Al-Watan (Saudi)

يبقى »إن لم.. فمن!!..؟« عنوانا غنيا بالإشارات والإحالات، موحيا بكثير من الدلالات، محملا بطاقة تعدد أوجه التأويل، مما يفسح المجال أمام القراء، ويمنحهم متعة الشعور باستنباط الدلالة الأقرب والأولى

-

الأبواب على من أراد التوسع والتعمق، وكأنها إجابات ترسم الإطار العام وتشير إلى بعض التفاصيل لمن أراد الاستزادة، لكن الكاتب لا يترك غموضا أو لبسا يفسد مقصد نقل التجربة وصدقها إلى المتلقي، فهذا لا يتفق مع منهجه، في كل ما عرف عنه من قول وفعل.

وفي فصل ماذا نريد؟ يعرض الكاتب، بأسلوبه الموجز، إجابته عن هذا السؤال العريض، فتسيل الجمل متماسكة، في تدفق يقف على الحد الفاصل ما بين الشعر المموسق والنثر الطامح لموسيقى الشعر، لكن تظل الفكرة هي »البطل«، الذي تسعى لمرضاته، فنون القول لتؤدي مهمة إيصالها إلى وعي المتلقي بلا تعثر أو غموض أو تثاقل مُملّ، فقد نجحت هذه البلاد في عبور أمواج الغزو الفكري، وتجنبت عثرات الاستعمار، وأطفأت حرائق التطرف لتستقر على شاطئ الاعتدال وتتمسك بالأصل القويم النقي وتمد يدها لعقلاء العصر، المؤمنين بحق الإنسان في العيش الكريم، وفتحت أبوابها لمنتجات الفكر والابتكارا­ت والاختراعا­ت لاستغلال خيرات الأرض لصالح أهلها، ويرى الكاتب أن نجاح مسيرة المستقبل يرتكز على: وضوح الرؤية والتمسك بالقيم، ثم إدراك طبيعة المتغيرات والتفاعل معها وأخذ المبادرات لنكون »فاعلين« في عالم جديد وتحول جديد، وهذا يحتاج إلى أن نثبت لأنفسنا أولا

ونجعل من مدننا جنة أرض لمواطنينا«.

ليس من الصعب أن يستخلص القارئ أن »التجديد« قرين التمسك بالقيم والأصالة في فكر ورؤية خالد الفيصل، وأنه »المزيج« الذي رافق مسيرة هذه البلاد، في كل مراحل تطورها، وأكسبها خصوصيتها، وأن »ثيمة التجديد« هي سر نجاح هذه الدولة وقدرتها على التكيف مع مستجدات العصر، »فالدولة السعودية الأولى قامت على الحركة التجديدية التي تبناها الإمام محمد بن سعود والشيخ محمد بن عبدالوهاب«، وجاء الملك عبدالعزيز لـ»يعيد الدولة السعودية الثالثة على مفهوم التجديد، فلم يلتزم بنقل ما كانت عليه الدولة السعودية الأولى ولا الثانية«.

ويلخص الكاتب الإجابة عن سؤاله المركزي: ماذا نريد؟ في كلمات قليلة جامعة »نريد أن ننهض ببلادنا ونصل بها إلى مصاف الدول المتقدمة.. نريد مجتمعا راقيا بإيمانه وصلاحه، بعلمه وأخلاقه، بطموحه وأحلامه، بإرادته وقدراته«، ويؤكد إيمانه بأننا »نستطيع فعل ذلك إن أصبحنا قدوة لغيرنا«، وهذا يتحقق »إذا بدأنا بأنفسنا قبل طلب الغير«.

الخلاصة: كتاب ممتع غني يستحق القراءة، وأرجو ألا تحجب المكانة الاجتماعية والمنصب الوظيفي لمؤلفه، قيمة هذا العمل الذي امتزج فيه الفكر بالعمل بالتطلع إلى المستقبل، وتحرم عشاق المعرفة من تذوق ما فيه.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia