اﳌﺴﺘﺸﺎرﻳﺔ اﻷﳌﺎﻧﻴﺔ... ﺟﺪل ورﻣﺰ ﻟﻠﻮﺣﺪة
ﻓﻲ ﻣﻄﻠﻊ ﺷﻬﺮ ﻣﺎﻳﻮ )أﻳﺎر( ﻣـــﻦ ﻋــــﺎم ١٠٠٢، دﺷــﻨــﺖ أﳌــﺎﻧــﻴــﺎ ﻣﺒﻨﻰ ﺟﺪﻳﺪا ﻟﻠﻤﺴﺘﺸﺎرﻳﺔ )ﻣﻘﺮ اﻟــﺤــﻜــﻢ(، ﺣـﻴـﺚ ﺗـﻠـﻘـﻰ اﳌﺴﺘﺸﺎر اﻷﳌـــــﺎﻧـــــﻲ )آﻧـــــــــــــﺬاك(، ﺟـــﻴـــﺮﻫـــﺎرد ﺷﺮودر، ﻣﻔﺎﺗﻴﺢ اﳌﺒﻨﻰ ﻣﻦ أﻛﺴﻞ ﺷﻮﻟﺘﺲ اﳌﻬﻨﺪس اﳌﻌﻤﺎري اﻟﺬي ﺻﻤﻤﻪ.
اﳌﺒﻨﻰ اﻟــﺬي ﻳﻌﺪ اﻷﻛﺒﺮ ﻣﻦ ﻧﻮﻋﻪ ﺣﻜﻮﻣﻴﺎ ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ، ﻣﻘﺎم ﻣﻦ اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺮﻣﻠﻲ واﻟﺨﺮﺳﺎﻧﺔ، وﻳـــــــﺒـــــــﺪو ﻻﻣــــــﻌــــــﺎ ﺗــــﺤــــﺖ أﺷـــﻌـــﺔ اﻟﺸﻤﺲ ﺧﻼل اﻷﻳﺎم اﳌﺸﺮﻗﺔ، إﻻ أن اﻟــﺨــﻼﻓــﺎت واﻟـــﺠـــﺪل ﺻﺎﺣﺒﺎ اﻻﻓﺘﺘﺎح، ﺑﻌﺪ أن اﻧﺘﻘﺪ اﻟﺒﻌﺾ اﳌﺒﻨﻰ واﻋﺘﺒﺮوه »ﻓﺨﻤﺎ أﻛﺜﺮ ﻣﻦ اﻟــﻼزم« ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﺪوﻟﺔ »ﺟﻌﻠﺖ اﻟـﺴـﻴـﻄـﺮة ﻋـﻠـﻰ اﻟــــﺬات رﻣـــﺰا ﻟﻬﺎ ﺑﻌﺪ ﻧﻬﺎﻳﺔ اﻟﻌﺼﺮ اﻟﻨﺎزي«.
وﻗــــﺪ وﺿــــﻊ ﺷـــــــﺮودر، اﻟـــﺬي ﺷــــﺎرك ﻓــﻲ ﻫـــﺬه اﻻﻧــﺘــﻘــﺎدات ﻣﻦ ﻗﺒﻞ، ﻧﻬﺎﻳﺔ ﻟﻠﺨﻼف ﺣﻮل اﳌﺒﻨﻰ ﻓــــﻲ ﺧــﻄــﺒــﺘــﻪ اﻻﻓــﺘــﺘــﺎﺣــﻴــﺔ ﺣـﲔ وﺻﻒ اﳌﺒﻨﻰ ﺑـ »اﻟﺮاﺋﻊ«. وأﺿﺎف ﻓﻲ ﻣﺤﺎوﻟﺔ ﻹزاﻟﺔ ﺗﻠﻚ اﳌﺨﺎوف: »إﻧﻨﺎ ﻟﻦ ﻧﺴﻴﻄﺮ ﻣﻦ ﻫﺬا اﳌﺒﻨﻰ، ﺑﻞ ﺳﻨﺤﻜﻢ... وﻫﻮ أﻣﺮ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﺗﻤﺎﻣﺎ«.
وأﻋــــــﻠــــــﻦ ﺷــــــــــــﺮودر أﻧــــــــﻪ ﻣــﻊ اﻓــﺘــﺘــﺎح اﳌــﺒــﻨــﻰ »اﻧــﺘــﻬــﺖ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧــﺘــﻘــﺎل اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﺔ إﻟــــﻰ ﺑــﺮﻟــﲔ«، ﻟﺘﻜﻮن ﺗﻠﻚ ﻫﻲ اﻟﺨﻄﻮة اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ اﻷﺧـــــﻴـــــﺮة ﻹﻋــــــﻼن اﻟـــــﻮﺣـــــﺪة ﺑـﲔ ﺷــﻄــﺮي أﳌــﺎﻧــﻴــﺎ اﻟــﻠــﺬﻳــﻦ ﺗــﻮﺣــﺪا ﺗﺤﺖ راﻳـﺔ وﺣﻜﻢ واﺣــﺪ. وﻛﺎﻧﺖ إﺟـــــــــﺮاءات اﻻﻧـــﺘـــﻘـــﺎل اﻟــﺤــﻜــﻮﻣــﻲ ﻣﻦ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑـﻮن )ﻋﺎﺻﻤﺔ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﻐﺮﺑﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ( إﻟﻰ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﺮﻟﲔ )ﻋﺎﺻﻤﺔ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺳﺎﺑﻘﺎ، ﺛﻢ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﳌـﻮﺣـﺪة ﻻﺣﻘﺎ( ﺑﺪأت ﻓﻲ ﺻﻴﻒ ﻋﺎم ٩٩٩١.
وﻣـــﻨـــﺬ ذﻟـــــﻚ اﻟــــﻮﻗــــﺖ وﺣــﺘــﻰ اﻓـﺘـﺘـﺎح ﻣﺒﻨﻰ اﳌﺴﺘﺸﺎرﻳﺔ، ﻇﻞ ﺷـﺮودر ﻳﻤﺎرس أﻋﻤﺎﻟﻪ ﻣﻦ اﳌﻘﺮ اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻟﻘﻴﺎدة أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟﺸﺮﻗﻴﺔ ﺑﻤﺪﻳﻨﺔ ﺑﺮﻟﲔ.
وﺗــﻢ ﺑـﻨـﺎء اﳌـﻘـﺮ اﻟـﺠـﺪﻳـﺪ ﻓﻲ ﻣـــﻮﻗـــﻊ ﻗـــﺮﻳـــﺐ ﻣـــﻦ ﺣـــﺎﺋـــﻂ ﺑــﺮﻟــﲔ اﻟﺴﺎﺑﻖ. وﻛــﺎن اﳌﺮﻛﺰ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ »اﻟــﺠــﺪﻳــﺪ« ﻳـﺴـﺘـﻬـﺪف اﳌﺴﺎﻫﻤﺔ ﻓــﻲ ﺗـﻘـﻠـﻴـﻞ اﻟــﻬــﻮة ﺑــﲔ اﻟــﺠــﺰأﻳــﻦ اﻟﺸﺮﻗﻲ واﻟـﻐـﺮﺑـﻲ ﻟـﺪوﻟـﺔ أﳌﺎﻧﻴﺎ اﻟــــﻔــــﻴــــﺪراﻟــــﻴــــﺔ اﻟــــﺤــــﺎﻟــــﻴــــﺔ. وذﻛـــــﺮ ﺷﻮﻟﺘﺲ، اﳌـﻌـﻤـﺎري اﻟــﺬي ﺻﻤﻢ اﳌﺒﻨﻰ، أن اﻟﺘﺼﻤﻴﻢ ﻳﻬﺪف إﻟﻰ إﺛــــﺎرة »اﻟــﺤــﻤــﺎس« ﻟﺪﻳﻤﻘﺮاﻃﻴﺔ أﳌــــﺎﻧــــﻴــــﺎ ﻓـــــﻲ ﻣـــﺮﺣـــﻠـــﺔ »ﻣــــــﺎ ﺑــﻌــﺪ اﻟﺤﺮب«، ﻟﻜﻦ اﳌﻬﻨﺪس أﺷﺎر ﻓﻲ اﳌــﻘــﺎﺑــﻞ إﻟـــﻰ ﺿــــﺮورة »ﻣــﻮاﺟــﻬــﺔ اﳌﺨﺎﻃﺮ اﻟـﺘـﻲ ﻳﺜﻴﺮﻫﺎ ﻣﺜﻞ ﻫﺬا اﳌﺒﻨﻰ«.
وﻳـــــــﺼـــــــﻞ ارﺗـــــــــﻔـــــــــﺎع ﻣـــﺒـــﻨـــﻰ اﳌﺴﺘﺸﺎرﻳﺔ ﻓﻲ ﺑﺮﻟﲔ إﻟﻰ ٥٣٫٤ ﻣــﺘــﺮ. وﻫــــﻮ ﻣــﻘــﺎم ﻋــﻠــﻰ ﻣـﺴـﺎﺣـﺔ ﺗــﺰﻳــﺪ ﻋــﻠــﻰ ٢١ أﻟـــﻒ ﻣــﺘــﺮ ﻣــﺮﺑــﻊ، ﻟﻴﻜﻮن اﳌﺒﻨﻰ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ اﻷﻛﺒﺮ ﻋــﺎﳌــﻴــﺎ، وﻳــــﺴــــﺎوي ﻧــﺤــﻮ ﻋــﺸــﺮة أﺿﻌﺎف ﻣﺴﺎﺣﺔ اﻟﺒﻴﺖ اﻷﺑﻴﺾ اﻷﻣﻴﺮﻛﻲ.
واﳌﺒﻨﻰ ﻣﻜﻮن ﻣﻦ ٨ ﻃﻮاﺑﻖ، ﺑﺤﻴﺚ ﻳﻀﻢ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻷول ﻗﺎﻋﺔ اﳌﺆﺗﻤﺮات، أﻣﺎ اﻟﻄﺎﺑﻘﺎن اﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟـــــﺜـــــﺎﻟـــــﺚ ﻓـــﻴـــﻀـــﻤـــﺎن اﳌــــﻌــــﺪات واﻷﺟـــــــــﻬـــــــــﺰة. ﺑـــﻴـــﻨـــﻤـــﺎ ﻳـــﺤـــﺘـــﻮي اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﺮاﺑﻊ ﻋﻠﻰ »ﻗﺎﻋﺔ ﻟﺪراﺳﺔ اﻷزﻣــــــــــــﺎت«، وﺗــــﻮﺟــــﺪ ﺑــﺎﻟــﻄــﺎﺑــﻖ اﻟــــــﺨــــــﺎﻣــــــﺲ ﻗــــــﺎﻋــــــﺔ ﻣــﺨــﺼــﺼــﺔ ﻟﻠﻤﺂدب، وﻓــﻲ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﺴﺎدس ﻗﺎﻋﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﺎت ﻣﺠﻠﺲ اﻟﻮزراء. ﻛﻤﺎ ﻳﻀﻢ اﻟﻄﺎﺑﻖ اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻜﺘﺐ اﳌــﺴــﺘــﺸــﺎر واﳌـــﺴـــﺘـــﺸـــﺎرﻳـــﺔ. أﻣــﺎ اﻟــﻄــﺎﺑــﻖ اﻷﺧـــﻴـــﺮ ﻓـﺨـﺼـﺺ ﳌﻘﺮ إﻗـــﺎﻣـــﺔ اﳌــﺴــﺘــﺸــﺎر اﻷﳌـــﺎﻧـــﻲ. وﻟــﻢ ﻳﻐﻔﻞ اﳌـﺼـﻤـﻤـﻮن إﻳــﺠــﺎد ﺟﻨﺎح ﻣﻨﻔﺼﻞ ﻟﻠﻤﻮﻇﻔﲔ.
وﻛـــــــﺎن اﻟـــــﺸـــــﺮوع ﻓــــﻲ ﺗــﻨــﻔــﻴــﺬ اﳌﺒﻨﻰ ﺑﺄﻣﺮ ﻣﻦ اﳌﺴﺘﺸﺎر اﻷﺳﺒﻖ ﻫﻴﻠﻤﻮت ﻛﻮل، اﻟﺬي أﻣﺮ ﺑﺒﻨﺎء ﻫﺬا اﳌــﺒــﻨــﻰ ﺑـﺘـﻜـﻠـﻔـﺔ وﺻــﻠــﺖ إﻟـــﻰ ٤١٢ ﻣــﻠــﻴــﻮن دوﻻر أﻣــﻴــﺮﻛــﻲ. وﻳــﻮاﺟــﻪ ﻣﻘﺮ اﳌﺴﺘﺸﺎرﻳﺔ ﻓـﻲ ﺑﺮﻟﲔ ﻣﺒﻨﻰ اﻟـــﺮاﻳـــﺨـــﺘـــﺎغ )اﻟــــﺒــــﺮﳌــــﺎن( اﻟـــــﺬي ﺗـﻢ ﺗﺠﺪﻳﺪه ﺑﺈﻗﺎﻣﺔ ﻗﺒﺔ زﺟﺎﺟﻴﺔ ﻓﻮﻗﻪ، ﺻﻤﻤﻬﺎ اﳌﻌﻤﺎري اﻟﺒﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﺳﻴﺮ ﻧـــﻮرﻣـــﺎن ﻓــﻮﺳــﺘــﺮ. واﳌــﺒــﻨــﻰ ﻟﻴﺲ ﺑــﻌــﻴــﺪا أﻳـــﻀـــﺎ ﻋـــﻦ »ﺑـــﺮاﻧـــﺪﻧـــﺒـــﺮغ« ﻣﺪﺧﻞ ﺑﺮﻟﲔ اﻟﺸﻬﻴﺮ.