Al-Watan (Saudi)

اليوم التالي في شمال غزة

ديفيد ماكوفسكي

- * معهد واشنطن

ينبع الإحباط الأمريكي من افتقار نتنياهو إلى خطة واضحة لما بعد الحرب. فالمسؤولون الإسرائيلي­ون لا يريدون احتلال غزة أو تحمّل مسؤولية الشؤون المدنية هناك إلى أجل غير مسمى. ووفقاً لبعض التقارير أن غالانت، مردداً وجهات نظر مؤسسة الدفاع الأوسع نطاقاً، قد أخبر الكابينت الحربي أنه لا يمكن إدارة المنطقة إلا من قبل »حماس« أو »فتح« )أي »السلطة الفلسطينية« عملياً). لكن نتنياهو يتعرض لمعارضة من قبل وزراء اليمين المتطرفين وعناصر أخرى لا تريد عودة »السلطة الفلسطينية« إلى غزة.

يمكن لقوات دولية أوعربية أن تتولى أدواراً مؤقتة قائمة على المشاريع مثل تأمين الإمدادات الغذائية وتوزيع المساعدات، ولكن ليس هناك بديل طويل الأمد عن »السلطة الفلسطينية« أو »فتح«. فالمسؤولون المقربون من نتنياهو يعترفون سراً بأن أعضاء »فتح« يجب أن يشكلوا العمود الفقري لسلطة الحكم الانتقالية في غزة التي تضم نحو 20000 عضو، لكنهم لا يريدون أن يتلقى هؤلاء الأفراد توجيهاتهم من »السلطة الفلسطينية« أو أن يحصلوا على رواتبهم منها. إلّا أن المسؤولين الأمريكيين أشاروا عن حق إلى أنه بدون قيادة بديلة مقنعة في مرحلة ما بعد الحرب، سرعان ما سينجذب سكان غزة من جديد إلى »حماس«.

وفي النهاية، قد لا تسمح البيئة السياسية الساخنة في إسرائيل للحكومة بدعم دور »السلطة الفلسطينية« علناً في غزة. ومع ذلك، يتعين على واشنطن أن تشجع على الشروع في محادثات خاصة حول هذه القضايا مع كل من المؤسسة الأمنية الفلسطينية والحكومة الجديدة »للسلطة الفلسطينية« برئاسة رئيس الوزراء محمد مصطفى.

ويخشى نتنياهو من أن تقوم العناصر اليمينية المتشددة أو العناصر الوسطية بقيادة زعيم المعارضة الفعلي بيني غانتس بإسقاط حكومته بناءً على شكاوى مختلفة، مفادها أنه »ليّن« للغاية في خوض الحرب، وأنه لن يدعم موقفهم المفضل، مهما كان هذا الموقف، فيما يتعلق بتجنيد اليهود المتشددين، أو أي قضايا أخرى. وتُعتبر مخاوفه غير مبررة نظراً للاحتجاجات المتزايدة في الداخل ودعوة غانتس لإجراء انتخابات مبكرة. ويعتقد نتنياهو أيضاً أن الرئيس بايدن لا يهتم بما يكفي بهذه الاحتياجات السياسية.

لكن بايدن تكبد مراراً وتكراراً مخاطر سياسية مع الديمقراطي­ين التقدميين بسبب دعمه القوي لإسرائيل، وبالتالي لا يفهم على الأرجح سبب عدم استعداد نتنياهو لتحمل مخاطر مماثلة مع اليمين الإسرائيلي. وفي نهاية المطاف، يجب أن يدرك رئيس الوزراء أن قرارات السياسات الأمريكية الحاسمة للأمن الإسرائيلي، مثل الموافقة على مبيعات الأسلحة والتأكد من أن الأسلحة الأمريكية لا تُستخدم بطرق تنتهك القانون الدولي، تتطلب جهداً سياسياً شاقاً من جانب واشنطن. ولتخفيف هذا العبء، يتعين على اسرائيل أن تفعل كل ما في وسعها على الجبهة الإنسانية.

ويعتقد المسؤولون الأمريكيون أن مواقف نتنياهو بشأن القضايا الإنسانية وقضايا »اليوم التالي« تحركها رغبته باسترضاء سموتريش وبن غفير أكثر مما تحركها أي خلافات جوهرية مع واشنطن. لكن المسؤولين الإسرائيلي­ين يعتبرون أن إدارة بايدن لا تفهم مدى تأثير الصدمة المستمرة الناتجة عن 7 أكتوبر على المشاعر العامة. وفي الواقع، يعتقد نتنياهو أن سياسته الإنسانية تتجاوز أصلاً ما يدعمه الجمهور حالياً.

المقالات تعبر عن وجهة نظر كتابها ولا تعبر عن رأي الصحيفة

Newspapers in Arabic

Newspapers from Saudi Arabia