Al-Watan (Saudi)

إيداع الوثائق اللازمة

- سونر جاغابتاي * معهد واشنطن.

عندما تقدمت ستوكهولم بطلب الانضمام إلى حلف »الناتو« في عام 2022، تبنت تركيا موقفاً حازماً لتحقيق سياستها، إذ أجبرت الحكومة السويدية على تشريع إجراءات جديدة لمكافحة الإرهاب تهدف استهداف »حزب العمال الكردستاني« وكيانات كردية أخرى، لا سيما شبكاتها المحلية المعنية بجمع التبرعات. وتفهّمت إدارة بايدن بعض هذه المخاوف التركية، لكنها لم ترغب في تأخير انضمام السويد إلى الحلف وسط تصاعد الأزمة الأوكرانية. لذلك، شجعت واشنطن المسؤولين الأتراك والسويديين على العمل معاً لمعالجة هذه القضايا على وجه السرعة.

ولكن في أنقرة، كانت النخب الأمنية على يقين من أن الولايات المتحدة ستقدّم تنازلات إذا استمرت المماطلة بشأن السويد. وعلى وجه التحديد، أرادت هذه النخب إنهاء الحظر الأمريكي الفعلي على مبيعات الأسلحة إلى تركيا، والذي كان مفروضاً منذ أن اشترت أنقرة الأنظمة الروسية للدفاع الصاروخي »إس400-« في عام 2017. كما كانت النخب الأمنية تأمل في إنهاء المعاملة الباردة من بايدن، وهو الرئيس الأمريكي الوحيد الذي لم يدع إردوغان إلى البيت الأبيض خلال العقدين اللذين قضاهما الزعيم التركي في السلطة.

وحتى الآن، أثبتت التطورات أن هذه النخب على حق. فبعد أن صادقت تركيا بسرعة على انضمام فنلندا إلى حلف »الناتو«، علماً بأن هلسنكي تقدمت بطلب الانضمام إليه في الوقت نفسه مع السويد، أدركت واشنطن أنه قد يتم تأجيل انضمام ستوكهولم إلى أجلٍ غير مسمى، ووضعت إستراتيجية للتودد إلى أنقرة. وعلى وجه الخصوص، أشارت الإدارة الأمريكية إلى أنه إذا صادقت تركيا على طلب السويد، سيعمل البيت الأبيض على رفع تقييد الكونجرس على طلب أنقرة منذ فترة طويلة بشراء أربعين طائرة مقاتلة من طراز »إف16-«، وتحديث تسع وسبعين طائرة في أسطولها الحالي. كما ألمح مسؤولون أمريكيون إلى أنه سيتم النظر في زيارة إردوغان لواشنطن.

يشير التصويت البرلماني إلى أن طلب السويد أصبح الآن آلية بالقدر الذي يعني أنقرة (رغم أن المجر قد تحاول انتزاع تنازلات خاصة بها قبل الموافقة على الانضمام). وقد نشرت الحكومة النتيجة في الجريدة الرسمية التركية في 25 يناير، مما يشير إلى رغبتها في تأمين زيارة إردوغان إلى البيت الأبيض قريباً، ومن الأفضل أن يتم ذلك قبل الانتخابات المحلية التي ستجري في البلاد في 31 مارس. ومن المرجح أن إضفاء الطابع الرسمي على العملية بهذا الشكل هو الطريقة التي اعتمدتها أنقرة لتجنب السيناريو الذي يُنظر فيه إلى تَواصُل الولايات المتحدة مع إردوغان على أنه تدخل في الانتخابات المحلية التركية.

وبعد ذلك، ستحتاج أنقرة إلى إيداع الوثائق اللازمة (أي »وثيقة الانضمام«( في وزارة الخارجية الأمريكية للتحقق من موافقة تركيا على انضمام السويد، بموجب ميثاق »الناتو«. وستقوم الوزارة بعد ذلك بإخطار الكونجرس بأن الإدارة الأمريكية تنوي بيع طائرات جديدة من طراز »إف16-« ومعدات التحديث إلى تركيا. وفي الواقع، قد يحدث ذلك في وقتٍ مبكرٍ وربما في الأسبوع المقبل وفقاً لبعض التقارير. ومن الممكن بعد ذلك أن يتلقى إردوغان دعوة رسمية من البيت الأبيض يوجهها إليه الرئيس بايدن.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia