هل يكره السعودي السعوديين؟!
يقول دانتي شاعر إيطاليا الأعظم عبارته الشهيرة »أحلك الأماكن في الجحيم هي لأولئك الذين يحافظون على حيادهم في الأزمات الأخلاقية«
وما يعنيه دانتي بمقولته هو مجازي وليس حرفيا أي أن منتهى الانحطاط أن تدعي أنك تلزم الحياد في مواقف أخلاقية واضحة!
لم يخطر في بالنا في يوم من الأيام ونحن نستخدم عبارة دانتي في مقالاتنا أن نطلع ونشاهد ما يعنيه دانتي بمقولته بشكل واقعي!
القصة مأساوية ولولا اطلاعي عليها لم أكن لأصدقها بأنه يوجد هذا النوع من البشر! وفي هذا الوقت تحديدًا!
سعودي مدير لأحد الكيانات، جعل هدفه الرئيسي اضطهاد السعوديين وتقريب الأجانب من المتملقين ومحاولات حثيثة لتطفيش السعوديين!
قد يمر في الحياة مدير ضعيف المهارات والشخصية ويحاول أن يعوض نقصه بتجميع الضعفاء والمتملقين حوله، لكن أن يحاول أن يتخلص من السعوديين لأنهم غير متملقين ولأنهم تربوا تربية سليمة تأنف عن النفاق والتصنع والتزلف فهذا عجاب! ليس ذنب السعوديين أن أهاليهم ربوهم تربية أصيلة ! بل الأعجب أن يحاول تطفيش السعوديين من خلال إطلاق الأجانب المتمرسين حوله على السعوديين من أجل مضايقة السعوديين، وهذه قمة الدناءة !
كنت أتصور أن السعودي للسعودي سند وأخ حتى لو كان ما يهضمه على الأقل لا يؤذيه، لكن الحياة مليئة بالمفاجآت!
هذا المثال الشاذ الذي ذكرته ربما يعاني من مشاكل نفسية، وربما أغراه الشعور بنشوة المنصب والقوة على بقية السعوديين، ربما كان ضعيف شخصية (وكلمة تجيبه وكلمة توديه) وضحكوا عليه الأجانب المتملقون حوله، وحسسوه أنه بطل زمانه!
عادتي في المقالات أن أكون موضوعيًا ولا أستخدم ألفاظًا جارحة لكن عندما يتعلق الموضوع بالمواطنة والوطن والوطنية لا ألزم الحياد، بل نسمي الأشياء بأسمائها، فإن الذي لم تمنعه وطنيته من إيذاء أبناء وطنه وجلب الأجانب للتسلط عليهم أشك أنه يملك الحس الوطني السليم!
عندما سألوه لماذا تفضل الأجانب ولا تحمي أبناء وطنك؟ رد: إنه على الحياد!
هذا ليس حيادًا هذا خذلان وانحطاط، وكما وصفه دانتي قبل مئات السنين بل إنه أدنى درجات الانحطاط!
أعرف وأجزم أن هذا المثال مجرد فعل شاذ، والشاذ لا حكم له لأنه الغالبية العظمى من السعوديين بل أكاد أجزم أن كل السعوديين تقريبًا تربوا على أسس راقية ويحبون وطنهم ويحبون مواطنيهم، السعودي لما يشوف سعودي في أي مكان في العالم تلقاه دمه يحن حتى لو ما يعرفه، فيهم فزعة وشهامة ومروءة !
مسألة أنك تجلب حولك متملقين تقربهم حولك وينفخون فيك وكل شيء (نعم) فهذا ضعف وربما النفس البشرية تطرب للمديح لكن أن تحاول التخلص من أبناء بلدك لأنهم سويين ولا يعرفون أساليب التملق والتزلف فهذا مستوى آخر الانحدار!
أين هو عن مقولة بلوتارخس »لا حاجة لي بصديق يتغير عندما أتغير ويهز رأسه عندما أهز رأسي، ظلي يفعل ذلك بشكل أفضل«.
إذا كان المدير يريد أن يسمع آراءه وكلمة نعم فقط فالأفضل يحضر مسجلا، ويسجل ويستمع لحديثه!
وجود أناس محترمين حتى لو اختلفوا بالرأي معك أفضل من وجود متملقين يتزلفون على كل كلمة، لدرجة أن هناك مقولة تقول حتى العدو وهو العدو الشريف أفضل من صديق متزلف مخادع، يقول نجيب محفوظ »لا أخشى على ظهري من عدو شريف بقدر ما أخشى على صدري من صديق مخادع«.
حتى البدو من زمان يقولون (اللي ما به خير لأهله ما به خير لباقي الناس!) وأهل الوطن هم أهل للشخص! لذلك اللي ما به خير لمواطني بلده ما به خير للبقية!
الشرف والمروءة صعبة وتحتاج تربية وهمة وعلوا، هي أمور نادرة لا تشترى ولا تباع! ولكنها ولله الحمد متوفرة كثيرًا في أبناء وطنك، أما المتملقون الأجانب وغيرهم فما أكثرهم!
وسأختم بقصة شهيرة لأحد شيوخ
الشرف والمروءة صعبة وتحتاج تربية وهمة وعلوا، أمور نادرة لا تشترى ولا تباع، ولكنها متوفرة كثيرًا في أبناء وطنك، أما المتملقون ا5جانب وغيرهم فما أكثرهم!
العرب (عندما استجار رجل ببيته وأجارته أم هذا الشيخ أي الذي جاء دخيلًا، وقام القوم الذين يطاردونه وتعدوا حرمة البيت وقتلوا الدخيل فلما عاد الشيخ وعلم قام بمطاردة المعتدين ودارت معركة شرسة قتل خلالها 70 من فرسان الشيخ!
بعدها بفترة سأل أحد السفهاء الشيخ هل يستحق دخيل عادي أن يقتل لأجله سبعون من خيرة فرسانك!
فرد الشيخ جملته الشهيرة وهو لم يرفع رأسه حتى لرؤية هذا السفيه الذي سأل وقاله له (يا هني اللي ما عنده شرف)!.