Al-Watan (Saudi)

التهديد مستمر

- ديفيد شينكر * معهد واشنطن

ردا على مقتل ثلاثة جنود أمريكيين في الأردن في أواخر يناير، شنت الولايات المتحدة مجموعتين من الغارات الجوية ضد الميليشيات المدعومة من إيران في العراق في وقت سابق من هذا الشهر. وفي حين انتقد البعض في واشنطن الغارات لأنها هدفت برأيهم إلى تحسين الصورة وتم نشرها على نطاق واسع، إلّا أن الضربات - التي استهدفت ميليشيا شيعية عراقية صنفتها الولايات المتحدة كجماعة إرهابية - شكّلت خروجًا كبيرًا عن مبدأ ضبط النفس الذي تمارسه إدارة بايدن منذ فترة طويلة تجاه القوات العميلة لإيران في العراق. وبقدر ما كانت الضربات ضد وكلاء إيران في العراق مناسبة وطال انتظارها، فإنها تولد ردة فعل سياسية كبيرة في بغداد، مع عواقب غير معروفة على الوجود العسكري الأمريكي في العراق.

منذ هجوم »حماس« على إسرائيل في السابع من أكتوبر، تعرضت القوات الأمريكية وأعضاء السلك الدبلوماسي الأمريكي في العراق وسوريا لما يقرب من 180 هجومًا من قبل الميليشيات، وبالنظر إلى عدم وقوع قتلى أمريكيين قبل هجوم 28 يناير - مارست إدارة بايدن ضبط النفس. وإذا ردت على الإطلاق، فإنها عادة ما تنتقم بضرب أهداف في سوريا. ومع ذلك، ففي الثاني من فبراير، ضربت القوات الأمريكية 85 هدفاً في العراق وسوريا، شملت قاعدتين للميليشيات في محافظة الأنبار العراقية، وفي 5 فبراير اغتالت قائدًا كبيرًا في »كتائب حزب الله« - الجماعة المسؤولة عن الهجوم في الأردن - في هجوم بطائرة وسط مدينة بغداد.

وأثارت الضربات الأمريكية رد فعل قويا في العراق من الأصدقاء والأعداء على حد سواء.

وفي الوقت نفسه، أصدرت الحكومة العراقية بيانًا على موقع »إكس« )المعروف سابقًا باسم »تويتر«( اتهمت فيه القوات الأمريكية والتحالف الدولي ضد تنظيم »داعش« بـ»تعريض الأمن والاستقرار في العراق للخطر«. وذهب الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول إلى أبعد من ذلك، مشيرًا إلى أن الإجراءات الأمريكية التي »تهدد السلام المدني« سترغم الحكومة العراقية على »إنهاء مهمة هذا التحالف« الذي »يهدد بجر العراق إلى دائرة الصراع«. وقد رددت هذه المشاعر الكتلة السياسية، والتي طلبت من الحكومة إنهاء وجود التحالف الدولي.

ويقينًا، أن المطالبات بإنهاء الوجود العسكري الأمريكي في العراق ليست جديدة. فمنذ أن تبنت إدارة ترامب حملة الضغط القصوى ضد إيران في عام 2018 والهزيمة الإقليمية اللاحقة لتنظيم »داعش« في العراق في عام 2019، كانت ميليشيات »الحشد الشعبي« تستهدف الأفراد الأمريكيين في العراق على أمل إرغامهم على الانسحاب. وقد شهدت الهجمات مراحل مد وجزر - حيث ازدادت بعد اغتيال قائد »الحرس الثوري الإيراني« قاسم سليماني، وتضاءلت بعد إعادة تصنيف القوات الأمريكية من قوات »قتالية« إلى قوات »تدريب وتجهيز« - لكن التهديد كان مستمرًا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia