Al-Watan (Saudi)

ما تفسير عدم تركيز داعش على فلسطين

في الوضع الحالي، ليس من المستغرب أن تنظيم »الدولة اCسلامية« لم يغير أنماطه ا/يديولوجية أو العملياتية في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر.

- إيلانا وينتر معهد واشنطن *

كان الهجوم المفاجئ الذي شنته حركة »حماس« في السابع من أكتوبر على إسرائيل بمثابة منصة للمجموعات الجهادية حول العالم من أجل إعادة تنشيط عمليات التجنيد والدعاية فيها. فسرعان ما أعلنت المنظمات المتطرفة العنيفة السنية، مثل »هيئة تحرير الشام« و»طالبان« و»القاعدة«، تضامنها مع الجهاد ضد إسرائيل واليهود. إلا أن تنظيم »داعش« كان بطيئًا في تنظيم الاستجابة، على الرغم من مكانته كإحدى المنظمات الجهادية الأشهَر والأكثر انتشارًا في العالم.

وما قد يفسر جزئيًا رد الفعل المتحفظ الذي أبداه تنظيم »داعش« هي أيديولوجيت­ه الأساسية، التي طالما أعطت الأولوية لإقامة الخلافة والسيطرة الإقليمية، على القضية الفلسطينية. وفي الواقع، كان تنظيم »داعش« على مر السنين ينتقد مرارًا وتكرارًا حركة »حماس« بسبب أجندتها القومية وتحالفها مع إيران. وفي المقابل، ركّز تنظيم »القاعدة« منذ فترة طويلة على القضية الفلسطينية في أيديولوجيت­ه، التي تدعو إلى طرد الكيانات غير المسلمة من المناطق الإسلامية التقليدية، وسارع التنظيم لاحقًا بالثناء على »مجاهدي فلسطين«، في الأسبوع الذي تلا أحداث 7 أكتوبر.

وفي الوقت نفسه، هناك عامل آخر وراء الاستجابة البطيئة لتنظيم »داعش« تتمثل في افتقاره إلى وجود تنظيمي داخل إسرائيل وفلسطين، ربما بسبب قوة القطاع الأمني في إسرائيل ووجود مجموعات منافسة من قوميين فلسطينيين وجهات فاعلة غير حكومية إسلامية وجهادية في غزة والضفة الغربية. فنظرًا إلى هذا النقص في القدرات، تمحورت استجابة تنظيم »داعش« لأحداث السابع من أكتوبر حول حجة أن الهجمات على الأهداف داخل مناطق عملياته الموجودة مسبقًا ما زالت تشكل مساهمةً في القضية الفلسطينية، على الرغم من عدم ضرب أهداف يهودية أو إسرائيلية بشكل مباشر.

يفسر عدم تركيز تنظيم »داعش« على فلسطين البطء في استجابته لهجوم أكتوبر، وحتى عندما حدث ذلك، كانت رسائله وعملياته متسقة إلى حدٍ كبيرٍ مع الأنماط السائدة ما قبل هذا التاريخ، مما يعكس عدم مرونة أولوياته الأيديولوج­ية. وقد ظهر الرد الأولي لتنظيم »داعش« على ذلك الهجوم في صحيفته الأسبوعية »النبأ«. أما المقال الافتتاحي الأول ما بعد 7 أكتوبر فلم يعترف بالهجوم صراحةً، بل أشار فحسب إلى حاجة المسلمين إلى الجهاد من أجل دعم بعضهم البعض في أوقات المعاناة. وبعد أسبوع، أي في 19 أكتوبر، كان تنظيم »داعش« أقل حذرًا، إذ نشر مقالًا افتتاحيًا في صحيفة »النبأ« بعنوان »خطوات عملية لقتال اليهود«، حيث اعتبر أن المسلمين عليهم أولًا محاربة الأنظمة العربية التي تعمل بمثابة »خطوط وجُدر الدفاع المتقدمة« عن الدولة اليهودية من أجل تدمير إسرائيل. وفي هذا المقال، زعم تنظيم »داعش« أنه يقوم بدوره لمساعدة الفلسطينيي­ن المسلمين من خلال مهاجمة الأنظمة »المرتدة« غير الإسلامية.

إلا أن هذا الخطاب وهذه الدعوة إلى العمل لم يؤديا إلى أي رد متواصل على الأرض حتى 4 يناير، عندما دعا تنظيم »داعش« أتباعه رسميًا إلى تنفيذ حملة هجومية عالمية. ففي رسالة صوتية بعنوان »واقتلوهم حيث ثقفتموهم«، دعا المتحدث الرسمي باسم تنظيم »داعش«، أبو حذيفة الأنصاري، مقاتلي التنظيم بالتحديد إلى مهاجمة الأهداف المسيحية واليهودية قائلًا لهم: »لا تفرقوا بين كافر مدني أو عسكري.« ومع أنه من المعروف أن تنظيم »داعش« يروج مرة في السنة لهذا النوع من الحملات العالمية، تُعتبَر هذه الدعوة إلى العمل جديرة بالملاحظة، لأنه وجهها بعد أن تجنبها للمرة الأولى في يناير من العام الماضي لأول مرة منذ عقدٍ تقريبًا.

في الوضع الحالي، ليس من المستغرب أن تنظيم »داعش« لم يغير أنماطه الأيديولوج­ية أو العملياتية في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، ففي حين تغيرت رسائل التنظيم في محاولة لربط أنماطه العملياتية الحالية بالنزاع في غزة، يواصل التنظيم الترويج لمواقفه السابقة المناهضة للشيعة والتكفيريي­ن، كما توقف عن مناقشة الوضع في غزة، وهو ما يتناقض مرة أخرى بشكل حاد مع موقف تنظيم القاعدة. وقد نفذ »تنظيم داعش في ولاية خراسان« عمليات التصعيد الأساسية في العمليات، ويشير العدد الكبير من المخططات التي خطط لها في نهاية شهر ديسمبر إلى نمو قدرة التنظيم على القيام بعمليات خارجية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia