ﺑﲔ ﺣﺪﻳﻘﺔ اﻟﻔﻴﻼ واﻟﻘﺒﻮ... ﻣﺪﻧﻴﻮن ﻳﻌﺎﻧﻮن ﻓﻲ ﻏﺮب اﳌﻮﺻﻞ
ﺟﻨﻮد ﻳﺤﺘﻤﻮن ﺑﺎﳌﻨﺎزل ﰲ اﻟﻘﺘﺎل ﺿﺪ »داﻋﺶ«
ﻓــﻲ ﺣـﺪﻳـﻘـﺔ ﻓـﻴـﻼ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻏﺮب اﳌﻮﺻﻞ وﻏﻴﺮ ﺑﻌﻴﺪ ﻣﻦ ﺟﺒﻬﺔ اﻟﻘﺘﺎل، ﻳﻘﺒﻊ ﺛﻼﺛﺔ ﺟﻨﻮد ﻋﺮاﻗﻴﲔ ﻋﻠﻰ ﺳﻠﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺎرة. ﻓﻲ اﻷﺛﻨﺎء ﻳﺘﻨﺎول أﺑﻮ ﻣﺮﻳﻢ وأﺳﺮﺗﻪ وﺟﺒﺘﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﻘﺒﻮ اﻟﺬي ﻳﻌﻴﺸﻮن ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ.
ﻳــــﻘــــﻊ ﻣـــــﻨـــــﺰل ﻫــــــــﺬا اﳌــــﻮﻇــــﻒ )٦٤ ﻋـــﺎﻣـــﺎ( ﻋــﻨــﺪ أﺳـــﻔـــﻞ اﻟــﺠــﺴــﺮ اﻟـــﺮاﺑـــﻊ اﻟــــﺬي اﻧــﻘــﺴــﻢ ﻧـﺼـﻔـﲔ ﻓﻲ ﻧﻬﺮ دﺟـﻠـﺔ، ﺣﺴﺐ ﺗﻘﺮﻳﺮ ﻟﻮﻛﺎﻟﺔ اﻟﺼﺤﺎﻓﺔ اﻟﻔﺮﻧﺴﻴﺔ. واﺳﺘﻌﺎدت اﻟـــــﻘـــــﻮات اﻟـــﻌـــﺮاﻗـــﻴـــﺔ ﻣــــﺆﺧــــﺮﴽ ﻫـــﺬا اﻟﺠﺴﺮ وﺗﺤﺎول اﻟﺘﻘﺪم ﻓﻲ ﻏﺮب اﳌـــﻮﺻـــﻞ ﻟــﻄــﺮد اﳌــﺘــﻄــﺮﻓــﲔ وذﻟـــﻚ ﺑــﻌــﺪﻣــﺎ اﺳــﺘــﻌــﺎدت ﻧــﻬــﺎﻳــﺔ ﻳـﻨـﺎﻳـﺮ )ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ( ﻛﺎﻣﻞ أﺣﻴﺎء ﺷﺮق اﳌﻮﺻﻞ. وﺑﺪت ﻓﻲ اﳌﻨﺎزل اﻷﻧﻴﻘﺔ ﻟﻠﺤﻲ اﳌﻘﻔﺮ ﻧﻮاﻓﺬ ﻣﺪﻣﺮة وأﺑﻮاب ﻣﻘﺘﻠﻌﺔ. وﻧـــﺎدرﴽ ﻣـﺎ ﺗﻈﻬﺮ وﺟـﻮه أﻃـــﻔـــﺎل ﻣـــﻦ ﺧــﻠــﻒ اﻟـــﻨـــﻮاﻓـــﺬ. وﻓــﻲ ﺑﻬﻮ ﻣـﺮآب ﺑﺪت ﺳﻴﺎرة ﻣﺘﻔﺤﻤﺔ، وﻓــــﻲ آﺧــــﺮ ﺛــــﻼث ﺟــﺜــﺚ ﳌﺴﻠﺤﲔ ﻣﺘﻄﺮﻓﲔ ﻣﻨﺒﻄﺤﲔ.
ﻗﺎل أﺑﻮ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﺮﺗﺪي ﺳـــــــﺮواﻻ ﻓــﺎﺗــﺤــﴼ وﺳـــﺘـــﺮة ﺳــــﻮداء »أﺧﺸﻰ أن ﺗﺴﻘﻂ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻗﺬﻳﻔﺔ«. وأﺛـــﻨـــﺎء ﺣــﺪﻳــﺜــﻪ دوى اﻧــﻔــﺠــﺎران اﻫـﺘـﺰت ﻟﻬﻤﺎ ﺟـــﺪران اﳌـﻨـﺰل اﻟـﺬي ﻓﻘﺪ ﻛﻞ زﺟﺎﺟﻪ. ﺗﺨﻠﻰ أﺑـﻮ ﻣﺮﻳﻢ وزوﺟـــــﺘـــــﻪ وأﻃـــﻔـــﺎﻟـــﻬـــﻤـــﺎ اﻟــﺜــﻼﺛــﺔ )أﺻـﻐـﺮﻫـﻢ ﻋـﻤـﺮﻫـﺎ أرﺑــﻌــﺔ أﺷـﻬـﺮ( وﺟـــــﺎرة ﻓـــﻲ اﻟــﺜــﻤــﺎﻧــﲔ ﻣـــﻦ اﻟـﻌـﻤـﺮ ﻳﺆووﻧﻬﺎ ﻣﻨﺬ ٥١ ﻳﻮﻣﴼ، ﻋﻦ ﻣﻄﺒﺦ اﻟﻔﻴﻼ اﻟﻔﺴﻴﺢ وﺻﺎﻟﻮﻧﻬﺎ اﻷﻧﻴﻖ وﺷﺎﺷﺔ اﻟﺘﻠﻔﺎز اﳌﺴﻄﺤﺔ اﳌﻌﻠﻘﺔ ﻋـﻠـﻰ اﻟـــﺠـــﺪار واﻟـــﻐـــﺮف اﻟﻔﺴﻴﺤﺔ ﻓــﻲ اﻟــﻄــﺎﺑــﻖ اﻷرﺿــــــﻲ، ﻟﻴﺤﺘﻤﻮا ﺑﺎﻟﻘﺒﻮ.
ﻓـﻲ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻳـﺮﺗـﺎح اﻟﺠﻨﻮد وﻳﺮﺗﺸﻔﻮن ﺷﺎﻳﺎ أﻋﺪه أﺑﻮ ﻣﺮﻳﻢ. واﺗــــﺨــــﺬ ﺟـــﻨـــﺪي ﻣــﻮﻗــﻌــﴼ ﻟــــﻪ ﻋـﻠـﻰ أرﺟـــﻮﺣـــﺔ ﻣـــﻦ اﻟــﺤــﺪﻳــﺪ اﻷﺑــﻴــﺾ. واﺟﺘﺎﺣﺖ ﻋﺸﺐ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ ﻗﻮارﻳﺮ ﻣﻴﺎه ﻓﺎرﻏﺔ ﻣﻦ اﻟﺒﻼﺳﺘﻴﻚ وﻋﻠﺐ اﻟﺒﻮﻟﻴﺴﺘﻴﺮﻳﻦ اﻟﺘﻲ ﺟﻠﺒﻮا ﻓﻴﻬﺎ وﺟﺒﺎﺗﻬﻢ. وﻳﺆﻛﺪ أﺑﻮ ﻣﺮﻳﻢ: »ﻟﻘﺪ ﻓﺘﺸﻮا اﳌﻨﺰل ﻋﻨﺪ وﺻﻮﻟﻬﻢ، إﻧﻬﻢ ﻣــﻬــﺬﺑــﻮن«. وﻓـــﻲ رﻛـــﻦ ﻣــﻦ اﻟـﻘـﺒـﻮ رﺻــﻔــﺖ أرﺑـــﻌـــﺔ أﺳـــــﺮة ﺟــﻨــﺒــﴼ إﻟــﻰ ﺟــﻨــﺐ ﻗــﺒــﺎﻟــﺔ ﺗــﻠــﻔــﺎز ﺻــﻐــﻴــﺮ ﻳﺒﺚ أﺧﺒﺎرﴽ.
وﻓﻲ اﻟﺠﺎﻧﺐ اﻵﺧﺮ ﻣﻦ اﻟﻐﺮﻓﺔ وﺿـﻌـﺖ ﻋــﺸــﺮات ﻣــﻦ ﻗــﻮارﻳــﺮ ﻣـﺎء اﻟﺸﺮب ﻋﻠﻰ ﻃﺎوﻟﺔ ﻣﻄﺒﺦ وﺿﻌﺖ ﻋﻠﻴﻬﺎ أﻳﻀﴼ أﻛـﻴـﺎس أرز وﺑﺮﻏﻞ. ووﺿــــﻊ ﻣــﻮﻗــﺪ ﻏـــﺎز ﻋــﻠــﻰ اﻷرض ﻟﻠﻄﺒﺦ. ﻳﻘﻮل أﺑﻮ ﻣﺮﻳﻢ: »ﻻ ﻧﺼﻌﺪ إﻻ ﻋﻨﺪ اﻟﺬﻫﺎب ﻟﻠﺤﻤﺎم ﻣﻨﺬ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻊ ﺑﺪء ﺳﻘﻮط اﻟﻘﺬاﺋﻒ ﻋﻠﻰ اﳌﻨﻄﻘﺔ«. وﺳﻘﻄﺖ ﻗﺬﻳﻔﺘﺎن ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻄﺢ وﺛﺎﻟﺜﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﻘﺔ.
وﺗـــﻘـــﻮل اﻟــــﺠــــﺎرة ﺳــﻬــﻴــﺮ )٢٨ ﻋـــﺎﻣـــﴼ( ﻣـﺴـﺘـﻠـﻘـﻴـﺔ ﻋــﻠــﻰ ﺳــﺮﻳــﺮﻫــﺎ واﺿــﻌــﺔ ﺷــﺎﻻ ﻋـﻠـﻰ ﻛﺘﻔﻴﻬﺎ أﻧﻬﺎ ﻟـــــﻢ ﺗــــﺮﻏــــﺐ ﻓـــــﻲ ﻣـــــﻐـــــﺎدرة اﻟــﺒــﻴــﺖ اﻟﺬي ﺗﻘﻴﻢ ﻓﻴﻪ ﻣﻨﺬ أرﺑﻌﲔ ﻋﺎﻣﴼ. وﻗـﺎﻟـﺖ ﻧـﺎﻇـﺮة اﳌـﺪرﺳـﺔ اﳌﺘﻘﺎﻋﺪة إن أﻗــﺎرﺑــﻬــﺎ »رﺟـــﻮﻧـــﻲ ﻣـــــﺮارﴽ )أن أﻏﺎدر( ﻟﻜﻨﻨﻲ ﻻ أﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ إﻻ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻲ وﻻ أرﻳﺪ أن أﻛﻮن ﻋﺒﺌﴼ« ﻋـــﻠــﻰ أﺣــــــﺪ. ﻟــﻜــﻨــﻬــﺎ رﺿـــﺨـــﺖ ﻣـﻊ اﻗﺘﺮاب اﻟﻘﺼﻒ وﻗﺒﻠﺖ اﻻﻧﻀﻤﺎم إﻟﻰ أﺳﺮة أﺑﻮ ﻣﺮﻳﻢ، »ﻗﻠﺖ ﻟﻨﻔﺴﻲ )ﺳﺄﻣﻮت وﺣﻴﺪة(«.
ﻣــــﺜــــﻞ ﻛــــﺜــــﻴــــﺮﻳــــﻦ ﻣــــــﻦ ﺳـــﻜـــﺎن اﳌﻮﺻﻞ ﻳﻘﻮل أﺑﻮ ﻣﺮﻳﻢ إﻧﻪ ﺷﻌﺮ ﺑﺎﻟﺮاﺣﺔ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ اﳌﺘﻄﺮﻓﲔ اﻟﺬﻳﻦ اﺣﺘﻠﻮا اﳌﻮﺻﻞ ﻓﻲ ﻳﻮﻧﻴﻮ )ﺣـﺰﻳـﺮان( ٤١٠٢. وأوﺿــﺢ اﻟﺮﺟﻞ اﻟــــــــﺬي رﻓــــــﺾ ﺗــــﺼــــﻮﻳــــﺮه ﺧــﺸــﻴــﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎم »ﻣـﻊ داﻋــﺶ ﻛـﺎن اﻟﻮﺿﻊ رﻫـﻴـﺒـﴼ. ﻫــﻢ ﻳﺤﺎﺳﺒﻮﻧﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺷـﻲء: ﻟﺤﻴﺘﻚ وﻣﻼﺑﺴﻚ وﻃﺮﻳﻘﺔ ﺳﻴﺮك«. وأﺿــﺎف: »ﻣـﺮة ﺳﺄﻟﻮﻧﻲ ﳌــــﺎذا ﺗـــﺮﺗـــﺪي اﺑــﻨــﺘــﻲ ﺳـــــﺮواﻻ ﻣﻊ أﻧـﻬـﺎ ﺗـﺮﺗـﺪي ﻓـﻮﻗـﻪ ﻋـﺒـﺎءة ﻃﻮﻳﻠﺔ وﻏﻄﺎء رأس. إﻧﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﺷﺮة ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺮ!!«، ﻣﺸﻴﺮﴽ إﻟﻰ ﻣﺮﻳﻢ. وأﻛﺪ: »ﻧﺮﻳﺪ أن ﺗﺘﺤﺮر اﳌﻮﺻﻞ ﺑﺄﺳﺮﻫﺎ وأن ﻧﺴﺘﻌﻴﺪ اﻷﻣﻦ«.
ﺧﺎرج اﳌﻨﺰل ﺗﺤﺘﺪم اﳌﻌﺎرك. وﻋــﻠــﻰ ﺑــﻌــﺪ أﻣـــﺘـــﺎر أﻃــﻠــﻘــﺖ ﻗـــﻮات اﻷﻣــﻦ اﻟـﻨـﺎر ﻋﻠﻰ ﺳـﻴـﺎرة ﻣﻔﺨﺨﺔ ﻟﺘﻨﻔﺠﺮ ﻣﺨﻠﻔﺔ أﻟﺴﻨﺔ ﻟﻬﺐ ﻫﺎﺋﻠﺔ. وﺑﻌﺪ دﻗﺎﺋﻖ ﻣﻦ ذﻟﻚ أﻃﻠﻖ ﺟﻨﺪﻳﺎن ﺟــﺎﺛــﻴــﺎن ﻋـﻠـﻰ ﻋـﺸـﺐ ﺣـﺪﻳـﻘـﺔ أﺑـﻮ ﻣﺮﻳﻢ اﻟﻨﺎر ﺑﻜﺜﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﺴﻤﺎء ﻋﻠﻰ ﻃﺎﺋﺮة ﺑﻼ ﻃﻴﺎر أرﺳﻠﻬﺎ اﳌﺴﻠﺤﻮن »اﻟﺠﻬﺎدﻳﻮن« ﻹﻟﻘﺎء ﻣﺘﻔﺠﺮات.
ﺛﻢ ﺳﺎد ﻫـﺪوء ﻧﺴﺒﻲ ﻟﻴﻈﻬﺮ أﺑــــــــﻮ ﻣـــــﺮﻳـــــﻢ ﻓــــــﻲ ﻋــــﻨــــﺪ ﻣــﻨــﻌــﻄــﻒ ﻃـﺮﻳـﻖ ﻗــﺎﺋــﻼ: »اﻷﻃــﻔــﺎل ﻳﺸﻌﺮون ﺑــﺎﻟــﺨــﻮف، ﺳـﻨـﺬﻫـﺐ ﻟـﻘـﻀـﺎء ﻟﻴﻠﺔ أو اﺛﻨﺘﲔ ﻋﻨﺪ ﺟﻴﺮاﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﺎرع ﺧﻠﻔﻨﺎ«.