Al-Watan (Saudi)

ديمقراطية الغرب

- بندر بن عبدا. بن محمد

ما هي الديمقراطي­ة؟ ولماذا لم تنجح في بلاد العرب؟ وهل الغرب ديمقراطيته­م ناجحة؟ هذه تساؤلات في محلها ومشروعة لمن يتساءل، ولكنها عبثية لمن يجلد الذات بتلك الدمقراطية، والأسوأ من ذلك على من يستغلها لإصدار فكره المشين لتشويه ما تفعله دولنا وبالأخص السعودية ودول الخليج.

سأبدأ في جواب تلك الأسئلة حسب فهمي لها، ولدت الديمقراطي­ة في مجتمع صغير قبل قيام المجتمعات الزراعية في أوروبا، وقد كان عددهم قليلًا ما بين 55 إلى 200 فرد من ذوي النفوذ، والذين كانوا مرتبطين بأصول عائلية، وقد سماها الكتّاب المتأخرون في القرون الماضية بالديمقراط­ية البدائية.

ولدت تلك المسماة بالديمقراط­ية في بلاد اليونان عام 507 تقريبًا قبل الميلاد، وقد وجدت تلك الجماعات طريقة الحكم على من يعملون في تلك المزارع، وتدرجت في تلك العوائل من ديمقراطية بداية إلى الأرستقراط­ية (الأغنياء) إلى الملكية ثم الدكتاتوري­ة المطلقة، تعتبر أثينا مهدًا لتلك الحركة، وتعتبر مرجعًا للديمقراطي­ة، وقد تحولت تلك الديمقراطي­ة إلى فلسفة (سولون) من قبل أهل أثينا والمسمون (الإثنيون) بقي أن نعرف ما هي فلسفة سولون؟

فلسفة سولون الديمقراطي­ة، كان سولون فيلسوفًا من أثينا في عام (638 ق.م – 558 ق.م) من أصل نبيل وشاعر وصنف من قبل الكتاب الغربيين بأنه أحد حكماء العالم! وتتلخص تلك الفلسفة في (التوفيق بين الأطراف جميعهم في المجتمع الإثنوي، من خلال تخفيف معاناة الأغلبية الفقيرة دون إزالة جميع امتيازات الأقلية الغنية، وقسم الاثنين إلى أربع فئات مع حقوق وواجبات مختلفة لكل فئة، وأصر على حق المواطنين جميعهم في حضور الندوات الاستشارية والتصويت، وأصبحت هذه الندوات أو الجلسات في ذلك المجلس الشعبي والمسمى »الإكلسا« الهيئة التشريعية السيادية والمشرعة للقوانين، وانتخاب المسؤولين ومناقشة قرار المحاكم) هذا تأسيس الديمقراطي­ة في أثينا.

ننتقل إلى المجتمع الروماني، رغم أن هذا المجتمع لا يصنف بالديمقراط­ي، إلا أن نفوذها وتاريخها ساعد في الحفاظ على مفهوم الديمقراطي­ة وتكريس ذلك المفهوم عبر القرون الماضية، ونرى أن أوروبا وغيرها تقلد النموذج الروماني أكثر من النموذج اليوناني.

قبل أن أتطرق إلى عدم نجاح الديمقراطي­ة بالبلاد العربية، أتطرق إلى مفهوم الغرب الظاهر والدفين لتلك الديمقراطي­ة.

المفهوم الظاهر؛ لقد عمدت حكومات الغرب، وبعد القرن السابع عشر ـ الذي اشتهر بالقضاء حسب قولهم على الحكومات الدكتاتوري­ة ـ في إظهار فلسفة سولون التي تؤكد حق مواطنيها بالانتخابا­ت لحكوماتهم، واستخدمته حكومات الغرب للتعبير عن نزاهتها في إجبار الحكومات الأخرى على اتباع ما تنص عليه ديمقراطية سولون.

المفهوم الدفين؛ تجد حكومات الغرب ـ والغرب أقصد به كل من اتبع مفهوم الغرب مثل اليابان وغيرها ـ ضالتها في نشر مصالحها باستخدام مفهومها الظاهر »ديمقراطية سولون« واستخدام ديمقراطية روما غير الديمقراطي­ة لنفسها في ما عدا الانتخابات الرئاسية وغيرها، وأسمي انتخابات القطب الأكبر في الغرب »أمريكا« بالانتخابا­ت (الفبرايرية) وذلك أن السنة الكبيسة تأتي كل أربع سنوات وكذلك الانتخابات الرئاسية الأمريكية، ويرشح الممثل الرئاسي من قبل القطبين الجمهوري والديمقراط­ي، ويبقى على أفراد المجتمع الأمريكي أن يحدد اختياره في ما اختاره له الحزبان، وكذلك الانتخابات النصفية لممثلي الشعب المختار من الحزبين! أما سياسات بلادهم فهي ثابتة! كما قال الشاعر السعدي:

من لم يمت بالسيف مات بغيره .... تعددت الأسباب والموت واحدُ.

وقد نجح الغرب في جعل الديمقراطي­ة المعلنة من قبلهم وسيلة، والغاية هي مفهومهم الخفي أو الدفين! هنا نأتي، لماذا ديمقراطية الغرب لم تنجح في الدول العربية؟ والسبب أن من ضمن مفهوم الديمقراطي­ة هو الانتخابات والتي استخدمها الغرب كوسيلة، أصبحت في مجتمعاتنا العربية كغاية! فعندما تستحدث الدول العربية برلمانات منتخبة أصبحت دولة ديمقراطية أي أنها جعلت في الانتخابات غاية وليست وسيلة!

لقد بثت المجتمعات الغربية في دولنا العربية سمومها في فلسفة »سولون« ووجدت كثيرًا من المتلقين لتلك السموم، وهم ينعمون بالأمن والأمان! لقد قالها عدونا الصهيوني »إن العرب لا يقرؤون« ولدينا أعظم كتاب من خالق هذا الكون، والذي أوصله لنا رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو القرآن، ومن آياته {وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أحَْسَنُ حَتَّىٰ يَبْلُغَ أشَُدَّهُ وَأوَْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَىٰ وَبِعَهْدِ اللهِ أوَْفُوا ذَٰلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} فالأساس هو العدل، فلنعمل عليه ولننجي مجتمعاتنا.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia