ﻋﻮﳌﺔ اﻟﺬﺋﺎب

ﻣﺮض ﻋﺎﳌﻲ. ﻫﻜﺬا وﺻﻒ ﺑﻮرﻳﺲ ﺟﻮﻧﺴﻮن، وزﻳﺮ ﺧﺎرﺟﻴﺔ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻴﺎ، ﻣﺴﻠﺴﻞ اﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻹرﻫﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻧﻔﺬﻫﺎ ﺷﺒﺎن ﻣﺠﻬﻮﻟﻮن ﻓﻲ ﻫﺬه اﳌﺪﻳﻨﺔ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ أو ﺗﻠﻚ. ﻣﺮض ﺗﻨﺘﻘﻞ ﻋﺪواه ﻣﻦ دون ﺗﻤﺎس ﺟﺴﺪي، ﻳﻠﺘﻘﻄﻪ أﻓﺮاد ﺿﻌﻴﻔﻮ اﳌﻨﺎﻋﺔ، ﻣﺨﺪوﻋﻮن، ﺟﻬﻠﺔ، ﻳﺴﻤﻮﻧﻬﻢ اﻟﺬﺋﺎب اﻟﻮﺣﻴﺪة.

واﳌــﺴــﺎرح دوارة وﻗــﺪ ﺑـﺎﺗـﺖ ﻛﺜﻴﺮة. ﻟـﻨـﺪن، ﺑـﺎرﻳـﺲ، ﺳــﻴــﺎﺗــﻞ، ﻣـــﺪرﻳـــﺪ، ﺑــﺮوﻛــﺴــﻞ، أورﻻﻧـــــــﺪو، ﻧــﻴــﺲ، وأﺧــﻴــﺮا ﻣﻴﻮﻧﻴﺦ. واﳌـﻤـﺜـﻠـﻮن ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﺗـﺪرﻳـﺒـﺎ ﻃــﻮﻳــﻼ. ﺧﺬ ﺳﻼﺣﺎ واﺧﺮج ﻣﻨﻔﻠﺘﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻌﺒﺎد، واﻏﺮس ﻓﻴﻬﻢ ﺣﻘﺪك وﻛـﻞ ﺗﻌﻘﻴﺪاﺗﻚ. وﺑﻌﺪ ﺳﺎﻋﺎت ﺳﺘﻜﻮن ﺻﻮرﺗﻚ ﻓﻲ ﻛﻞ ﺻﺤﻒ اﻟﻌﺎﻟﻢ وﻋﻠﻰ ﻛﻞ اﻟﺸﺎﺷﺎت. وﺳﻴﻌﻜﻒ اﳌﺤﻠﻠﻮن ﻋﻠﻰ ﺗﻔﺴﻴﺮ دواﻓﻌﻚ. وﺳﻴﻨﺸﻐﻞ اﳌﺤﻘﻘﻮن ﺑﺘﺘﺒﻊ ﺳﻴﺮﺗﻚ واﺳـﺘـﺠـﻮاب أﺑـﻴـﻚ وأﻣــﻚ واﻋـﺘـﻘـﺎل أﺷـﻘـﺎﺋـﻚ وأﺻـﺪﻗـﺎﺋـﻚ. وﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻜﻮن أﻧﺖ ﻗﺪ ﻓﺎرﻗﺖ اﻟﺤﻴﺎة ﻳﻜﻮن اﻟﻠﻘﺐ ﻗﺪ اﺳﺘﻘﺮ ﻋﻠﻴﻚ: ذﺋﺐ وﺣﻴﺪ.

إﻧﻬﺎ ﻋﻮﳌﺔ اﻟﺬﺋﺎب اﻟﻮﺣﻴﺪة. ﺗﻨﻘﻠﻬﺎ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻓﻴﺘﺤﻤﺲ ﻟﻬﺎ اﻟﻔﺎﺷﻠﻮن ﻏﻴﺮ اﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﻮاﺻﻞ ﻣﻊ اﳌﺠﺘﻤﻊ، اﻟﻌﺎﺟﺰون ﻋﻦ اﻟﺤﺐ. ﻫﺮﻣﻮﻧﺎت ﻓﻮارة ﻻ ﺗﺠﺪ ﻣﻨﻔﺬا ﻟﻬﺎ إﻻ ﻓﻲ اﻻﻧﺘﻘﺎم ﻣﻦ اﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻋﻠﻰ اﻟﻔﺮح واﻷﻟﻔﺔ واﻟﺤﺐ. ﻓﺎﻟﺬﺋﺐ ﻳﻄﻠﻖ ﻧﻴﺮاﻧﻪ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺎح ﻓﻲ ﻧﺰﻫﺎﺗﻬﻢ، وزوار اﳌﺘﺎﺣﻒ، وﻣﺮﺗﺎدي ﻣﺴﺎرح اﳌﻮﺳﻴﻘﻰ، واﳌﺘﺮﻳﻀﲔ ﻓﻲ اﳌﻘﺎﻫﻲ، واﳌﺤﺘﻔﻠﲔ ﺑﻌﻴﺪ وﻃﻨﻲ، واﻷﻃﻔﺎل اﻟﺴﻌﺪاء ﺑﺄﺻﺎﺑﻊ اﻟﺒﻄﺎﻃﺎ ﻓﻲ ﻣﻄﺎﻋﻢ اﻟﻮﺟﺒﺎت اﻟﺴﺮﻳﻌﺔ. ذﻟﻚ أن اﻷﻣﺎن ﻳﻘﻠﻖ اﻟﺬﺋﺐ. وﺣﺐ اﻟﺤﻴﺎة ﻳﺼﻴﺒﻪ ﺑﺎﻟﺤﻜﺔ.

ﻗـﻴـﻞ ﻟـﻨـﺎ إن اﻟــﻌــﻮﳌــﺔ ﻫــﻲ ﻓــﺎﻧــﻮس ﻋــﻼء اﻟــﺪﻳــﻦ اﻟــﺬي ﺟﺎء ﻣﻦ »أﻟﻒ ﻟﻴﻠﺔ«، وﻫﻮ ﻛﻔﻴﻞ ﺑﺤﻠﻮل ﺷﺎﻣﻠﺔ ﳌﺸﻜﻼت ﻫﺬا اﻟﻌﺼﺮ. إﻧﻬﺎ اﻗﺘﺼﺎد وﺳﻴﺎﺳﺔ وﻃﺐ وﺗﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ وﻓﻨﻮن وﻓﻀﺎﺋﻴﺎت وإﻃـﻼﻟـﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻮاﻛﺐ اﻷﺧــﺮى. ﻟﻦ ﻳﻌﻴﺶ اﻟﻔﺮد ﻣﻌﺰوﻻ وﻻ اﻟﺸﻌﻮب واﻷﻣﻢ. وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ، ﺻﺎر ﺣﺬاء اﻟﺮﻳﺎﺿﺔ اﻟﺬي ﻳﺮﺗﺪﻳﻪ وﻟﺪ ﻓﻲ ﻫﻮﻧﻎ ﻛﻮﻧﻎ وأوﺗﺎوا ﻫــﻮ ذاﺗــــﻪ اﻟــــﺬي ﻳــﺮﺗــﺪﻳــﻪ وﻟـــﺪ ﻓــﻲ اﻟــﺒــﺼــﺮة وﻧــﻮاﻛــﺸــﻮط. اﳌﻄﺎط ﻣﻦ اﳌﻜﺴﻴﻚ واﻟﺮﺑﺎط ﻣﻦ اﺳﻜﻮﺗﻠﻨﺪا واﻟﻘﻤﺎش ﻣﻦ اﻟﻴﺎﺑﺎن واﳌﺼﻤﻢ ﻓﺮﻧﺴﻲ واﻟﻴﺪ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺻﻴﻨﻴﺔ واﻟﻌﻼﻣﺔ أﻣﻴﺮﻛﻴﺔ. ﻳﻤﺸﻂ ﺻﺒﻲ ﻛﻨﺪي دﻟﻮﻋﺔ ﻳﺪﻋﻰ ﺟﺎﺳﱳ ﺑﻴﺒﺮ ﺷﻌﺮه ﻓﻲ اﻟﺼﺒﺎح، أو ﻻ ﻳﻤﺸﻄﻪ، ﻓﻴﻘﻠﺪ ﺗﺴﺮﻳﺤﺘﻪ ﻓﻲ اﳌﺴﺎء ﺻﺒﻴﺎن ﻓﻲ اﻟﻜﻮﻳﺖ وﺳﻨﻐﺎﻓﻮرة وﻧﻴﺮوﺑﻲ.

ﺑﻬﺮﺗﻨﺎ اﻟﻌﻮﳌﺔ وﺧﻔﻨﺎ ﻣﻨﻬﺎ، ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ، واﻋﺘﺒﺮﻧﺎﻫﺎ ﻏﺰوا ﺛﻘﺎﻓﻴﺎ. وﻧﺤﻦ ﻻ ﻳﺆرﻗﻨﺎ ﺷﻲء أﻛﺜﺮ ﻣﻦ ﺑﻌﺒﻊ اﻟﻐﺰو اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﻲ. ﺛــﻢ أﻏـﺮﺗـﻨـﺎ ﺛـﻤـﺎرﻫـﺎ واﺳﺘﺴﻠﻤﻨﺎ ﻟـﻬـﺎ. وﺷﻴﺌﺎ ﻓـﺸـﻴـﺌـﺎ راح ﻳـﺘـﺒـﺪى وﺟـﻬـﻬـﺎ اﻵﺧــــﺮ. إﻧــﻬــﺎ ﺳـﻠـﺔ واﺣـــﺪة. وﻟﻴﺲ ﻓﻲ وﺳـﻊ اﻷﻣــﻢ اﺧﺘﻴﺎر ﻣﺎ ﻳﻌﺠﺒﻬﺎ ﻣﻨﻬﺎ. ﻓﺄﻧﺖ ﺣﲔ ﺗﻌﻮﻟﻢ اﻟﺘﺠﺎرة واﻻﺗﺼﺎﻻت ﺗﻜﻮن ﻗﺪ ﻋﻮﳌﺖ اﻟﻬﺎﺗﻒ اﻟﺬﻛﻲ واﻟﻄﻴﺎرة واﻟﻔﻴﺎﻏﺮا واﻟﻔﻼﻓﻞ. وﺣـﲔ أﻗــﻮل أﻧﺖ، ﻓﺈﻧﻨﻲ أﻇﻠﻤﻚ وأﻟﻮي ﻋﻨﻖ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ. ﻓﻬﻢ اﻟﺬﻳﻦ ﻳﻌﻮﳌﻮن، ﻓﻲ اﻟﺒﻼد اﻟﺼﻨﺎﻋﻴﺔ واﳌﺘﻘﺪﻣﺔ. أﻣﺎ أﻧﺖ وأﻧﺎ وﻧﺤﻦ ﻓﻼ ﻧﻤﻠﻚ أن ﻧﻌﻮﻟﻢ ﻣﻨﺠﺰا، اﻟﻠﻬﻢ ﺳـﻮى ﻫـﺬا اﻹرﻫــﺎب اﻟﺬي ﺻﺎر، ﺷﺌﻨﺎ أم أﺑﻴﻨﺎ، ﻣﺎرﻛﺔ إﺳﻼﻣﻴﺔ. ﺣﺘﻰ إن ﺳﺎﺋﺤﻨﺎ ﺑﺎت ﻳﺨﺸﻰ أن ﻳﺤﻤﻞ ﺑﻴﺪه ﺻﺤﻴﻔﺔ ﻋﺮﺑﻴﺔ ﻟﺌﻼ ﻳﺼﺒﺢ ﻣﺸﺒﻮﻫﺎ. أو أن ﻳﺮﺗﺪي زﻳﺎ وﻃﻨﻴﺎ ﻓﻴﺘﻌﺮض ﻟﻼﻋﺘﻘﺎل. أو أن ﻳﺘﻜﻠﻢ ﺑﻠﻐﺘﻪ ﻓﻲ اﻟﻬﺎﺗﻒ ﻓﻴﺮﻓﺾ اﳌﺴﺎﻓﺮون اﻷﺟﺎﻧﺐ أن ﻳﺮﻛﺐ ﻣﻌﻬﻢ اﻟﻄﺎﺋﺮة ذاﺗﻬﺎ.

واﻟـــﺬﺋـــﺎب ﻟــﻴــﺴــﻮا ﻣـﺴـﻠـﻤـﲔ ﺟــﻤــﻴــﻌــﺎ، وﻻ ﻛـﻠـﻬـﻢ ﻣﻦ اﳌﻬﺎﺟﺮﻳﻦ. وﻓـﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣـﻦ ﺟﺎﻣﻌﺎت أﻣﻴﺮﻛﺎ وﻣﺪارﺳﻬﺎ ﻛﺎن ﻣﻄﻠﻖ اﻟﻨﺎر ﻣﻦ أﻫﻞ اﻟﺒﻼد، ﻃﺎﻟﺐ ﻣﻦ اﻟﻄﻼب، ﻳﺸﺘﺮي ﺳـﻼﺣـﺎ وﻳـﺬﻫـﺐ إﻟــﻰ اﻟـﺼـﻒ ﻻ ﻟـﻴـﺪرس ﺑـﻞ ﻟﻴﻘﺘﻞ. وﻣﻦ اﻟﻌﻠﻢ ﻣﺎ ﻗﺘﻞ. ﻟﻜﻦ اﻟﺬﺋﺎب اﳌﻨﻔﺮدﻳﻦ ﺗﺴﻤﻮا ﻓﻲ ﺣﺎﻻت ﻛﺜﻴﺮة ﺑﺄﺳﻤﺎء ﻋﺮﺑﻴﺔ وإﺳﻼﻣﻴﺔ. وﺻـﺎر ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري اﻹﻗـــﺮار ﺑــﺄن وراء ﻛـﻞ ذﺋــﺐ ﺻﻐﻴﺮ ذﺋـﺒـﺎ ﻛـﺒـﻴـﺮا ذا ﺻﻮت ﺟﻬﻮري ﻳﻌﺘﻠﻲ اﳌﻨﺎﺑﺮ، ﻳﺤﺮض وﻳﺒﺸﺮ ﺑﺎﻟﻜﺮاﻫﻴﺔ وﻳﺪﻓﻊ ﻧﺤﻮ اﳌﻮت.

اﻟﻜﻞ ﻳﻘﻮل إﻧﻬﺎ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺤﺴﻢ وﻗـﺪ ﺗﺄﺧﺮت ﻛﺜﻴﺮا ﺣﺘﻰ ﺑﻠﻎ اﻟﺴﻴﻞ اﻟــﺰﺑــﻰ. وأﻧــﺎ أﻋــﺮف اﻟﺴﻴﻞ ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻻ أﻓﻬﻢ اﻟﺰﺑﻰ. إن ﻋﻠﻰ ﻣﻦ ﺧﺮﺑﻬﺎ أن ﻳﺼﻠﺤﻬﺎ. ﺣﺎن وﻗﺖ إﻋــﺎدة اﻟﺪﻳﻦ إﻟـﻰ ﻧﺼﺎﺑﻪ وﺟﻌﻠﻪ رﺣﻤﺔ ﻟﻠﻌﺎﳌﲔ. وإذا ﻛﺎﻧﺖ ﻫـﺬه ﻣﻦ ﻣﻬﻤﺎت اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت واﳌــﺪارس ووﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋـــﻼم وأوﻟــﻴــﺎء اﻷﻣـــﻮر، ﻓــﺈن ﻣـﻦ ﻏﻴﺮ اﳌـﺠـﺪي اﻧﺘﻈﺎر اﻟﺘﺼﺤﻴﺢ ﻣﻦ رﺟﺎل دﻳﻦ ﺟﻤﻌﻮا اﻟﺜﺮوات وﻫﻢ ﻳﻄﻠﻘﻮن اﻟﺬﺋﺎب ﻋﻠﻰ اﻷﺑﺮﻳﺎء وﻳﻌﻠﻤﻮﻧﻬﻢ ﻋﺾ اﻟﻴﺪ اﻟﺘﻲ آوﺗﻬﻢ وﻣﻨﺤﺘﻬﻢ ﺳﻘﻔﺎ.