Al-Watan (Saudi)

واسقياهما من سلاف غنائهما

-

كانت ليلة الزفاف »الرجالية والنســائي­ة« من ليالي العمر، فقــد حضرها كل الأهل والأقربــا­ء والأصدقاء والزملاء ممــن دعوتهم، وممن لم أتمكن من إرســال الدعــوات إليهم بالبريد خارج جــدة، ظنًا مني بأنهم ســوف لا يتمكنون من الحضور إذ قد يســتصعبون القدوم إلى جدة من أجل حضور حفل زفاف، ولا غيره، ليفاجئني قــدوم عدد منهم كان في مقدمتهم أســتاذ جراحة الأنف والأذن بكلية طب الملك ســعود ســعود الصديق، والزميل العزيز الدكتور أمين سراج، الذي كان يعارض اســتمراري في الصحافة والكتابة، وهو يقول »كلما رأيت صورك إلى جانب مقال من مقالاتك قلت إذن لا فائدة يرجوها«.

ويبــدو أنه كان على كثير من الحــق في »الفائدة« أو الفوائد التي حصلت عليهــا بمفهوم الناس ومنطقهم، كانت دائمًا مغموسة بالحزن والخوف والقلق الا فائدة، واحدة هي محبة الناس، التي كانت وما تزال تعلو عندي فوق كل فائدة فهي حســابي في مصارف الحياة، وهي رصيدي الذي أرجوه في تاريخها.

ورغم أن الصحافة المحلية لم تنشر شــيئًا عن خبر زفافي في تلك الليلة.. جريًــا على عادتها في إغفال أخبار الصحفيين الموقوفــي­ن -أو المفصولين- إلا أن صحيفة »الشرق الأوســط« نشرت الخبر.. بــل وكان الصديق العزيز الأســتاذ محمد علي حافــظ -أحد ناشريها- في مقدمة الحاضرين.. وبين آخر مغادري الحفل.

بعد العشــاء اصطف الحــاضرون جميعًا -وأنا بينهم- أمــام »المنصة« التي وقفــت عليها الفرقة الموسيقية بقيادة موسيقارنا الجميل، الأستاذ سامي إحسان، الذي نبه على زملائه من العازفين بعد آخر »بروفة« أجراها معهــم -كما قال لي ابن ابن خالتي الأســتاذ طارق منير قاضي- بــأن يبذلوا أقصى ما لديهم، وأن يحســنوا أداءهم بكل ما يســتطيعون؛ لأن جمهورهــم -الليلــة- ليس عاديًــا.. فهو من الصحفيين المعروفين بـ»طول ألسنتهم«، ولم يكذب العازفون خــبرًا لـ»قائدهم..« فقد عزفوا وأبدعــوا أيما إبداع وهم يصحبون الفنان الشــاب -وقتهــا- عــلي عبدالكريم، الذي اســتهل تلــك الليلة، ثم وهم يصهلون بـ»أقواســهم« و»ريشــهم« وإيقاعاتهم خلف الفنانــين الرائعين، الأســتاذ فوزي محسون، والأستاذ محمد عبده.. اللذين غنيا في تلك الليلة كما لم يغنيا من قبل.. من موال »بدوي بــدت طلائع ثغره« إلى »حبيبتي.. ردي سلامي للهوى« وما بينهما، فأطربا الحاضرين نغمًا وحلمًا.. وأســقياهم­ا من سلاف غنائهما ما أدار رؤوسهم نشوة وبهجة تذهب كدر الأيام وتباريــح الليالي، لقد أنســتني تلك الليلة بحضورهــا وأحاديثها وغنائها.. قصة إيقافي -أو فصلي- وكل ما كان يدور حولها في الوسط الصحفي من »واغش« الأراء والتكهنات لأســتقبل ليلتي التالية.. ليلة زفافي لزوجتي، هدى عبدالرحمن أبو زنادة.

ثم وهم يصهلون بـ»أقواسهم« و»ريشهم« وإيقاعاتهم خلف الفنانين الرائعين، فوزي محسون، ومحمد عبده.. اللذين غنيا في تلك الليلة كما لم يغنيا من قبل.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia