Al-Watan (Saudi)

ا رشيفات النووية

- مايكل سينج * معهد واشنطن

لا تمثل الضربات التي تشنها الميليشيات الوكيلة لإيران في مختلف أنحاء الشرق الأوسط التصعيد الوحيد الذي بدأته إيران منذ هجوم حركة »حماس« في 7 أكتوبر، إذ عمد النظام أيضاً إلى تصعيد أنشطته النووية في الداخل. وتتزامن هذه التطورات في المجال النووي مع اتخاذ طهران موقف أكثر تشدداً في سياستها الداخلية، وتجاهلها المتزايد للتحذيرات الأمريكية، واصطفافها المتزايد إلى جانب روسيا والصين، كما يتضح من ارتفاع مبيعاتها من النفط إلى بكين والمعدات العسكرية إلى موسكو.

للوهلة الأولى، قد يبدو العنوان الرئيس للتقرير الأخير الصادر عن »الوكالة الدولية للطاقة الذرية« مشجعاً. فقد خفضت إيران مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60 % خلال الفترة المشمولة بالتقرير والممتدة من نوفمبر 2023 حتى فبراير 2024. لكن هذه النتيجة حجبت الصورة الأكبر التي ليست وردية على الإطلاق.

في الواقع، زادت إيران مخزونها الإجمالي من المواد المخصبة وضاعفت »معدل« إنتاجها من اليورانيوم بنسبة 60 %. وقد حدث الانخفاض في مخزونها بنسبة 60 % لأن طهران »خفضت تركيز« بعض هذه المواد في الوقت عينه إلى 20 %، مما أدى إلى إنشاء مخزون كبير من المواد التي يمكن تعزيزها من جديد إلى 60 % أو أكثر بسرعة كبيرة نسبياً نظراً لنشر النظام المتزايد لأجهزة الطرد المركزي المتطورة. وتتمثل النتيجة النهائية لهذه الخطوات في أن إيران أصبح بإمكانها الآن إنتاج ما يكفي من اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة لصنع قنبلة نووية واحدة في أسبوع واحد فقط، وما يكفي لإنتاج سبعة أسلحة نووية في شهر واحد. بعبارة أخرى، يمكنها إنتاج ما يكفي من المواد لصنع قنبلة قبل أن يكتشف المفتشون جهودها هذه.

بطبيعة الحال، ستحتاج إيران إلى مزيد من الوقت -نحو ستة أشهر بحسب بعض التقديرات- لتحويل اليورانيوم المستخدم في صنع الأسلحة إلى سلاح قابل للاستخدام. لكن ذلك يجب ألا يطمئن صناع السياسات كثيراً. فإلى جانب تقدمها النووي، تضيّق طهران تعاونها مع »الوكالة الدولية للطاقة الذرية« بشكلٍ مطّرد. وقد رفضت تقديم إجابات قابلة للتصديق على أسئلة الوكالة حول الأنشطة النووية غير المعلنة في المواقع النووية المشتبه بها، بما في ذلك العديد من المواقع التي كشفت عنها »الأرشيفات النووية« التي أخرجها عملاء إسرائيليون بشكلٍ سري من الجمهورية الإسلامية في عام 2018. كما قامت أيضاً »بإلغاء تصنيف« محققي »الوكالة الدولية للطاقة الذرية« المخضرمين ولم تخطر الوكالة مسبقاً ببناء منشأة نووية جديدة. ويدعو ذلك للقلق بشكلٍ خاص نظراً لإمكانية استخدام منشأة جديدة أخرى، مدفونة على عمق كبير بالقرب من نطنز، في الأعمال المتعلقة بالأسلحة النووية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia