اﳌﺪرﺳﺔ واﻷﴎة ﻣﻦ أﺟﻞ ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻋﺎﱄ اﻟﺠﻮدة

ﺻﺎﻟﺢ اﻟﻌﻠﻴﺎﻧﻲ

ﻻ ﻳﺨﺘﻠﻒ أﺣﺪ ﻋﲆ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، ﻓﻬﻮ أﺳﺎس ﻧﻬﻮض ﻛﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ، ﻛﻤﺎ ﻳﺘﻔﻖ اﻟﻜﻞ ﻋﲆ أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻫﻮ ﻣﻔﺘﺎح اﻹﻧﺘﺎج املﻌﺮﰲ واﻟﺜﻘﺎﰲ واﻟﺘﻘﻨﻲ، ﻓﺈن وﺟﺪت ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ﻣﺘﻘﺪﻣﺎ ﺗﻘﻨﻴﺎ أو ﻋﺴﻜﺮﻳﺎ أو ﻃﺒﻴﺎ، ﻓﻮراءه ﺗﻌﻠﻴﻢ ﻓﻌﺎل.

وﻟﻜﻦ، ﻳﻈﻞ اﻻﺧﺘﻼف اﻟﻘﺎﺋﻢ اﻟﻴﻮم ﰲ أوﺳﺎط املﺠﺘﻤﻌﺎت، ﻫﻮ ﰲ ﻣﻌﺮﻓﺔ أﺻﺤﺎب املﺼﻠﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، وﻫﻞ ﻣﺎ زال املﻌﻨﻴﻮن ﺑﻪ ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻫﻢ املﻌﻨﻴﻮن ﺑﻪ ﰲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ، أم إن املﺘﻐريات اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺘﻘﻨﻴﺔ واﻟﺘﻌﻠﻤﻴﺔ وﺳﻌﺖ داﺋﺮة املﺴﺆوﻟني ﻋﻨﻪ واملﺘﺄﺛﺮﻳﻦ ﺑﻪ.

ﻗﺪﻳﻤﺎ، ﻛﺎﻧﺖ املﺪرﺳﺔ ﻫﻲ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﻮﺣﻴﺪة ﰲ ﺗﺮﺑﻴﺔ وﺗﻌﻠﻴﻢ اﻟﻨﺶء، وﻛﺎن ﻣﺼﺪر املﻌﺮﻓﺔ ﻣﺨﺘﺰﻻ ﻓﻴﻤﺎ ﻟﺪى املﺪرﺳﺔ واملﻌﻠﻢ ﻓﻘﻂ، ﰲ ﺣني ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻵﺑﺎء ﻣﻊ املﺪرﺳﺔ ﻣﻨﻌﺪﻣﺔ، إﻻ ﻣﻦ ﻣﺴﺎﻋﺪة املﺪرﺳﺔ ﰲ ﴐب اﻷﺑﻨﺎء ﻋﻨﺪ ارﺗﻜﺎﺑﻬﻢ اﻷﺧﻄﺎء.

اﻟﻴﻮم، وﻣﻊ ﻫﺬه اﻟﺜﻮرة املﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﺘﻘﻨﻴﺔ، أﺻﺒﺤﺖ املﻌﺮﻓﺔ ﻣﺘﺎﺣﺔ ﺗﺤﺖ أﺻﺎﺑﻊ اﻟﻴﺪ، وأﺻﺒﺢ اﻟﱰﺑﻮﻳﻮن ﻳﺆﻛﺪون أﻫﻤﻴﺔ دور اﻷﴎة ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ.

ﺑﻞ وأﺻﺒﺤﺖ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ ﺗﻀﻊ ﻟﻸﴎة اﻟﺤﻘﻮق ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﺼﻞ ﺑﺎملﺸﺎرﻛﺔ ﰲ ﺗﻌﻠﻢ أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ، واﺗﺨﺎذ اﻟﻘﺮارات ﻣﻊ املﺪرﺳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺴﻬﻢ ﰲ ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺑني املﺪرﺳﺔ واﻷﴎة.

إن ﻫﺬا اﻟﺘﺤﻮل ﰲ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺗﺠﺎه اﺳﺘﻴﻌﺎب اﻷﴎة ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، وﻣﻨﺤﻬﺎ اﻟﺤﻘﻮق واﻟﻮاﺟﺒﺎت، ﻳﺸري إﱃ أن اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ اﻟﺠﻤﻴﻊ -ﻣﻊ اﺧﺘﻼف ﻣﺴﺘﻮى املﺴﺆوﻟﻴﺔ ﺑﺎﻟﻄﺒﻊ- ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﻬﺪف إﱃ ﺗﻮﺳﻴﻊ داﺋﺮة ﺗﺄﺛري أﺻﺤﺎب املﺼﻠﺤﺔ ﻣﻦ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، ﺑﻤﺎ ﻳﻨﻌﻜﺲ ﻋﲆ ﻧﺘﺎﺋﺞ املﺪرﺳﺔ واﻷﺑﻨﺎء.

وﻟﻮ اﺳﺘﻌﺮﺿﻨﺎ اﻷﻧﻈﻤﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻌﺎملﻴﺔ ﻟﻮﺟﺪﻧﺎﻫﺎ ﰲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺗﺆﻛﺪ ﻣﻤﺎرﺳﺎﺗﻬﺎ ﻋﲆ دور اﻷﴎة، وإﴍاﻛﻬﺎ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ، ﺑﻞ إن ﺗﻠﻚ اﻷﻧﻈﻤﺔ ﻣﻜﻨﺖ ﻣﺪارﺳﻬﺎ ﻣﻦ ﺻﻼﺣﻴﺎت أﻛﱪ، ﻟﻀﻤﺎن إﴍاك اﻷﴎة اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ املﺆﺳﺴﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ اﻷوﱃ ﰲ ﺣﻴﺎة اﻟﻄﻔﻞ.

أﺻﺒﺢ ﻣﻦ املﺆﻛﺪ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻛﺂﺑﺎء أن ﻧﻌﻤﻞ ﻣﻊ ﻣﺪارس أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ، وﻧﺒﻨﻲ اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻣﻌﻬﺎ ﺑﺎﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻟﺪاﺋﻢ، واملﺸﺎرﻛﺔ ﰲ أﻧﺸﻄﺘﻬﺎ وﺑﺮاﻣﺠﻬﺎ، وﺣﻀﻮر ﻣﺠﺎﻟﺴﻬﺎ وﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻋﻢ ﻟﻬﺎ وﺗﻘﺪﻳﺮ ﺟﻬﻮدﻫﺎ، ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻧﺎ ﴍﻛﺎء وﻣﺴﺆوﻟني ﰲ ﺗﻌﻠﻢ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﻛﺬﻟﻚ.

إن دورﻧﺎ -ﻛﺂﺑﺎء- ﻧﺤﻮ ﺗﻌﻠﻢ أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻟﻴﺲ ﻛﺪورﻧﺎ اﻟﻴﻮم. وإﻧﻨﺎ ﺑﻬﺬا ﻻ ﻧﻌﻨﻲ أن ﺗﺘﺨﲆ املﺪرﺳﺔ ﻋﻦ دورﻫﺎ ﰲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ، وإﻧﻤﺎ أن ﻧﻌﺘﻨﻲ ﻛﺂﺑﺎء ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺪﻣﻪ املﺪرﺳﺔ ﻷﺑﻨﺎﺋﻨﺎ.

ﻛﻤﺎ أﻧﻪ ﻳﺠﺐ ﻋﲆ املﺪارس -ﰲ املﻘﺎﺑﻞ- أن ﺗﺆﻣﻦ أن اﻷﴎة ﻗﺪﻳﻤﺎ ﻟﻴﺴﺖ ﰲ ﺧﱪﺗﻬﺎ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ﻛﺎﻟﻮﻗﺖ اﻟﺤﺎﴐ، وأن اﻵﺑﺎء أﺻﺒﺤﻮا أﻛﺜﺮ ﺧﱪة ﰲ ﺗﻘﻴﻴﻢ أداء املﺪارس، اﻷﻣﺮ اﻟﺬي ﻳﺆﻛﺪ ﻋﲆ املﺪارس ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻵﺑﺎء ﺧﻄﻂ وﺑﺮاﻣﺞ وأﻫﺪاف ﻣﺪارﺳﻬﻢ، ﻟﺘﻌﺰﻳﺰ ﺗﻠﻚ اﻟﻌﻼﻗﺔ.

إﻧﻨﺎ ﺑﻬﺬه اﻟﻘﻨﺎﻋﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺗﺠﺎه املﺪرﺳﺔ ﻧﺤﺴﻦ -ﻛﺂﺑﺎء- ﻣﻦ ﻋﻼﻗﺘﻨﺎ ﻣﻊ ﻣﺪارس أﺑﻨﺎﺋﻨﺎ، وﻧﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﻓﻬﻢ اﻟﺨﺼﺎﺋﺺ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ﻟﻸﺑﻨﺎء، وﺗﺰﻳﺪ ﺛﻘﺎﻓﺘﻨﺎ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ ﺣﻮﻟﻬﻢ، إﺿﺎﻓﺔ إﱃ اﻷﺛﺮ اﻹﻳﺠﺎﺑﻲ ﻋﲆ أداء املﺪرﺳﺔ، وﺗﺸﺠﻴﻊ اﻟﻌﺎﻣﻠني ﻓﻴﻬﺎ ﻟﺰﻳﺎدة إﻧﺘﺎﺟﻴﺘﻬﻢ.

وإﻳﻤﺎﻧﺎ ﺑﻬﺬا ﻛﻠﻪ، ﻓﻘﺪ أﻃﻠﻘﺖ وزارة اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ ﻣﺒﺎدرة »ارﺗﻘﺎء« اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻨﻰ ﺑﺘﻌﺰﻳﺰ اﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑني املﺪرﺳﺔ واﻷﴎة واملﺠﺘﻤﻊ، وﺗﻬﺪف إﱃ اﻟﺘﺄﻛﻴﺪ أن اﻷﴎة ﻫﻲ ﻣﺪرﺳﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻬﻤﺔ، ورﻛﻦ أﺳﺎﳼ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﱰﺑﻮﻳﺔ واﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ املﺪرﺳﺔ، وﺗﺴﻌﻰ ﻫﺬه املﺒﺎدرة إﱃ إﴍاك 80% ﻣﻦ اﻷﴎ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﱰﺑﻮﻳﺔ ﺑﺤﻠﻮل ،2030 وﻗﺪﻣﺖ ﻫﺬه املﺒﺎدرة اﻵﻻف ﻣﻦ ﺣﻠﻘﺎت اﻟﻨﻘﺎش ﻷوﻟﻴﺎء اﻷﻣﻮر ﰲ املﺪارس وأﻧﺪﻳﺔ اﻟﺤﻲ، ﻟﺘﺸﺠﻴﻌﻬﻢ ﻋﲆ ﺑﻨﺎء اﻟﻌﻼﻗﺔ ﻣﻊ ﻣﺪارس أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ.

إﻧﻨﺎ ﺣني ﻧﻌﻤﻞ -آﺑﺎء وﻣﺴﺆوﱄ ﺗﻌﻠﻴﻢ- ﺳﻮﻳﺎ ﻋﲆ ﺗﺠﺴري اﻟﻌﻼﻗﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﱰﺑﻮﻳﺔ، ﻓﺈﻧﻨﺎ -ﺑﻼ ﺷﻚ- ﺳﻨﺼﻞ إﱃ ﺗﻌﻠﻴﻢ أﻓﻀﻞ وﻧﺘﺎﺋﺞ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﻮدة ﻣﺤﻠﻴّﺎ وﻋﺎملﻴّﺎ، ﻟﻨﺤﻘﻖ ﺑﺬﻟﻚ رؤﻳﺔ وﻃﻨﻨﺎ، وﻃﻦ اﻟﻄﻤﻮح اﻟﺬي ﻟﻢ ﻳﺪﺧﺮ ﺟﻬﺪا ﰲ ﺗﺴﺨري ﻛﻞ اﻹﻣﻜﺎﻧﺎت وﺗﺬﻟﻴﻞ ﻛﻞ اﻟﻌﻘﺒﺎت، ﻟﺒﻨﺎء ﺟﻴﻞ واﻋﺪ ﻳﺴﻬﻢ ﰲ ﻗﻴﺎدة اﻟﻌﺎﻟﻢ.