Al-Watan (Saudi)

مساعٍ لتحقيق السلام

- مايكل سينج *معهد واشنطن

عندما اندلعت حرب غزة في العام الماضي، سرعان ما أصبحت عائقًا رئيسيًا أمام أجندة السياسة الأمريكية الطموحة والإيجابية في الشرق الأوسط. ولم تكن هذه الأجندة متعلقة حصراً أو حتى بشكل رئيسي بتعزيز مكانة إسرائيل في المنطقة، بل بالأحرى بتوجيه ضربة استراتيجية لمحور مايسمى »المقاومة« وتعزيز شبكة واشنطن من الشركاء وسط تصاعد المنافسة بين القوى العظمى على الصعيد العالمي.

الزعماء العرب مصرون على اعتراف الولايات المتحدة بالدولة الفلسطينية من جانب واحد عند بداية أي مساعٍ لتحقيق السلام، دون انتظار الموافقة الإسرائيلي­ة. وغالبًا ما تتم صياغة هذا الطلب ليعكس نفاذ الصبر العربي من المفاوضات السابقة التي أثبتت أنها تستغرق وقتًا طويلًا وغير مثمرة في النهاية.

ومع ذلك، فإن الاعتراف أحادي الجانب محكوم عليه بالفشل في الولايات المتحدة ويُعد خطوة سياسية غير حكيمة. فإعلان دولة فلسطينية دون اتفاقيات بشأن حدودها أو عاصمتها أو علاقاتها الأمنية مع إسرائيل يمكن أن يؤدي إلى تفاقم الوضع المتردي أساسًا بين الطرفين ويمهد الطريق لترسّخ النزاع. ومن وجهة نظر إسرائيل، فإن نتائج قراراتها بالانسحاب من جنوب لبنان في عام 2000 ومن غزة في عام 2005 تثبت عدم جدوى الإعلان ببساطة عن حل المشكلة من دون التفاوض على ترتيبات لحفظ السلام.

بالرغم من هذه العقبات والقيود، لدى الولايات المتحدة ما يكفي من الأسباب لمواصلة المضي قدمًا في تنفيذ أجندتها الدبلوماسي­ة التي تعود لما قبل السابع من أكتوبر. وفي الواقع، بقدر ما كان هجوم السابع من أكتوبر يعكس سعيًا لعرقلة هذه الأجندة، فإن لدى واشنطن الآن سببًا أكبر لمتابعة هذه الأجندة. وبالرغم من أن أزمة غزة أدت إلى تعقيد الوضع، فإنه لا يزال بإمكان التطبيع العربي مع إسرائيل أن يسهم في تعزيز السلام - وبالإضافة إلى الترتيبات الرسمية بشأن الحدود والأمن ومسائل أخرى، فإن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني يتطلب أيضًا سردية التعايش المشترك لمواجهة رواية »حماس« القائمة على المظالم والانتقام، مع تقارب تصورات التهديد الإسرائيلي­ة والعربية حتى مع عودة المنافسة بين القوى العظمى إلى المنطقة وتحوّل الاهتمام الأمريكي بعيدًا عنها. فعلى مدى عقدين من الزمن حتى الآن، شرعت الولايات المتحدة في سلسلة من جهود السلام الإسرائيلي­ة الفلسطينية المتسرعة، والتي أدت مجتمعة إلى تأخير عملية السلام. إن الصبر هو ما يحتاج إليه الجميع اليوم.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia