Al-Watan (Saudi)

صراع الفصائل مستمر كما قبل حرب غزة

-

شهر رمضان والتوتّرات حول المسجد الأقصى والقيود المفروضة على المصلّين، الاقتحامات المنهجية اليومية للمدن والبلدات وما يتخللها من أعمال قتل (433 ضحية) واعتقال (7555 شخصاً) وتنكيل وتخريب، تزايد الاعدامات الميدانية حتى للأطفال، هجمات المستوطنين على القرى وترهيبهم السكان لإجبارهم على النزوح، تكثيف القرصنة لأموال السلطة والتضييق الاقتصادي تحديداً على التجارة والعمالة، معاملة وحشية مبرمجة للمعتقلين... كل ذلك مجرد عينات من خطط إسرائيلية متداخلة يعتمدها المستويان السياسي والعسكري، وتتقصّد »تفجير« الضفة الغربية والمضي الى درجة أعلى من التصعيد وافتعال حال عنف وفوضى تبرّر لقوات الاحتلال تشديد الحصارات توسيع الاستيطان واستباحة كل شيء. وإذا كان سياسيو اليمين المتطرّف لم يخفوا نية تهجير فلسطينيي غزّة، بل يعملون على تطبيقها، فإنهم أشاروا مراراً، وعلناً، الى أنهم يهندسون مصيراً مماثلاً لفلسطينيي الضفة الغربية.

خلال لقائه مع ممثلي الفصائل الفلسطينية المجتمعين في موسكو أخيراً، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن »العملية العسكرية (الإسرائيلي­ة) الجارية في الضفة ليست أقلّ خطورة منها في غزّة«. وعلى رغم أن بيان ممثلي الفصائل أعلن استمرارها في العمل لتحقيق »وحدة وطنية شاملة تضم القوى والفصائل الفلسطينية كافة في إطار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني«، فقد كان واضحاً أن اجتماعها لم يتوصّل الى أي »توافق« جديد يستجيب لضخامة التحديات التي فرضتها الحرب على غزّة. لذلك استعادت الفصائل، لا سيما »فتح« و«حماس«، التراشق السياسي في ما بينها، على خلفية تكليف محمد مصطفى تشكيل حكومة جديدة. بل عادت الفصائل الى لغة »ما قبل غزّة« عندما كان الانقسام الفلسطيني في أبهى/ أقبح أيامه، كما لو أن الكارثة التي حلّت بالقطاع مجرّد تفصيل محسوب في الصراع المستمرّ على السلطة.

كان أغرب اتهام وجهته »حماس« للسلطة أنها »تتفرّد« بالقرار، علماً بأن حتى حلفاء الحركة في »محور الممانعة« اتهموها بانها تفرّدت بقرار عملية »طوفان الأقصى« لينأوا بأنفسهم عن تداعياته الكارثية. ومع أن »حماس« والفصائل تطالب بـ »توافق وطني« على أي حكومة مقبلة، إلا أنها برهنت في موسكو وقبل موسكو استحالة مثل هذا التوافق، لأنها في الأساس تحاور طرفاً فلسطينياً ترفضه وتريد خلعه والتخلّص منه، معتبرةً أنها كانت ولا تزال البديل الأصلح.

في المقابل، هناك حكومات إسرائيل أمضت زمناً طويلاُ، بكلّ تلوّناتها اليمينية الاستيطاني­ة، لم تفكّر خلاله في أي »خطة سلام« بل في مشاريع لإخضاع الفلسطينيي­ن وتوظيف انقساماتهم كأفضل ذريعة لعدم التفاوض معهم على أي »تسوية«، معتقدةً أنهم سيستسلمون في نهاية المطاف لإطالة عمر الاحتلال، كونه أفضل من انقسامهم. وخلال الحرب المستمرّة على غزّة كُشفت أوراق كثيرة، وكان أهمها وأكثرها شهرة تلك التي يقول فيها بنيامين نتانياهو أنه سمح لقطر بتمويل حركة »حماس« كي يحافظ على الانقسام والانفصال بين الضفة والقطاع، ويحبط سعي السلطة الفلسطينية الى إقامة دولة فلسطينية. * ينشر بالتزامن مع موقع

»النهار العربي «

 ?? ?? عبدالوهاب بدرخان
عبدالوهاب بدرخان

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia