ﺟﺜﻤﺎن ﺷﻴﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﻣﻮاﺟﻬﺔ وﺣﺸﻴﺔ اﻻﺣﺘﻼل

املﺸﻬﺪ ﰲ ﺗﺸﻴﻴﻊ ﺷريﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻛﺎن ﺑﺜًﺎ ﻣﺒﺎًﴍا ﻟﻮﺣﺸﻴﺔ اﻻﺣﺘﻼل اﻹﴎاﺋﻴﲇ، ﻟﻠﻘﻤﻊ اﻟﻌﻠﻨﻲ املﱪﻣﺞ اﻟﺬي أﺛﺎر ﺻﺪﻣﺔ أﺧﺮى ﺑﻌﺪ ﺻﺪﻣﺔ اﻏﺘﻴﺎﻟﻬﺎ، ﺣﺘﻰ أﻧﻪ، ﻋﲆ ﻣﺎ ﻳﻘﺎل، أﻏﻀﺐ واﺷﻨﻄﻦ اﻟﺘﻲ ﻻ ﻳﱰك ﻟﻬﺎ ﺣﻠﻴﻔﻬﺎ ﻓﺴﺤﺔ أو ﺣﺠﺔ ﻟﺘﱪﻳﺮ ﺗﻐﻄﻴﺘﻬﺎ اﻟﺪاﺋﻤﺔ ﻟﺠﺮاﺋﻤﻪ املﺘﻜﺮرة. وﻣﺎ ﻓﺎﺋﺪة »اﻟﺤﺰن« أو »اﻟﻐﻀﺐ« اﻟﺪﻳﺒﻠﻮﻣﺎﺳﻴني إذا ﺗﻌﻤﺪا اﻟﺘﻮاﻃﺆ ﰲ اﻟﺘﺴﱰ ﻋﲆ ﻗﺎﺗﻞ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ وﻟﻢ ﻳﻘﱰﻧﺎ ﺑﺎﻋﱰاف ﻋﻤﲇ واﺿﺢ ﺑﻤﺎ ﺗﻘﺘﻀﻴﻪ »املﺒﺎدئ« ﰲ ﻓﻠﺴﻄني... أﺳﻮة ﺑﻤﺎ ﻳﺪاﻓﻊ ﻋﻨﻪ اﻟﻐﺮب ﰲ أوﻛﺮاﻧﻴﺎ. ﻟﻢ ﻳﻌﺪ اﻷﻣﺮ ﻛﻴًﻼ ﺑﻤﻜﻴﺎﻟني ﺑﻞ ﺗﻤﻴﻴًﺰا وﻋﻨﴫﻳﺔ واﺿﺤني. ﺗﺮاد ﻣﺤﺎﻛﻤﺔ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮب اﻟﺮوﺳﻴﺔ ﰲ أﴎع وﻗﺖ، أﻣﺎ ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺤﺮب اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻓﻼ ﻣﺤﺎﺳﺒﺔ ﻟﻬﺎ ﰲ أي »ﻋﺪاﻟﺔ« ﻋﲆ ﻫﺬه اﻷرض، وﻻ ﰲ أي ﻧﻈﺎم دوﱄ »ﻏﺮﺑﻲ« ﻗﺎﺋﻢ أو »ﴍﻗﻲ« ﻣﻮﻋﻮد. ﻟﻢ ﺗﻜﻠﻒ روﺳﻴﺎ ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻻﻋﱰاض ﻋﲆ ﺑﻴﺎن ملﺠﻠﺲ اﻷﻣﻦ ﻳﺪﻳﻦ »ﻣﻘﺘﻞ« أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ، أﻣﺎ اﻟﺼني ﻓﺄﴏت ﻋﲆ إﻟﻐﺎء ﻓﻘﺮات ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ ﺣﺮﻳﺔ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم وﺗﻨﺪد ﺑﺎﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت املﺮﺗﻜﺒﺔ ﺿﺪﻫﺎ ﰲ ﻛﻞ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ وﺗﺤﺾ ﻋﲆ »ﺣﻤﺎﻳﺘﻬﺎ أﺛﻨﺎء ﺗﻐﻄﻴﺘﻬﺎ ﻟﻠﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﺔ«.

ﻳﻈﻞ اﻻﺣﺘﻼل اﻹﴎاﺋﻴﲇ ﻋﲆ ﻫﺎﻣﺶ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺪوﱄ اﻟﻘﺎﺋﻢ، ﻳﻨﺘﻬﻚ ﻣﻮاﺛﻴﻘﻪ وﻻ ﻳﻠﺘﺰم ﻗﻮاﻧﻴﻨﻪ، وﻫﻮ ﻳﱰﺷﺢ اﻵن ﻟﻴﻜﻮن ﰲ ﺻﻠﺐ اﻟﻨﻈﺎم »اﻟﺠﺪﻳﺪ« اﻟﺬي ﻳﴩﻋﻦ اﻟﻐﺰو واﻻﺣﺘﻼل واﻻﻋﺘﺪاء ﻋﲆ اﻟﺸﻌﻮب واﻟﺪول، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﲆ ﻗﺘﻞ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﺑﺈﺳﻜﺎت اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ واﻟﺼﺤﺎﻓﻴني. ﰲ اﻟﻨﻈﺎم »اﻟﺠﺪﻳﺪ« ﻳﻜﻮن اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﻮن ﻣﻮﻇﻔني ﻟﺪى اﻟﺮواﻳﺔ اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ أو أﻋﺪاء وﻣﺨﻠني ﺑﺎﻟﻨﻈﺎم، أو »إرﻫﺎﺑﻴني« ﻛﻤﺎ ﺗﺼﻒ إﴎاﺋﻴﻞ ﻛﻞ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻲ ﻳﺮﻓﺾ اﺣﺘﻼﻟﻬﺎ وإرﻫﺎﺑﻬﺎ. وﰲ ﺗﻘﻮﻳﻢ ﺣﺮﻳﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ ﻳﻮﻣﻬﺎ اﻟﻌﺎملﻲ 3) ﻣﺎﻳﻮ( ﺗﺒني أﻧﻬﺎ ﺗﺮاﺟﻌﺖ ﺑﺤﺪة ﰲ 85 % ﻣﻦ اﻟﺪول. ﻛﺎﻧﺖ اﻟﻘﻴﻮد اﻟﺸﺪﻳﺪة ﰲ روﺳﻴﺎ ﻣﻦ آﺧﺮ ﻣﺂﺛﺮ ﺣﻜﻮﻣﺎت »اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺠﺪﻳﺪ« ﰲ ﴐب ﻫﺬه اﻟﺤﺮﻳﺔ، وﰲ إﴎاﺋﻴﻞ ﺗﻌﻠﻮ رواﻳﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ ﻋﲆ أي ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﻠﻖ اﻷﻣﺮ ﺑـ »ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻟﺠﻴﺶ« وﺧﺼﻮًﺻﺎ ﺑﺠﺮاﺋﻤﻪ، املﺘﻌﻤﺪة ﻣﻌﻈﻢ اﻷﺣﻴﺎن، ﺿﺪ املﺪﻧﻴني. ﻓﺎﻟﻘﺘﻞ اﻹﴎاﺋﻴﲇ اﻟﻴﻮﻣﻲ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴني ﻛﺮس ﻣﻨﺬ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺎت روﺗﻴﻨﺎ وﻣﻬﻤﺔ ﴐورﻳني ﻟﻌﺮض اﻟﻘﻮة ﺣﺘﻰ ﺿﺪ اﻟﻌﺰل وإﺛﺒﺎت أن ﺟﺮاﺋﻢ اﻟﺪوﻟﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﺗﻀﻤﻦ اﻷﻣﻦ ﻟﻺﴎاﺋﻴﻠﻴني.

اﻋﺘﻤﺪت إﴎاﺋﻴﻞ اﻟﻘﻮة املﻔﺮﻃﺔ ﺿﺪ أي ﻧﻮع ﻣﻦ املﻘﺎوﻣﺔ ﻟﻼﺣﺘﻼل، ﺳﻠﻤﻴﺔ أو ﻏري ﺳﻠﻤﻴﺔ، ﻣﻦ رﻣﺎة اﻟﺤﺠﺎرة إﱃ ﻣﻄﻠﻘﻲ اﻟﻨﺎر وﻣﻔﺠﺮي اﻟﻘﻨﺎﺑﻞ وﺣﺘﻰ اﻟﺮﻣﻮز اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ، ﺳﻮاء ﺑﺴﻮاء. وﻫﻲ ﺗﻤﻨﻬﺞ اﻵن اﺳﺘﺨﺪام ﻫﺬه اﻟﻘﻮة ﺿﺪ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴني، وﻻ ﺗﺮﻳﺪ ﺷﻬﻮًدا إذ ﺗﻤﴤ إﱃ أﺑﻌﺪ ﻣﻦ اﻟﻘﻮة املﻔﺮﻃﺔ وﻣﺼﻤﻤﺔ ﻋﲆ ارﺗﻜﺎب ﺟﺮاﺋﻢ. ﻛﺎن أرﻳﻴﻞ ﺷﺎرون وﺷﺎؤول ﻣﻮﻓﺎز أﻟﺰﻣﺎ ﻗﻮات اﻻﺣﺘﻼل ﺑﺘﻌﻤﺪ اﻟﻘﺘﻞ ﻳﻮﻣﻴًﺎ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻛﺎﻧﺖ اﻻﻧﺘﻔﺎﺿﺔ ﻋﺰﻻء وﺳﻠﻤﻴﺔ ﺑﻤﻌﻈﻤﻬﺎ، ﺛﻢ أﺿﺎف ﺑﻨﻴﺎﻣني ﻧﺘﻨﻴﺎﻫﻮ وﻗﺎدﺗﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮﻳﻮن ﺗﺴﻠﻴﺢ ﻋﺼﺎﺑﺎت املﺴﺘﻮﻃﻨني ﻛﻘﻮة ردﻳﻔﺔ. ﻫﺬه اﻟﺴﻴﺎﺳﺔ ﻻ ﺗﺰال ﻣﺘﺒﻌﺔ وﺑﺎدر ﻧﻔﺘﺎﱄ ﺑﻴﻨﻴﺖ وأﻓﻴﻒ ﻛﻮﺧﺎﰲ أﺧريا إﱃ ﺗﻐﻠﻴﻈﻬﺎ ﺣني أﺟﺎزا إﻃﻼق اﻟﻨﺎر ﺑﻼ ﺿﻮاﺑﻂ رًدا ﻋﲆ اﺳﺘﻬﺪاف ﻣﺴﻠﺤني ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴني ملﺪﻧﻴني إﴎاﺋﻴﻠﻴني. ﻗﺘﻞ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻨﺸﻄﺎء اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴني املﺪﻧﻴني ﺑﻬﺬا اﻟﱰﺧﻴﺺ وﻟﻢ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﻣﺴﻠﺤني، ُﻗﺘﻠﺖ ﻏﺎدة ﺳﺒﺎﺗني ﰲ ﺣﻮﺳﺎن، وُﻗﺘﻠﺖ ﺷريﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﻗﺮب ﻣﻘﱪة ﻣﺨﻴﻢ ﺟﻨني، وﻗﺒﻠﻬﺎ أﻃﻠﻘﺖ اﻟﻨﺎر ﻋﲆ زﻣﻴﻠﻬﺎ ﻋﲇ اﻟﺴﻤﻮدي. ﻛﺎﻧﺎ ﻳﺮﺗﺪﻳﺎن اﻟﺴﱰة واﻟﺨﻮذة اﻟﻮاﻗﻴﺘني، ﻣﻊ ﻋﻼﻣﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ املﺤﺪدة دوﻟﻴًﺎ، وﻛﺎن ﺟﻨﻮد اﻻﺣﺘﻼل ﻳﻌﻠﻤﻮن ﺑﻮﺟﻮدﻫﻤﺎ.

»اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﺟﺮﻳﻤﺔ«... ﺷﻌﺎر رﻓﻊ ﺧﻼل اﻻﺣﺘﺠﺎج ﻋﲆ ﻗﺘﻞ ﺷريﻳﻦ وﺗﺸﻴﻴﻌﻬﺎ، وﻷﻧﻬﺎ ﻣﻘﺪﺳﻴﺔ وﺗﺤﺖ اﻻﺣﺘﻼل دﻫﻢ اﻟﺠﻨﻮد ﻣﻨﺰﻟﻬﺎ ﻟﻔﺮض اﻟﻌﺰاء اﻟﺼﺎﻣﺖ، وﻣﻨﻊ اﻟﺘﺸﻴﻴﻊ اﻟﺤﺎﺷﺪ واﻟﻬﺘﺎف وﺑﺎﻷﺧﺺ رﻓﻊ اﻷﻋﻼم اﻟﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ، وﻫﻮﺟﻢ املﺴﺘﺸﻔﻰ اﻟﻔﺮﻧﴘ وﴐب املﺸﻴﻌﻮن ملﻨﻌﻬﻢ ﻣﻦ ﺣﻤﻞ ﺟﺜﻤﺎﻧﻬﺎ ﻋﲆ اﻷﻛﺘﺎف وﻓﺮض ﻧﻘﻠﻪ إﱃ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺑﺴﻴﺎرة، وﺣﺘﻰ اﻟﺼﻠﺒﺎن واﻷﻛﺎﻟﻴﻞ املﺮاﻓﻘﺔ اﺳﺘﺒﻌﺪت. أراد ﻗﺎدة اﻻﺣﺘﻼل أن ﻳﺘﺤﻜﻤﻮا ﺑﺎﻟﻘﺘﻞ واﻟﻌﺰاء واﻟﺘﺸﻴﻴﻊ واﻟﺪﻓﻦ، إذ ﻏﺪت ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﻟﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﻣﻈﺎﻫﺮ »اﻟﺴﻴﺎدة« ﻋﲆ اﻟﻘﺪس. ﻛﺎﻧﻮا ﻗﻮة اﻟﻘﻤﻊ، ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻛﺎﻧﻮا ﺧﺎﺋﻔني ﻣﻦ ﺟﺜﻤﺎن ﺷريﻳﻦ اﻟﺬي ﺟﻌﻞ وﺟﻮدﻫﻢ واﺣﺘﻼﻟﻬﻢ و»ﺳﻴﺎدﺗﻬﻢ« ﻓﻀﻴﺤﺔ ﻋﺎملﻴﺔ، ﻻ ﻟﴚء ﺑﻞ ﻷﻧﻬﻢ ﻋﺮﻓﻮﻫﺎ ﺟﻤﻴًﻌﺎ، ﻛﻤﺎ ﻋﺮﻓﻬﺎ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﺻﺤﺎﻓﻴﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ وﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴﺔ ﻣﺤﱰﻣﺔ، ﻣﺴﻴﺤﻴﺔ ﺗﺪاﻓﻊ ﻋﻦ املﺴﺠﺪ اﻷﻗﴡ، وﻻ ﺗﺤﻤﻞ ﺳﻮى ﺻﻮرﺗﻬﺎ وﺻﻮﺗﻬﺎ وﺷﺠﺎﻋﺘﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻳﻘﺼﺪ اﻻﺣﺘﻼل إﺧﻤﺎدﻫﺎ. ﻓﺒﻌﺪ إﺳﻜﺎت اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺑﻘﻲ ﻟﻠﻔﻠﺴﻄﻴﻨﻴني ﺻﻮت ﺗﻨﻘﻠﻪ ﺷريﻳﻦ، وﻫﻮ أﻛﺜﺮ ﻧﻔﺎذا ﻣﻦ ﻛﻞ اﻟﻔﺼﺎﺋﻞ وأﺳﻠﺤﺘﻬﺎ. وﻟﻌﻞ اﻷﺳﻮأ ﻣﻦ اﻟﻘﺘﻞ اﻹﴎاﺋﻴﲇ أن ﻳﻨﱪي ﺑﻌﺾ ﺻﻐﺎر اﻟﻨﻔﻮس ﻣﻦ ﻣﺪﻋﻲ اﻹﺳﻼم ﻟﻺﺷﺎرة إﱃ دﻳﺎﻧﺘﻬﺎ ﺛﻢ »اﻹﻓﺘﺎء« ﺑﻌﺪم ﺟﻮاز اﻋﺘﺒﺎرﻫﺎ »ﺷﻬﻴﺪة«. ﻻ ﺑﺪ أن ﺳﻠﻄﺔ اﻻﺣﺘﻼل وﺣﺪﻫﺎ اﻫﺘﻤﺖ ﺑﻬﺬا اﻟﻠﻐﻮ، ﻟﻜﻦ أﺣًﺪا ﰲ ﻓﻠﺴﻄني وﺧﺎرﺟﻬﺎ ﻟﻢ ﻳﻨﺘﻈﺮ ﻓﺘﺎوﻳﻬﻢ اﻟﺘﺎﻓﻬﺔ. أﻣﺎ ﺷريﻳﻦ ﻓﺎﺳﺘﻘﺮت ﻣﻨﺬ زﻣﻦ ﰲ اﻟﻘﻠﻮب واﻟﻌﻘﻮل إﻧﺴﺎﻧﺔ ﺗﺮﻓﺾ اﻟﻈﻠﻢ اﻟﺬي ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ ﺷﻌﺒﻬﺎ.

ﰲ ﻛﻞ اﻻﻧﺘﻬﺎﻛﺎت اﻟﺘﻲ أﻗﺪﻣﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻗﻮة اﻻﺣﺘﻼل ﻟﻢ ﺗﺜﺒﺖ ﺳﻮى ﺷﻴﺌﺎ واﺣًﺪا: أﻧﻬﺎ ﻗﺘﻠﺖ ﺷريﻳﻦ ﻋﻤًﺪا. ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ اﻷﺧرية اﻟﺘﻲ أﺷﻬﺮﺗﻬﺎ اﻟﺼﺤﺎﻓﻴﺔ ودﻓﻌﺖ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺛﻤﻨﺎ ﻟﻬﺎ. ﻛﻞ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺘﻪ ﺣﻜﻮﻣﺔ ﺑﻴﻨﻴﺖ وﻋﺴﻜﺮﻫﺎ ﺑﻌﺪ ذﻟﻚ ﻛﺎن ﺗﻤﺎرﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﻬﺮوب ﻣﻦ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ، ﺑﺎﻟﺘﻀﻠﻴﻞ واﻟﺘﻠﻔﻴﻖ. ﻟﻢ ﺗﺼﻤﺪ رواﻳﺔ ﺑﻴﻨﻴﺖ ﻟﺪﻗﺎﺋﻖ،

وﻻ رواﻳﺎت ﻛﻮﺧﺎﰲ اﻟﺘﻲ ﻣﺮت ﺑﺘﻘﻠﺒﺎت ﻋﺪة، وﻣﻌﻬﺎ اﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺨﺎص اﻟﺬي أﻣﺮ ﺑﻪ. ﰲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ ﻗﺎﻟﻮا إن اﻟﺮﺻﺎﺻﺔ اﻟﻘﺎﺗﻠﺔ ﺟﺎءت ﻣﻦ ﺳﻼح أﺣﺪ ﻣﺴﻠﺤﻲ ﺟﻨني، واﻧﺘﻬﻮا إﱃ »اﺣﺘﻤﺎل ﻛﺒري« ﺑﺄن ﻳﻜﻮن أﺣﺪ اﻟﺠﻨﻮد أﺻﺎﺑﻬﺎ ﻟﻜﻦ »ﺑﺎﻟﺨﻄﺄ«، وﰲ اﻷﺛﻨﺎء ﺟﺮﺑﻮا ﺗﱪﺋﺔ ﻗﻨﺎﺻﺔ اﻟﺠﻴﺶ ﻷن أﺳﻠﺤﺘﻬﻢ ﻣﺠﻬﺰة ﺑﻤﻨﺎﻇري ﻣﺘﻄﻮرة ﺑﺪﻟﻴﻞ أن أﺣﺪﻫﻢ ﻗﺘﻞ ﻣﺴﻠﺤﺎ ﻓﻠﺴﻄﻴﻨﻴًﺎ ﺑﺘﺼﻮﻳﺐ دﻗﻴﻖ أﻣﺎ ﻗﺘﻞ ﺷريﻳﻦ ﻓﺰﻋﻤﻮا أﻧﻪ ﺑـ »رﺻﺎص ﻋﺸﻮاﺋﻲ«، ﻛﺬﻟﻚ إﺻﺎﺑﺔ زﻣﻴﻠﻬﺎ ﻋﲇ اﻟﺬي أﻓﺎد ﺑﺄن اﻟﺼﺤﺎﻓﻴني ﺗﻤﺮﻛﺰوا ﰲ ﻣﻮﻗﻊ ﺑﻌﻴﺪ ﻋﻦ املﻮاﺟﻬﺎت، وﺗﻌﻤﺪوا ﻛﺎﻟﻌﺎدة إﻇﻬﺎر أﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟرياﻫﻢ اﻟﺠﻨﻮد، اﻟﺬﻳﻦ ﻟﻢ ﻳﻄﻠﺒﻮا ﻣﻨﻬﻢ اﻻﺑﺘﻌﺎد، ﺛﻢ أﻃﻠﻘﺖ ﻋﻠﻴﻬﻢ اﻟﻨﺎر.

ﻻ أﺣﺪ ﻟﺪﻳﻪ أوﻫﺎم ﺑﺄن ﺳﻠﻄﺔ اﻻﺣﺘﻼل ﻣﻬﺘﻤﺔ ﺑﺈﺟﺮاء ﺗﺤﻘﻴﻖ ذي ﺻﺪﻗﻴﺔ، ﻓﻠﻴﺲ ﰲ ﺳﻮاﺑﻘﻬﺎ أن ﺷﻴﺌﺎ ﺳﻴﻤﻨﻌﻬﺎ ﻣﻦ ﺗﻜﺮار اﻟﺠﺮﻳﻤﺔ، أو أن ﺗﺤﱰم ﺣﻴﺎة املﺪﻧﻴني اﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻧﺖ ﺷريﻳﻦ أﺑﻮ ﻋﺎﻗﻠﺔ ﺗﺤﺎول اﻟﺪﻓﺎع ﻋﻨﻬﻢ، وﻗﺒﻠﻬﺎ ﺧﻤﺴﺔ وﺧﻤﺴﻮن ﺻﺤﺎﻓﻴًﺎ ﻗﻀﻮا وﻫﻢ ﻳﺆدون ﻋﻤﻠﻬﻢ. أﻣﺎ زﻣﻼؤﻫﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﺳﻴﻜﻤﻠﻮن املﺴرية ﻓﺒﺎﺗﻮا ﻳﻌﻠﻤﻮن أن »ﻻ ﺿﻮاﺑﻂ« ﻗﺎﻧﻮﻧﻴﺔ أو أﺧﻼﻗﻴﺔ ﺗﻤﻨﻊ آﻟﺔ اﻟﻘﺘﻞ اﻹﴎاﺋﻴﻠﻴﺔ ﻣﻦ اﺳﺘﻬﺪاﻓﻬﻢ، وأن ﻣﻬﻨﻴﺘﻬﻢ ﻻ ﺗﺤﺼﻨﻬﻢ، إذ ﻛﺎﻧﺖ ﺷريﻳﻦ ﻧﻤﻮذﺟﻬﻢ ﰲ املﻬﻨﻴﺔ، وﻟﺬﻟﻚ اﺳﺘﻬﺪﻓﺖ.

* ﻳﻨﴩ ﺑﺎﻟﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻊ اﻟﻨﻬﺎر اﻟﻌﺮﺑﻲ