اﻟﺨﻴﺎرات أﻣﺎم ﺧﺎﻣﻨﱩ ﻟﻼﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻼﺣﺘﺠﺎﺟﺎت (2)

ﻓﻴﻤﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ ﺑﺎﻷﻋﻤﺎل املﺤﺘﻤﻠﺔ -أو اﻟﺘﻘﺎﻋﺲ- ﺗﺠﺎه املﺼﺎﻟﺢ اﻷﻣريﻛﻴﺔ، ﻳﻤﻜﻦ ﻟﻬﺬه اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت أن ﺗﻮﺟﻪ ﻃﻬﺮان ﻧﺤﻮ أﺣﺪ ﻣﻦ ﺛﻼﺛﺔ ﻣﺴﺎرات:

ﺑﻌﺪ ﻗﻤﻊ اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت، اﻟﻤﻮاﻓﻘﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺤﺎدﺛﺎت

ﺷّﻜﻞ ذﻟﻚ ﻧﻬﺠﺎً اﺗﺒﻌﻪ اﻟﻨﻈﺎم ﰲ أﻋﻘﺎب اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت اﻟﻮاﺳﻌﺔ اﻟﺘﻲ أﻋﻘﺒﺖ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﻴﺔ املﺰورة ﻋﺎم ،2009 ﺣﻴﺚ واﻓﻘﺖ ﺣﻜﻮﻣﺔ أﺣﻤﺪي ﻧﺠﺎد ﻋﲆ إرﺳﺎل 1200 ﻛﻠﺠﻢ ﻣﻦ اﻟﻴﻮراﻧﻴﻮم املﻨﺨﻔﺾ اﻟﺘﺨﺼﻴﺐ إﱃ اﻟﺨﺎرج، ﺣﻴﺚ ﻛﺎﻧﺖ روﺳﻴﺎ وﻓﺮﻧﺴﺎ ﺳﺘﻘﻮﻣﺎن ﺑﺘﺼﻨﻴﻌﻪ ﻟﺘﺤﻮﻳﻠﻪ إﱃ وﻗﻮد ﻟـ»ﻣﻔﺎﻋﻞ ﻃﻬﺮان اﻟﺒﺤﺜﻲ«. وﺗﻢ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﱃ اﻟﺼﻔﻘﺔ ﰲ أدﻧﻰ ﺗﻔﺎﺻﻴﻠﻬﺎ، ﻟﺘﻠﺒﻴﺔ ﻣﺼﻠﺤﺔ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وﺣﻠﻔﺎﺋﻬﺎ املﺘﻤﺜﻠﺔ ﰲ إﻃﺎﻟﺔ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺳﺘﺤﺘﺎﺟﻪ إﻳﺮان ﻟﺘﻄﻮﻳﺮ ﺳﻼح ﻧﻮوي، إذا ﻣﺎ أرادت ذﻟﻚ. ورﻏﻢ أن ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ رﻓﺾ اﻻﺗﻔﺎق ﻻﺣﻘﺎ إﻻ أن املﺒﺪأ اﻟﻌﺎم ﻻ ﻳﺰال ﺳﺎرﻳﺎ اﻟﻴﻮم، أي ﻋﺪم اﺳﺘﺴﻼم إﻳﺮان ﻟﻠﻀﻐﻂ، ﺑﻞ اﺳﺘﺴﻼﻣﻬﺎ ﻟﻠﻀﻐﻂ اﻟﺸﺪﻳﺪ.

رد اﻟﺼﻔﻌﺔ ﺑﻘﺴﺎوة أﻛﺒﺮ

إذا ﻗﺮرت إﻳﺮان اﺳﺘﺌﻨﺎف ﻣﺠﻤﻮﻋﺘﻬﺎ اﻷﺧرية ﻣﻦ اﻻﺳﺘﻔﺰازات اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ،

رﺑﻤﺎ ﺗﻘﻮم ﺑﺬﻟﻚ ﻛﻮﺳﻴﻠﺔ ﻟﺘﻐﻴري اﻟﺤﻮار ﻣﻦ املﺸﺎﻛﻞ املﺤﻠﻴﺔ إﱃ اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ، وﻟﻜﻦ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻳﺮى ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ أن اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة ﻣﺴﺆوﻟﺔ ﻋﻦ اﻟﺘﻈﺎﻫﺮات، ﻓﻘﺪ ﻳﺸﻌﺮ أﻳﻀﺎ ﺑﺎﻟﺤﺎﺟﺔ إﱃ ﺟﻌﻞ واﺷﻨﻄﻦ ﺗﺮى أﻧﻬﺎ ﺳﺘﺪﻓﻊ ﺛﻤﻦ إﺛﺎرة املﺸﺎﻛﻞ ﰲ إﻳﺮان. ﻓﻔﻲ 20 ﻧﻮﻓﻤﱪ، ﻛﺘﺐ رﺋﻴﺲ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺻﺤﻴﻔﺔ »ﻛﻴﻬﺎن« ﺣﺴني ﴍﻳﻌﺘﻤﺪاري -وﻫﻮ ﻣﺴﺘﺸﺎر ﻣﻘﺮب ﻟﺨﺎﻣﻨﺌﻲ ﻏﺎﻟﺒﺎً ﻣﺎ ﻳﻌﱪ ﻋﻦ آراء أﻛﺜﺮ ﺗﺸﺪدا ﻣﻦ املﺮﺷﺪ اﻷﻋﲆ- أن ﻹﻳﺮان ﺣﻘﺎ ﻣﴩوﻋﺎ ﰲ اﻟﺮد ﻋﲆ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وإﴎاﺋﻴﻞ وﻓﺮﻧﺴﺎ واﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ ﺑﺴﺒﺐ ﻣﺎ اﻋﺘﱪه إﺛﺎرة اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت.

وﻣﻨﺬ أواﺋﻞ ﻣﺎﻳﻮ، ﺷّﺪد ﻛﱞﻞ ﻣﻦ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ وروﺣﺎﻧﻲ ﻋﲆ ﴐورة ﻛﺴﺐ اﻟﻨﻔﻮذ ﺿﺪ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة. وﻳﺒﺪو أن ﻫﺬه اﻟﴬورة ﻛﺎﻧﺖ اﻟﺴﺒﺐ وراء اﻟﻬﺠﻤﺎت اﻟﺘﻲ ﺷﻨﺖ ﻫﺬا اﻟﺼﻴﻒ ﻋﲆ اﻟﺴﻔﻦ اﻷﺟﻨﺒﻴﺔ ﰲ اﻟﺨﻠﻴﺞ اﻟﻌﺮﺑﻲ واملﻨﺸﺂت اﻟﻨﻔﻄﻴﺔ اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ ﰲ اﻟﺴﻌﻮدﻳﺔ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، إذا أﻣﺮت ﻃﻬﺮان ﺑﺸﻦ ﻣﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻬﺠﻤﺎت ﻓﺴﻴﺘﻢ ﻗﻴﺎﺳﻬﺎ ﻋﲆ ﻫﺬا املﻌﻴﺎر اﻟﺠﺪﻳﺪ واﻷﻋﲆ، ﻣﻤﺎ ﻳﺜري ﻣﻌﻀﻠﺔ ﻟﻠﻨﻈﺎم: وإذا ﻟﻢ ﺗﻨﺠﺢ اﻟﻬﺠﻤﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة ﻛﺎﻟﻬﺠﻤﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ، ﻓﺴﻴﺘﻢ اﻟﻨﻈﺮ إﱃ إﻳﺮان ﺑﺎﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ أﻗﻞ ﺗﻬﺪﻳﺪا.

اﻻﻧﺘﻈﺎر

ﻫﻨﺎك ﻋﻮاﻣﻞ داﺧﻠﻴﺔ ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ ﻗﺪ ﺗﻘﻨﻊ اﻟﻨﻈﺎم ﺑﺄن ﻟﺪﻳﻪ ﻣﺎ ﻳﻜﻔﻲ ﻣﻦ اﻟﻮﻗﺖ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﻻﺿﻄﺮاﺑﺎت دون اﺗﺨﺎذ إﺟﺮاءات ﺻﺎرﻣﺔ ﰲ اﻟﺪاﺧﻞ أو اﻟﺨﺎرج. ﻓﺎﻻﻗﺘﺼﺎد ﰲ ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻴﺌﺔ ووﺻﻞ إﱃ أدﻧﻰ ﻣﺴﺘﻮﻳﺎﺗﻪ.

إن اﻟﻌﻮاﻣﻞ اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻗﺪ ﺗﻘﻨﻊ اﻟﻨﻈﺎم ﺑﺎﻟﺘﻤﺴﻚ ﺑﻘﺮاره، ﻓﻘﺪ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ ﺗﺮﻣﺐ وﺳﻴﺎﺳﺔ »اﻟﻀﻐﻂ اﻷﻗﴡ« اﻟﺘﻲ ﻳﺘﺒﻌﻬﺎ ﻟﻦ ﺗﻜﻮن ﺳﺎرﻳﺔ ﺑﻌﺪ اﻻﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻷﻣريﻛﻴﺔ ﰲ اﻟﻌﺎم املﻘﺒﻞ. إن ﺳﺠﻞ ﺧﺎﻣﻨﺌﻲ ﻳﺸري ﺑﻘﻮة إﱃ ﺗﻔﻀﻴﻠﻪ رد اﻟﺼﻔﻌﺎت، ﻟﻜﻦ ﰲ ﻋﺪة ﻣﻨﺎﺳﺒﺎت، اﺧﺘﺎر ﺑﺪﻻ ﻣﻦ ذﻟﻚ أن ﻳﺒﻘﻰ ﺣﺬرا ﻋﻨﺪﻣﺎ اﻗﺘﻨﻊ أن اﻟﺘﺪاﺑري اﻟﺠﺮﻳﺌﺔ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺆدي إﱃ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﺻﺎرﻣﺔ.

ﺗﻮﺻﻴﺎت ﻟﻮاﺷﻨﻄﻦ

ﻳﺠﺐ أن ﻳﺴﺘﻌﺪ واﺿﻌﻮ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻷﻣريﻛﻴﻮن ﻷﱟي ﻣﻦ ﻫﺬه اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت. وﻳﻌﻨﻲ ذﻟﻚ اﻋﺘﻤﺎد ﻧﻬﺞ ﻣﺰدوج ﻣﻦ اﻟﻴﻘﻈﺔ اﻟﺸﺪﻳﺪة إزاء اﻟﻬﺠﻤﺎت املﺤﺘﻤﻠﺔ واﻟﺘﺨﻄﻴﻂ املﻔﺼﻞ ﻟﻠﻤﺒﺎدرات اﻟﺪﺑﻠﻮﻣﺎﺳﻴﺔ.

وﻳﻘﻴﻨﺎ، ﺳﺘﱪز ﻋﺪة ﻣﺰاﻟﻖ ﰲ ﺣﺎل اﺳﺘﺌﻨﺎف املﺤﺎدﺛﺎت ﺣﻮل املﺴﺎﺋﻞ اﻟﻨﻮوﻳﺔ أو ﻏريﻫﺎ. ﻓﻘﺪ ﺗﻤﺜﻠﺖ ﻣﻤﺎرﺳﺔ إﻳﺮان ﰲ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ أي ﺗﻨﺎزل ﺳﺎﺑﻖ ذﻛﺮﺗﻪ اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة أو اﻷﻃﺮاف اﻷﺧﺮى ﻋﻠﻨﺎ، ﻋﲆ أن ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﺘﻨﺎزﻻت ﺗﺸﻜﻞ ﻧﻘﻄﺔ اﻧﻄﻼق ﻟﺠﻤﻴﻊ املﺤﺎدﺛﺎت اﻹﺿﺎﻓﻴﺔ، دون أن ﺗﻘﻮم إﻳﺮان ﺑﺄي ﻣﻘﺎﻳﻀﺔ.

وﻣﺎ ﻳﺴﺘﺤﻖ اﻟﺠﺪل أﻳﻀﺎ ﻫﻮ ﻛﻴﻒ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﲆ املﺴﺆوﻟني اﻷﻣريﻛﻴني وﺻﻒ أي اﺳﺘﻌﺪاد إﻳﺮاﻧﻲ ﻳﺘﻢ اﻹﻋﺮاب ﻋﻨﻪ ﻹﺟﺮاء ﻣﺤﺎدﺛﺎت. ﻓﻘﺪ ﺗﺪﻓﻊ ﻏﺮﻳﺰة إدارة ﺗﺮﻣﺐ إﱃ وﺻﻒ ﻣﺎ ﺗﻢ ﺗﺤﻘﻴﻘﻪ ﻛﺘﱪﻳﺮ ﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﺿﻐﻄﻬﺎ اﻷﻗﴡ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻗﺪ ﻳﺆدي رد اﻟﻔﻌﻞ ﻫﺬا إﱃ ﺗﻌﻘﻴﺪ ﺟﻬﻮد ﺑﻨﺎء إﺟﻤﺎع دوﱄ واﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق ﰲ املﺤﺎدﺛﺎت ﺣﻮل اﺗﻔﺎﻗﻴﺔ ﻧﻮوﻳﺔ ﻣﻌﺪﻟﺔ، ﻷن اﻟﻘﻮى اﻷﺧﺮى ﻗﺪ ﺗﻤﺘﻨﻊ ﻋﻦ وﺻﻒ »اﻟﻀﻐﻂ اﻷﻗﴡ« ﻋﲆ أﻧﻪ ﻧﺠﺎح.

إن اﻟﺘﻮاﻓﻖ ﰲ اﻵراء أﻣﺮ ﻣﻬﻢ ﻷن أﻓﻀﻞ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﻟﺠﻌﻞ إﻳﺮان ﺗﻮاﻓﻖ ﻋﲆ اﻟﴩوط اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺮﻏﺐ ﺑﻬﺎ ﻫﻲ ﺟﻌﻠﻬﺎ ﺗﺮى أن اﻟﻘﻮى اﻟﺪوﻟﻴﺔ واﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﺗﺨﺬت ﻣﻮﻗﻔﺎ ﻣﻮﺣﺪا. وﺣﺘﻰ ﻟﻮ اﻗﺘﴫت املﺤﺎدﺛﺎت ﻋﲆ املﻨﺎﻗﺸﺎت اﻟﺜﻨﺎﺋﻴﺔ ﺑني اﻟﻮﻻﻳﺎت املﺘﺤﺪة وإﻳﺮان، ﻳﺸﻜﻞ اﻟﻀﻐﻂ اﻟﻨﺎﺗﺞ ﻋﻦ اﻹﺟﻤﺎع اﻟﺪوﱄ ﺣﺠﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻟﻮاﺷﻨﻄﻦ ﻣﻦ أﺟﻞ اﻟﺘﺸﺎور ﻋﲆ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ ﻣﻊ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت اﻷﺧﺮى، وأﺧﺬ وﺟﻬﺎت ﻧﻈﺮﻫﺎ ﰲ اﻻﻋﺘﺒﺎر.