Al-Watan (Saudi)

حقوق الطبيب والممارس الصحي

- وليد أبو ملحه

لا تكاد وسائل الإعلام والمجتمعات الطبية والعامة تخلو من أخبار تمس كيان الطبيب والمنظومة الطبية بصفة عامة. فمن أخبار الأخطاء الطبية إلى اتهامات بالتقصير في أداء الواجبات المناطة بالطاقم الطبي إلى أخرى تتعلق بأخلاقيات وسلوكيات مزاولي المهنة، ولن تنتهي بالاتهام بالجشع المادي للأطباء والمراكز والمستشفيا­ت الخاصة، في ظل غياب واضح وفاضح للجهات المعنية بمراقبة وتحجيم جشع تلك المؤسسات الصحية الخاصة، كمثال إدارة الالتزام. وفي المقابل يشكو كثير من الأطباء من ظلم واضح يقع عليهم بدءاً من عدم المساواة والتمييز الذي يقع عليهم في المستشفيات الحكومية، والتي يعملون بها، حيث تكون هناك آلية مختلفة لاحتساب الأجور ما بين التشغيل الذاتي للمستشفيات وما بين من يعملون وفق لوائح الخدمة المدنية، إضافة إلى أنهم يشكون من تحامل الأجهزة الإعلامية ضدهم والتضخيم غير المبرر لكثير من الأمور التي تمس جوهر ممارستهم. وهنا أجد أن كثيرا من هذه الأمور وغيرها جاءت بسبب عدم وجود تنظيمات ولوائح تحكم وتنظم علاقة الأطباء بزملاء المهنة والمهن الأخرى، وعلاقتة من جهة أخرى بالمريض وبالمؤسسة الطبية التي يعمل بها، وهنا بالذات لا يوجد نظام عام وعادل للأتعاب والأجور، وإن كنا نسمع كل حين عن هذا التوجه، حيث أعلن أكثر من مرة عن النية والسير في هذا الاتجاه، خصوصاً بعد إنشاء ما يسمى بالتجمعات الصحية والشركة القابضة التي تعمل تحت مظلتها، ولكن النوايا الحسنة المجردة من أفعال لا تكفي، زد على ذلك أن رخصة مزاولة المهنة ليس لها وجود حقيقي على أرض الواقع، حيث تاهت وتبعثرت كينونتها وهويتها المطلوبة ما بين بطاقة التسجيل المهني التي تصدر عن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية وبين رخصة الممارسة الطبية التي تأتي عبر وزارة الصحة، لتخلق حالة من الازدواجية، وكأني بالوزارة قد أصيبت بعدوى فيروس الكسب المادي من جارتها... وكلا الرخصتين لا تفيان بواجبات وحقوق رخصة الطبيب سواء من ناحية الحقوق والواجبات؛ حيث لا توجد لائحة تفصيلية تسهب في سرد الحقوق وحوكمة علاقة الطبيب بالآخرين من زملاء مهنة وبالمرضى وبكامل محيطه المجتمعي وغيرها من الأمور المفصلية؛ حيث تاهت تلك الأمور ما بين هيئة أثقلت كاهلها بكثير من الأمور التي أفقدت بوصلتها دقة الاتجاه وإتقان الكثير من مهامها الرئيسية، وبين وزارة الصحة عبر إدارات كإدارة الالتزام، أنشأتها على استحياء للقيام بهذه المهام، وحتى في إصدارها الجديد (خبير الصحة)، والذي يأتي كدليل مرجعي لحوكمة عمل الممارسين الصحيين الحكوميين في القطاع الخاص، فعليه من الملاحظات الجوهرية الشيء الكثير سنتطرق إليها لاحقاً. وكل تلك الأمور أوجدت حالة من الارتباك الشديد في المجتمع الطبي؛ وهنا قد يأتي الكثير من التساؤلات من أهمها ألا تقوم الهيئة السعودية للتخصصات الصحية أو وزارة الصحة، أو حتى مجلس الخدمات الصحية بهذه المهمة، وأعني هنا الأدوار التي سوف تقوم بها بإذن الله تعالى هيئتنا المقترحة. وهنا سوف أسرد ما هي هذه الجهات وأهدافها ورؤيتها وفق ما جاء في لوائحها الأساسية:

الهيئة السعودية هي هيئة شبه حكومية تأسست منذ ما يقارب أربعة عقود، وحددت أهدافها وفق ما يلي: تطوير الأداء المهني وتنمية المهارات، وإثراء الفكر العلمي، ووضع برامج التعليم الطبي المستمر، وتشكيل المجالس العلمية، واعتماد المؤسسات الصحية لأغراض التدريب، والإشراف على الامتحانات، وإصدار الشهادات المهنية، ووضع الأسس والمعايير لمزاولة المهن الصحية، وتقويم الشهادات المهنية ومعادلتها، وإنشاء الجمعيات العلمية. وإن كان هناك ما يسمى بالمجالس المهنية المنبثقة عن الهيئة والذي يبدو أن من أهداف إنشائه أن يحقق كثيراً من الأمور التي تسعى لتحقيقها هيئتنا المقترحة إلا أنها لم تقدم ما يشفع لها بذلك، وحجتنا في ذلك أن الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تعمل حالياً على إعادة هيكلتها وتشكيلها من جديد، وهذا دليل آخر على تحمّل الهيئة لعبء وثقل آخر يفقدها المزيد من التركيز، والقدرة على الاستفادة من ميزة الاحتواء والتخصص، والذي بدوره يرسم الطريق الأسرع والأضمن للإبداع.

أما مجلس الخدمات الصحية فهو كيان يرأسه وزير الصحة،

الهيئة السعودية للتخصصات الصحية تعمل على إعادة هيكلتها من جديد، وهذا دليل على تحمّلها عبئا آخر يفقدها التركيز والقدرة على رسم الطريق ا4سرع وا4ضمن ل2بداع.

ويشمل أعضاء من مقدمي الخدمات الصحية للمملكة، ولائحته التنفيذية تشمل أعدادا إستراتيجية الرعاية الصحية، ووضع تنظيم ملائم لتشغيل المستشفيات والتنسيق بين الجهات المخصصة بالرعاية الصحية.

أما عن وزارة الصحة فيكفيك أن تطّلع على نظام مزاولة المهن الصحية الذي أصدرته فتجد أنه وفي فصوله الخمسة ومواده الأربع والأربعين لم يتطرق أبداً إلى حقوق الطبيب والممارس الصحي بل جاءت اللوائح مسبوقة بهذه العناوين: الترخيص بمزاولة.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia