Al-Watan (Saudi)

دروس في إستراتيجية التغيير والتحول وفلسفة الذات

- عبدا7 الزازان

ظهرت فكرة القيادة التحويلية مع بدايات القرن الواحد والعشرين، وذلك بعدما اعتبرت إحدى المرتكزات الأساسية للتغيير غير المحدود عندما أصبحت لدى الناس قناعات تحد من قدراتهم حول إمكاناتهم معتقدين أنهم لن يحققوا نجاحا في المستقبل ما داموا لم ينجحوا في الماضي.

فعندما نعتقد أننا أخفقنا في العيش بالمقاييس التي نريدها لحياتنا، وطبقا لنظرتنا لأنفسنا، فإن الفجوة بين أفعالنا ومن نكون هي القوة الدافعة للتغيير، فعملية التغيير تحتاج إلى إرادة وقياده قادرة على إدارة التغيير بكفاءة وإلهام ودافعية وتحفيز بشكل خلاق.

ولكن لماذا لا نتغير مع أننا ندرك الشعور الإيجابي بفكرة التغيير؟ لأننا نربط الكلفة الذهنية والعاطفية والمالية والفكرية بخيار التغيير، لكن علينا أن نعكس المعادلة، ليكون التغيير جذابا وممتعا، ونوسع معلوماتنا ومهاراتنا وقدرتنا على خلق التغيير.

فإذا ما كنا نريد أن نغير شيئا ما في حياتنا، فإن التغيير سيكون بإحدى طريقتين: إما بتغيير شعورنا وإما بتغيير سلوكنا، أو بطريقة ثالثة، تغيير قناعاتنا، وفي هذه الحالة نكون مصدر عواطفنا وقناعاتنا وسلوكنا.

أذكر أنني قرأت حوارا فلسفيا صريحا جرى بين الدكتور جاي فينلي وأحد قرائه أو مريديه:

هنالك أوقات أشعر فيها بأنني قادر على ما يبدو لي أنني أعيش الحياة بطريقتي، وتأتي أوقات أخرى أشعر فيها بأني غير كذلك.. هل تدرك ما أعنيه؟

نعم أدرك ذلك، ولكن هل يمكن أن تكون أكثر تحديدًا؟

فأنا مثلا لا أفهم سبب ترددي في الحديث إلى بعض الناس، بينما هناك آخرون لا أكف عن الحديث معهم، وأحيانا أقوم بأداء خدمات لأناس لا أرغب مطلقا في أدائها، وقد أجد نفسي بالفعل في أماكن لا أحب أن أوجد فيها، ومع ذلك لا أغادرها.

فكيف يمكن لشخص ما أن يكون قادرًا على السيطرة على حياته، وبعد لحظة واحدة يجد أن حياته أصبحت في يد شخص آخر؟

الحقيقة أنك منشغل في اللاوعي بمشاعر الآخرين نحوك أكثر من انشغالك بمشاعرك الحقيقية. لقد كنت دائما تعتقد أنه كلما زاد استحسان الناس لك زاد استحسانك لذاتك، وكلما قل استحسان الآخرين لك زاد شعورك بالشك في ذاتك، وهذا هو سبب اعتقادك أنه يتعين عليك إسعاد الآخرين، ولذلك أصبح استحسان الآخرين لك أحد الطرق الداعمة لحياتك.. تلك الطريقة التي اعتمدت عليها طيلة حياتك، والتي جعلتك تعتقد دون وعي أنه لن تكون حياة من غير وجود أحد يقوم باستحسانك.

لكن من المؤكد أنك لا تقصد أن هنالك خطأ في أن يحظى المرء باستحسان الآخرين، أليس كذلك؟

بلى، فهذا يحدث بشكل تلقائي وصحي في أي علاقة إنسانية طبيعية، لكن هنالك فارق كبير بين أن يحظى المرء باستحسان الآخرين وأن يبحث عن استحسانهم، حيث ينبغي أن نكون على يقظة تامة لعملية استحسان الآخرين لنا.

الماكرون يفهمون مدى عمق وتأثير القوى التي تدفعنا للبحث عن استحسان الآخرين. وهم يستغلون هذه المعرفة.

من كان يخطر بباله أن تكون هذه المشكلة بهذا العمق؟

إنها ليست عميقة، وكل ما هنالك أنها غير واضحة لك، فسبب بحثنا ولهفتنا وراء استحسان الآخرين رغبتنا في الشعور بالاطمئنان بأن ما نقوم به هو الصحيح، هذا هو السبب الرئيسي وراء تحكم الآخرين غالبًا في حياتنا، ولهذا السبب لا تتخيل في أن الآخرين أسمى مكانة منا أو أن العالم أقوى بكثير منا، ولكن توحدك مع فكرة أن الكيفية التي تشعر بها تجاه نفسك تتوقف على الكيفية التي يشعر بها الآخرون اتجاهك، فعندما لا تعرف الكيفية التي تواجه بها ذاتك دائما سيكون هناك من يسعده أن يملي عليك ما تقوم به.

ويمكن لكل إنسان سئم من إتاحة الفرصة للآخرين كي يملوا عليه الكيفية التي يشعر بها أن يحظى بالاستقلال الحقيقي.

عندما نبدأ في التساؤل على هذا النحو، فهنالك فرصة للتغيير، حيث إن لم نتقبل حقيقة حياتنا، فلن يتغير شيء، لذا يجب أن نجد الشجاعة لنعرف أننا ينبغي أن نغير الطريقة التي نستقبل بها الحياة، لأنه من دون تقليص مظاهر البدائية لا يمكن الحديث عن حركة تبدل حضاري.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia