اﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ اﻟﺜﻮاﺑﺖ وﻟﻴﺲ اﳌﺘﻐﲑات

ﺻﻼح اﻟﻌﺒﺎدي

ﻫﻨﺎك ﴐورة ﰲ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻛﻠﻪ ﻹﺣﻴﺎء دﻳﻨﻲ، ﻳﺮﻓﻊ راﻳﺔ ﺣﻖ ﺑني ﻛﻞ اﻟﺮاﻳﺎت املﻀﻠﻠﺔ. واﻻﺣﺘﻴﺎج ﻋﺎملﻲ ﻷن اﻟﻨﻘﺺ أﻳﻀﺎ ﻋﺎملﻲ، واﻷﻋﺮاض ﺗﺸﻬﺪ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن ﻋﲆ ﺻﺪق اﻟﺘﺸﺨﻴﺺ، وﻟﺒﻠﻮغ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﻟﻬﺪف ﻻ ﺑﺪ ﻣﻦ إﻋﺎدة ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﰲ أﺻﻮﻟﻪ اﻟﻨﻘﻴﺔ وﺑﻠﻐﺔ ﻋﴫﻳﺔ ﻋﺎملﻴﺔ، ﺗﺨﺎﻃﺐ اﻟﻜﻞ ﰲ ﻛﻞ ﻣﻜﺎن، وﻟﻴﺲ ﺑﻠﻐﺔ ﻃﺎﺋﻔﻴﺔ ﻣﻨﻐﻠﻘﺔ ﻣﺘﻌﺼﺒﺔ، إذ ﻳﺠﺐ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺪﻳﻦ ﰲ روﺣﻪ وﺟﻮﻫﺮه، وﻟﻴﺲ ﰲ ﺷﻜﻠﻴﺎﺗﻪ. اﻟﺪﻳﻦ ﻛﺨﻠﻖ وﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ وﻋﻤﻞ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﱃ. اﻟﺪﻳﻦ ﻛﺤﺐ ووﻋﻲ ﻛﻮﻧﻲ وﻋﻠﻢ وﺗﻘﺪﻳﺲ ﻟﻠﺨري واﻟﺠﻤﺎل واﻟﻌﺪل. اﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت واﻻﺧﺘﻼﻓﺎت ﺣﻮل اﻟﺸﻜﻠﻴﺎت واملﻈﺎﻫﺮ ﻣﻦ أﻛﱪ املﺸﺎﻛﻞ اﻟﺘﻲ أﺧﺮت اﻹﺳﻼم، واﻻﺳﺘﻐﺮاق ﰲ اﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ إﱃ درﺟﺔ ﻧﺴﻴﺎن ﻟﺐ املﻮﺿﻮع. ﻣﺜﻼ ﻫﻞ ﺗﻐﻄﻲ اﻟﻄﺮﺣﺔ وﺟﻪ املﺮأة أم ﺷﻌﺮﻫﺎ ﻓﻘﻂ؟ ﻫﻞ ﺣﻠﻖ اﻟﻠﺤﻴﺔ وﺗﺮك املﺴﻮاك ﻛﻔﺮ؟، ﻫﻞ اﻻﺳﺘﻨﺠﺎء ﺑﺎﻟﺤﴡ أﻓﻀﻞ أم ﺑﺎملﺎء؟ ﻫﻞ اﻗﺘﻨﺎء اﻟﺼﻮر وﺗﻌﻠﻴﻘﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﺠﺪران ﺣﺮام؟ ﻋﴩات وﻋﴩات ﻣﻦ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﺠﺰﺋﻴﺔ، ﻳﻜﻔﺮ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻮاﺣﺪ اﻵﺧﺮ، وﺗﻀﻴﻊ روح اﻹﺳﻼم وﻳﻀﻴﻊ ﻟﺒﺎﺑﻪ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺘﻨﺎﺑﺬ ﺣﻮل ﻫﺬه اﻟﻘﺸﻮر. اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﰲ ﻧﻈﺮي ﻫﻲ اﺗﺒﺎع اﻟﺮﺳﻮل ﻓﻴﻤﺎ ﺗﻤﻴﺰ ﺑﻪ ﻣﻦ ﺧﻠﻖ وإﻳﻤﺎن وﻋﻘﻴﺪة وﺻﻔﺎء ﻧﻔﺲ، وﻟﻴﺲ ﻓﻴﻤﺎ ﻛﺎن ﻳﺘﺴﻮك أو ﻳﻜﺘﺤﻞ أو ﻳﻠﺒﺲ وﻳﺄﻛﻞ. ﻟﻘﺪ ﻛﺎن اﻟﺮﺳﻮل ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻳﺮﻛﺐ اﻟﺒﻐﻠﺔ، ﻓﻠﻤﺎذا ﻻ ﻳﺘﺨﺬﻫﺎ أﺻﺤﺎﺑﻨﺎ ﺳﻨﺔ وﻳﱰﻛﻮن رﻛﻮب اﻟﻄﺎﺋﺮات. ﻛﺎن ﻋﻠﻴﻪ اﻟﺼﻼة واﻟﺴﻼم ﻳﺄﻛﻞ ﺑﺄﺻﺎﺑﻌﻪ وﻛﺎن ﻳﺬﻫﺐ إﱃ اﻟﺨﻼء ﻟﻘﻀﺎء اﻟﺤﺎﺟﺔ، ﻓﻬﻞ ﻧﺘﺨﺬ ﻫﺬه اﻷﻣﻮر ﺳﻨﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﻄﺎﻟﺐ ﺑﻌﺾ اﻟﻐﻼة؟. إن ﻫﻲ إﻻ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺷﻜﻠﻴﺔ ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺎﻟﻌﴫ، ﻓﻠﻤﺎ ﺗﻐري اﻟﻌﴫ ﺗﻐريت ﻫﻲ أﻳﻀﺎ ﻷن اﻟﻌﴫ ﻗﺪم ﻟﻨﺎ ﺑﺪاﺋﻞ أﻓﻀﻞ، وأﺻﺒﺢ ﻟﺪﻳﻨﺎ اﻟﻄﺎﺋﺮات واﻟﻘﻄﺎرات واﻟﻔﺮﺷﺎة وﻣﻌﺠﻮن اﻷﺳﻨﺎن. ﻫﺬا ﻣﻔﻬﻮم وﻣﻌﻨﻰ اﻟﺴﻨﺔ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ وروﺣﻬﺎ، أﻣﺎ ﻏري ذﻟﻚ ﻓﺄﻣﻮر ﻻ ﺗﻘﺪم وﻻ ﺗﺆﺧﺮ. أﻋﺘﻘﺪ ﺑﻬﺬا اﻷﺳﻠﻮب ﻧﺪﻋﻮ إﱃ اﻟﺪﻳﻦ، ﺑﺄن ﻧﺠﻠﻮ روﺣﻪ وﺟﻮﻫﺮه وﻧﻘﺪﻣﻪ رﺳﺎﻟﺔ ﻋﺎملﻴﺔ ﻣﺘﻤﻴﺰة ﻟﻠﻌﺎﻟﻢ، وﻟﻴﺲ ﺑﺄن ﻧﺨﺘﻠﻒ ﻓﺮﻗﺎ وﻃﻮاﺋﻒ، وﻧﺘﻌﺎرك ﻋﲆ ﺷﻜﻠﻴﺎت وأﻣﻮر ﺛﺎﻧﻮﻳﺔ. ﻧﺤﻦ اﻟﻴﻮم ﰲ ﻋﺎﻟﻢ ارﺗﺪ إﱃ ﺟﺎﻫﻠﻴﺔ ﴍﺳﺔ. ﻋﻠﻴﻨﺎ أن ﻧﺒﺪأ ﻣﻌﻪ ﻣﻦ اﻟﺒﺪاﻳﺔ، املﻄﻠﻮب إذن دﻋﻮة ﺗﻮﻗﻆ اﻟﻨﻔﻮس ﻋﲆ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﻘﻀﻴﺔ وﺳﻤﺎﺣﺔ روﺣﻬﺎ، دﻋﻮة ﺗﺘﻜﻠﻢ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻌﴫ وﻣﺨﺎﻃﺒﺔ اﻟﻜﻞ دون ﺗﻌﺼﺐ، ﺗﻤﺲ ﰲ ﻗﻠﺐ اﻟﺒﴩ ذﻟﻚ اﻟﻔﺮاغ واﻟﺨﻮاء واﻟﺨﺮاب اﻟﺬي أﻓﺴﺪه دﻋﺎة اﻟﻀﻼل واﻟﺘﺰﻣﺖ، ﺗﻘﺮب اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ أﺻﻮﻟﻪ، ﻣﻦ ﻓﻄﺮﺗﻪ اﻟﺘﻲ ﻓﻄﺮ ﻋﻠﻴﻬﺎ، وﺗﺤﺎول أن ﺗﻌﻴﺪه ﺑﺮﻓﻖ وﺑﺄﺳﻠﻮب ﺳﻮي ﻻ ﻛﱪ وﻻ ﻋﺪواﻧﻴﺔ ﻓﻴﻪ وﻻ ﺗﺸﻨﺞ، وأﻳﻀﺎ ﻻ اﺣﺘﻔﺎل ﺑﺎﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ واﻷﻣﻮر اﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ. ﻟﻜﻞ ﻣﺎ ﺗﻘﺪم أؤﻛﺪ أن اﻟﺪﻳﻦ ﻫﻮ اﻟﺜﻮاﺑﺖ وﻟﻴﺲ املﺘﻐريات!.