Al-Watan (Saudi)

معضلة توافق ا راء الليبية

- بين فيشمان *معهد واشنطن.

ينبع الجمود المتوطن في ليبيا من ثلاثة عوامل مترابطة. العامل الأول هو القيادة السياسية التي تفضل امتيازات السلطة على احتياجات السكان. العامل الثاني هو النظام المالي الذي يحافظ على تدفق الأموال من خلال عائدات النفط، مما يتيح شبكة توزيع سرية تستفيد منها الجهات الفاعلة السياسية والمسلحة. والعامل الثالث هو عبارة عن شبكة من الجماعات المسلحة »الهجينة« أو شبه الرسمية، التي غالباً ما تمولها الدولة، وتتمتع بامتيازات الدولة وسيطرة أشبه بالمافيا على الأراضي والموارد والتهريب.

وتنبع جذور التحدي الذي تواجهه ليبيا مع الجماعات المسلحة من الانتفاضات المتباينة ضد القذافي، والتي لم تكن منسقة بشكل جيد. وكما يصف الباحث في شؤون ليبيا ولفرام لاشر، »تنظم الجماعات المسلحة في الغالب على أساس مدن أو أحياء أو قبائل فردية، وغالباً ما تحدد نفسها من خلال انتماءاتها المحلية«. وأشارت الممثلة السابقة للأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، إلى أن »عدد الجماعات المسلحة الهجينة في غرب ليبيا، قد ارتفع بشكل كبير بعد أن وصل عددها إلى حوالي 30 ألفاً« منذ عام 2011.

وقد سعت الأمم المتحدة والجهات الفاعلة الدولية إلى كسر هذه الحلقة من خلال إجراء انتخابات وطنية قبل عامين. ومع ذلك، أظهر تأجيل التصويت في النهاية مدى ترسخ هذا النظام المناهض للديمقراطي­ة. ومن المؤسف أن ليبيا لم تحقق الآمال التي كانت سائدة في السنوات الأولى ما بعد القذافي في عامي 2011 و 2012.

وتحاول الأمم المتحدة والشركاء الغربيون مجدداً استئناف العملية الانتخابية. وأكد »قرار مجلس الأمن رقم 2702« الصادر في أكتوبر المنصرم دعمه لرئيس »بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا«، عبد الله باثيلي، »من أجل تعزيز عملية سياسية شاملة تتماشى مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بناءً على (الاتفاقات السابقة) والتعديلات على القوانين الانتخابية«. ومع ذلك، فإن الكثير من التركيز السياسي على إجراء الانتخابات كان منصباً على التوصل إلى توافق في الآراء بين الجهات السياسية الفاعلة التي كانت متوافقة بنسبة »95 %« لمدة عامين، ولكنها دائماً ما فشلت في التوافق على نسبة الـ 5 % النهائية. ولكن حتى لو تم المضي قدماً في الإطار القانوني لإجراء الانتخابات، فسيكون للجماعات المسلحة حق النقض في النهاية إذا اختارت التدخل في أي مرحلة من عملية التصويت، بدءاً من حماية مواقع الاقتراع وإلى حماية إجراءات فرز الأصوات وضمان سلامة الفائزين والخاسرين.

ولا يمكن لعملية إصلاح قطاع الأمن أن تستمر من دون قيام حكومة جديدة، إلا أن الحكومة الجديدة تتطلب إصلاح قطاع الأمن، على الأقل بداية إصلاح قطاع واحد. وفي الماضي، كانت الجهات السياسية والأمنية الليبية عازفة عن المشاركة في إصلاح القطاع الأمني. بالإضافة إلى ذلك، أدت حربان أهليتان مدعومتان من جهات خارجية إلى تقويض احتمالات توحيد المؤسسات الأمنية بشكل كبير. وسيحتاج باثيلي إلى دعم القوى الغربية والإقليمية لضمان سماح الجهات المسلحة بإجراء انتخابات حرة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia