Al-Watan (Saudi)

مروءة ووفاء ودعم للعلم والتعليم

-

أبها: الوطن

كانت منطقة وسط الجزيرة العربية من أقل مناطق الجزيرة العربية تأثراً من حيث اختلاط العناصر الأخرى بالسكان المحليين؛ لأنها بعيدة نسبيّاً عن مواطن الامتزاج السكاني، ولأنها منعزلة في وسط الجزيرة العربية. ولهذا فإن الأغلبية العظمى من أهلها كانت تنتمي إلى قبائل وأسر مختلفة. وكانت النظرة الاجتماعية

لدى سكانها بصفة عامة نظرة تتسم بالانتماء للمكان والقبيلة والأسرة، وخصوصاً في بعض الأمور كالزواج ومزاولة بعض الأعمال والحرف.

أما من حيث طريقة المعيشة، فإن مجتمع وسط الجزيرة العربية كان منقسماً إلى قسمين: الحاضرة، وهم سكان البلدات والقرى، والبادية وهم القاطنون في الصحراء، الذين يتنقلون بناء على توافر الماء والعشب والكلأ.

مجتمع الدرعية

وفد إلى مجتمع الدرعية خلال فترة الدولة الســعودية الأولى كثر من الذين أصبحوا جزءًا من الدولة الســعودية الأولى، ســواء كانوا من التجار أو من طلبة العلم. وكان هــؤلاء الوافدون من طبقات مختلفة، ومع مرور الوقت ازداد عدد ســكان الدرعية ازدياداً كبيراً، وتوســعت رقعة مساحتها، وأصبحت مقصد طلاب العلم، وقبلة أرباب التجارة، وموئل الباحثين عن الرزق.

اﻟﺄئمة والمجتمع

ووفقا لدارة الملك عبدالعزيز في كتاب »يوم بدينا«، كان أئمة الدولة الســعودية الأولى متصفين بصفات العرب النبيلة، كالكرم والمروءة والشــجاعة والوفاء والحلم. وكان مجلس الإمام مفتوحاً لاســتقبال المواطنين يدخلون عليــه يوميّاً. وكان الأئمة كثيري العطاء والصدقــات للمحتاجين والوفود وأهل العلم وطلبته ومعلمي القرآن والمؤذنين وأئمة المساجد. وكانوا يرسلون القهوة لأهل القيام في رمضان. وكان الصبيان من أهل الدرعية إذا خرجوا من عند المعلم يصعــدون إلى الأئمة بألواحهم، ويعرضون عليهم خطوطهم، فمن استُحســن خطه منهم أعطوه جزيلاً، وأعطــوا الباقين دونه. وكان عطاؤهم للضعفاء والمساكين كثيراً.

الضأن والجريش

يقول ابن بشر عن الإمام سعود بن عبدالعزيز: »قام إليه أهل الحوائج من أهل الشكايات من البوادي وغيرهم، وكان كاتبه عن يساره، فهذا قاض له حاجته، وهذا كاتب له شكايته، وهذا دافعه وخصمه إلى الشرع. فيجلس في مكانه ذلك نحو ساعتين حتى ينقي أكثرهم، ثم ينهض قائماً ويدخل القر، ويجلس في مجلسه في المقصورة، ويصعد إليه كاتبه ويكتب جوابات تلك الكتب التي رفعت إليه في ذلك المجلس إلى العر، وينهض للصلاة«. وكان الإمام سعود يخرج لضيفه كل يوم 500 صاع من البر والأرز، وكان المضايفي الموكل بالضيوف يدعو أضيافه للعشاء من بعد الظهر إلى ما بعد العشاء الآخرة. وأما الغداء فمن طلوع الشمس إلى اشتداد النهار على مراتبهم في العشاء. وكان إذا دخل رمضان سار مساكين أهل نجد وقصدوا الدرعية، فكان سعود كل ليلة يدخلهم للإفطار عنده في القصر مع كثرتهم، ويعطي كل رجل منهم »جديدة« )العملة المحلية آنذاك). فإذا دخلت العشر الأواخر أدخلهم أرسالاً، كل ليلة يكسو منهم جملة، يعطي كل مسكين عباءة ومحرمة وجديدة. وكان عدد أفراد بيت الإمام سعود الخاص والغرباء الذين يقوتهم يوميّاً يراوح ما بين 400 و500 نفسٍ. وكان الأرز ولحم الضأن والجريش والتمر هو طعامهم.

الحياة العلمية

كان أئمة الدرعية مهتمين بدعم العلم والتعليم، وكانوا لا ينقطعون عن مجالس العلم في حلهم، وكانت هذه المجالس تبدأ من وقت طلوع الشمس حيث يجلس الناس من أهل الدرعية وغيرهم للدرس في (الباطن) بالموضع المعروف بالموسم، وهو مكان السوق في بطن وادي حنيفة، فإن كان في الصيف فعند الدكاكين الشرقية، وإن كان في الشتاء فعند الدكاكين الغربية. ويجتمع جمع عظيم بحيث لا يتخلف إلا النادر من أهل الأعال. فإذا فرغ الدرس نهض الإمام ودخل القصر وجلس في مجلس من مجالسه القريبة للناس، ورفعوا إليه حوائجهم حتى يتعالى النهار ويصير وقت القيلولة، فيدخل بعد ذلك بيته. فإذا صلى الناس الظهر أقبلوا إلى الدرس عنده في قصره في موضع بن الباب الخارج والباب الداخل على نحو من 50 سارية جعل مجالسه ثلاثة طوابق كل مجلس فوق الآخر. فمن أراد الجلوس في الأعلى أو الأوسط أو الذي تحته أو فوق الأرض اتسع له ذلك، ثم يأتي إخوته وأبناؤه وعمه وبنو خواصه على عادتهم للدرس ويجلسون بمجالسهم. والعالم الذي يجلس للتدريس في هذا الموضع المذكور والوقت المذكور هو إمام مسجد الطريف عبدالله بن حاد. وبعض الأحيان القاضي عبدالرحمن بن خميس إمام مسجد القصر. ويقرأ الاثنان في تفسير ابن كثير ورياض الصالحين. فإذا كان بعد صلاة المغرب اجتمع الناس للدرس عنده داخل القصر في سطح مسجد الظهر المذكور. وجاء إخوانه وبنوهم وعمه وبنوه وخواصه على عادتهم. ولا يتخلف أحد منهم في جميع تلك المجالس الثلاثة إلا نادراً. ويجتمع جمع عظيم من أهل الدرعية. ثم يأتي الإمام على عادته، فإذا جلس شرع القارئ في قراءة صحيح البخاري. وأما الصلوات المكتوبة فكان الإمام يصليها في قصره، ويصلي معه فئة من الناس، إلا يوم الجمعة فإنه يصلي مع الناس في مسجد الطريف المشار إليه، وهو المسجد الجامع.. ونتيجة لمناصرة الإمام محمد بن سعود الدعوة الإصلاحية وحمايتها، قام الشيخ محمد بن عبدالوهاب بنشر العلم الشرعي وتهيئة العلاء وطلاب العلم في الدرعية، وفي أنحاء الدولة السعودية الأولى.

 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??
 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia