳﺘﺴﺎءل: »إذا ﻛﺎن اﻻﺑﺘﻜﺎر ﺳﻼﺣﺎ ﺗﻨﺎﻓﺴﻴﺎ ﻗﻮﻳﺎ ملﺎذا إذاً ﻻ ﻳُﱰﺟﻢ إﱃ رﺑﺤﻴﺔ«. أﻣﺎ ﻣﻌﻈﻢ أﺻﺤﺎب اﻷﻋﻤﺎل ﻓﻴﻈﻠﻮن ﻣﻬﻮوﺳني ﺑﺎﺑﺘﻜﺎراﺗﻬﻢ، اﻟﺘﻘﻠﻴﺪ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﺤﺮم، واملﻮﻇﻒ اﻟﺬي ﻳﺄﺧﺬ أﻓﻜﺎرا ﻣﻦ ﴍﻛﺎت أﺧﺮى ﻟﻦ ﻳﻤﺪﺣﻪ أﺣﺪ، وﻟﻦ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﲆ ﺗﺮﻗﻴﺔ.

* ﻣﺠﻠﺔ اﻹﻳﻜﻮﻧﻮﻣﺴﺖ، ﻗﺴﻢ ﺷﻮﻣﺒﻴﱰ