Al-Watan (Saudi)

دعم دولي للسوداني لوقف الميليشيات

- مايكل نايتس معهد واشنطن *

أعلنت »كتائب حزب الله« الإرهابية العراقية في 30 يناير 2024 بأنها ستعلق عملياتها ضد القواعد الأمريكية (في العراق وسوريا وأي مكان آخر ربما) »دفعًا لإحراج الحكومة العراقية«. وتعدّ »كتائب حزب الله« أقرب جماعة عراقية للحرس الثوري الإيراني ويمكن إيجاد لمحة عامة عنها على موقع »الأضواء الكاشفة للميليشيات«. وفي أعقاب هذا الإعلان، قال وكيل إعلامي لدى رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إن تعليق الهجمات يعود إلى الجهود »المكثفة« التي بذلها السوداني الذي »يعمل جاهدًا« لكبح جماح الميليشيات.

بما أن السوداني يجري زيارة رسمية إلى البيت الأبيض هذا العام، ربما في أبريل، فلديه ما يكفي من الأسباب ليظهر بمظهر الشخص القوي ذي التأثير الإيجابي. ليحظى بتأييد دولي ومن شأن ذلك أن يعزز حظوظه في تعيينه مجددًا بعد الانتخابات العامة في أكتوبر 2025 في العراق.

والسبب الأكثر مصداقية، أي ما دفع حقًا »كتائب حزب الله« إلى التنحي يوم أمس، هو وصول قائد »فيلق القدس« التابع للحرس الثوري الإيراني إلى بغداد في اليوم السابق، مع الإشارة إلى أن »فيلق القدس« هو الجماعة الإرهابية التي شكلت »كتائب حزب الله« وتسيطر عليها اليوم. وقد يكون الدافع وراء هذه الزيارة هو رغبة إيران في تجنب التعرض لضربة من الولايات المتحدة، ومن هنا ادعاء »كتائب حزب الله« المضحك بأن إيران لم تكن على علم بالهجمات الكثيرة التي شنتها على الأمريكيين. وكذلك الأمر، ربما لا ترغب إيران في مقتل جزء كبير من قيادة »كتائب حزب الله« على يد الأمريكيين.

إذا كانت »المقاومة« المدعومة من إيران تريد عدم إحراج السوداني، فذلك لسببين لا ثالث لهما، أولاً لأن الجماعات الإرهابية المدعومة من إيران يناسبها وجود السوداني كواجهة غير محظورة لقيادة العراق اسميًا، وثانيًا لأنها تتوقع أن يقوم السوداني عما قريب بتنفيذ عملية إخراج القوات الأمريكية من العراق ضمن إطار زمني محدد. وهذا توقع ذو أهمية كبيرة بالنسبة إلى إيران نظرًا لأن الولايات المتحدة على وشك فرض عقوبات وضرب أجزاء كثيرة من الدولة العراقية استولت عليها »كتائب حزب الله« والجماعات الإرهابية الأخرى خلال استحواذ »الإطار التنسيقي« على الكثير من الحقائب الوزارية في الدولة.

لقد قابلتُ السوداني وتحدثت معه مرات عديدة في السابق أثناء صعوده سلّم السياسة العراقية، الأمر الذي منحني فكرة عن الرجل ومسيرته المهنية المثيرة للإعجاب من دون شك. فقد عمل على كافة مستويات الحكومة العراقية، كرئيس بلدية ومحافظ ووزير (مرات عديدة) والآن كرئيس للوزراء. وهو على الأغلب لا يسعده العمل بخدمة الميليشيات ويطمح إلى أكثر من ذلك وبأن يكون رئيس وزراء حقيقيًا لدولة حقيقية، ولكن لا يمكن تحقيق هذا الهدف إلا إذا حصل على دعم دولي ومحلي قوي.

كما أنني أعرف طريقة عمل واشنطن من الداخل، وأدرك مدى فعالية نفوذ واشنطن في العراق عند تطبيقه بطريقة مدروسة وهادفة. ولو كنت مسؤولاً عن السياسة العراقية، لقدمت التوصيات التالية كثمن مناسب لضبط أنفسنا ومنع انتقام عسكري كبير ردا على الاستفزازا­ت المتصاعدة من وكلاء إيران في العراق.

يجب على رئيس الوزراء العراقي استعراض قوته. وعلى الولايات المتحدة أن تشجعه على المخاطرة وأن يقول علنًا: »ينص الدستور على أن رئيس الوزراء العراقي هو القائد الأعلى، وليس زمرة من قادة الميليشيات. وحان الوقت لتتوقف بعض الجماعات مثل (كتائب حزب الله) عن مخاطبة الجمهور وكأنها تدير الدولة العراقية. لقد وضعت (كتائب حزب الله) العراق في موقف حرج وذلك باعترافها وسوف تُعاقب على فعلتها«. وقد ينقلب السوداني على من ساعدوه، ولكن إذا أراد أن يصبح زعيماً حقيقيًا، فليس هناك وقت أفضل من الآن، وإذا فشل الآن، فيجب على الولايات المتحدة أن تدرك أنه لا ينوي أبدًا الخروج من عباءة رعاة الإرهاب.

وفيما يتعلق بزيارة السوداني إلى أمريكا، يجب أن نرى ما يستطيع رئيس الوزراء العراقي تحقيقه قبل تأكيد هذه الدعوة المهمة. وقد يتساءل المرء، هل كان السوداني »يعمل جاهدًا« أو بذل جهودًا »مكثفة« قبل 30 يناير، عندما تعرضت القوات الأمريكية (منذ 17 أكتوبر 2023) للهجوم ما يقرب من 180 مرة من العراق وفيه أو من قبل عراقيين في القواعد الأمريكية في سوريا والأردن؟ يمكن للسوداني أن يكون رئيس وزراء حقيقيا لدولة حقيقية ذات سيادة إذا أراد ذلك، لكن ذلك سيتطلب المخاطرة، وعند ذلك يمكنه أن يحظى باستقبال الأبطال في واشنطن.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia