Al-Watan (Saudi)

سلاح شركات التأمين لهدر حقوق المتضررين

- الدمام: شذى مدن

سجلت المطالب والشكاوى المقامة ضد شركات التأمين ارتفاعًا ملحوظًا خلال عام 2022، وذلك وفقًا لما رصدته »الوطن« من خلال التقارير الأخيرة لمركز الصلح في المنازعات التأمينية، والمنشورة على موقعه الرسمي، وذلك على الرغم من الإصدارات واللوائح المنظمة لعمل شركات التأمين، وهي اللوائح التي وضعت بهدف تنظيم العلاقة التعاقدية بين شركات التأمين والمؤمن لهم؛ ومنها إصدار البنك المركزي قواعد للتأمين الشامل على المركبات، والدليل الإرشادي الذي نشرته الأمانة العامة للجان الفصل في المنازعات والمخالفات التأمينية، والذي هدف إلى التوعية بحقوق المواطنين، كما سبق الاثنين إصدار الوثيقة الموحدة للتأمين الإلزامي على المركبات من مؤسسة النقد العربي الإسلامي.

وبلغت نسبة الزيادة في طلبات الصلح المقدمة لدى الأمانة العامة للجان فض المنازعات عن تأمين المسؤولية تجاه الغير للمركبات 97% من إجمالي طلبات الصلح المقدمة في العام الذي سبقه، في حين بلغت نسبة الزيادة من نوع التأمين الشامل على المركبات 98% وذلك باعتبارهما يمثلان النسبة الأكبر من مجمل عدد الدعاوى المقدمة لدى مركز الصلح.

وفي تعبير قد يبدو مفاجئًا، أشار بعض المتظلمين إلى أن بعض موظفي شركات التأمين يمارسون ما يسمى مصطلحًا »الفهلوة« لرفض مطالبات المتضررين.. والفهلوة كلمة تعبر عن »سعة الحيلة«، لكنها تستخدم على الأخص حين تكون سعة الحيلة في المخادعة والتلاعب. بلغ عدد الطلبات المقدمة خلال 2022، وبحسب شركات التأمين 2741 طلبًا قابلاً للصلح، و647 طلبًا تمت إحالته إلى لجان فض المنازعات، وبلغت قيمة المطالبات 57.370.109 ريالات، أما قيمة المطالبات في طلبات الصلح المشتركة فقد بلغت 56.928 ريالاً. هذه المؤشرات وإن رمت إلى تفعيل منظومة المصالحة، وتحقيق العدالة الناجزة من خلال تسخير الجهود لإنجاز طلبات الصلح، حيث تم تقليص مدة تسوية المنازعات التأمينية إلى 15 يومًا لتسريع وتيرة العمل في خدمة المستفيد وضمان حقوق الأطراف المتنازعة وحلها، إلا أنها من جانب آخر توضح بشفافية أن الأخطاء واردة، وأن شكاوى المواطنين التي يتظلمون خلالها من بعض شركات التأمين لم تأت من فراغ، فيما أرجع مواطنون بعض أسباب المنازعات إلى فهلوة موظف التأمين الذي قد يتلاعب في الردود مجتزءًا من النظام ما يجعله يقابل مطالبة مواطن برفض التأمين. وهذا بالضبط ما شرحه عيد الناصر، وهو رئيس لجنة التأمين السابق في غرفة الشرقية، وموظف متقاعد من قسم التأمين بشركة أرامكو السعودية، بأسلوب استنكاري، متسائلاً: ألا يجب معاقبة من يتعمد الكذب عبر استخدام »اللغة المهنية« للمخادعة؟ في إشارة إلى ردود شركات التأمين على المطاليين بالحق. وسلط الناصر، الضوء على جانب حقوقي مالي في مطالبات تأمين المركبات، متطرقًا إلى مواقف بعض شركات التأمين من طلب التعويض، وهو موضوع أعاد إلى الأذهان مواجع مواطنين تعرضوا لبعض الممارسات غير النظامية. في الوقت نفسه، ألمح متخصصون ومحامون إلى أهمية تفعيل جانب التوعية بالحقوق والواجبات، وتعريف العميل على الأبواب التي يمكنه أن يطرقها إذا شعر بالظلم، وشددوا على أن الأنظمة المعمول بها في قطاع التأمين، يمكن أن تعيد الحقوق إلى أصحابها إذا ما قرروا خوض الطريق إلى نهايته، مشيرين إلى وجود جهات رقابية عدة، يمكن أن يلجأ لها المتضرر إذا لم يحصل على حقوقه. استرجع الناصر تفاصيل حادث تصادم وقع لأحد أصدقائه مع طرف آخر، وقال »هرب المتسبب من موقع الحادث، ولكن تم التعرف عليه لاحقًا، وتحميله نظاميًا ـبحسب تقرير الحادث- كامل المسؤولية )100%) عن الحادث، بعد ذلك، تقدم المتضرر بطلب إلى شركة التأمين لتعويضه عما أصاب مركبته من أضرار لحقت به، وجاء رد شركة التأمين برفض المطالبة«. وعن أسباب الرفض، ساق الناصر النص الرسمي لما ذكرته شركة التأمين، وذكر فيه: »بعد النظر في مستندات المطالبة، تبين لنا أن المؤمن له قام بالهرب من موقع الحادث، وهو الأمر الذي يعتبر من الاستثناءا­ت، وذلك بنص المادة (السادسة) الفقرة (العاشرة) من الوثيقة الموحدة للتأمين الإلزامي على المركبات، التي تنص على أن الشركة لن تكون مسؤولة عن سداد التعويضات - الفقرة العاشرة (هروب السائق من موقع الحادث دون عذر مقبول)، وعليه تم إغلاق ملف المطالبة«. علّق الناصر عن هذا الرد، قائلاً »تعمدت الشركة بذكاء، الاعتماد على بعض النصوص من وثيقة التأمين الإلزامي، بحيث يبدو الرد علميًا وموضوعيًا ومهنيًا لا غبار عليه، وهو بهذه الصيغة، يكون قادرًا على وضع القارئ البسيط، أمام هالة مهنية وقانونية مقنعة، تجعله يصدق ما جاء في رد شركة التأمين«. وتابع »لكن الأمر المؤكد، هو أن من كتب رد الشركة، قد اجتزأ من نص الوثيقة، وتجاهل بعض البنود المهمة التي تعطي للمتضرر الحق في التعويض«. وأضاف، هذه طريقة تعتمدها بعض الشركات، وكأنها تقول: »نحن نرد عليه بالرفض، وإذا اعترض ورفع القضية، يكون لكل حادث حديث«، وكما سمعت، فإن نسبة كبيرة من المواطنين في مثل هذه الحالات يقتنعون بالكلام المنمق بمفردات القانون.. ويسلمون أمرهم لله ويعدونه قضاءً وقدرًا، وأن الرزق على الله، والقلة هي التي تعترض أو تطلب النصيحة من الآخرين.

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia